وما رواه الهيثم بن عروة وقد تقدمت والرواية الأولى في طريقها عثمان بن عيسى والثاني في طريقها فهد بن زياد وهما ضعيفان احتج المرتضى بأنه أتى بالمأمور به فيجب الاجزاء لكنه أتى بالكراهية والشيخ أن يقول إذا كان مكروها لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله بيانا فتعين الآخر فيكون واجبا ونحن نقول قد بينا تحريم العكس في الوجه فيحرم هنا لعدم القائل بالفرق. [الثاني] الواجب في الغسل ما يحصل به مسماه كالدهن بشرط بقاء التسمية فيه وذلك بأن يصدق الجريان على الماء أما المسح فلا لأنه بالأول يكون ممتثلا بخلاف الثاني. [الثالث] لو انقطعت يده من دون المرفق غسل الباقي من محل الفرض وهو قول أهل العلم. لنا: ما رواه الشيخ عن رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الأقطع الرجل واليد كيف يتوضى؟ قال: يغسل ذلك المكان الذي قطع منه ورواه ابن يعقوب في كتابه في الحسن عن رفاعة أيضا وروى الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن الأقطع اليد والرجل قال: يغسلهما ولان غسل الجميع واجب بتقدير وجوده وذلك يستلزم وجوب غسل كل بعض فلا يسقط بعضه لفقدان البعض الآخر. [الرابع] لو انقطعت يده من المرفق سقط غسلها لفوات محل الغسلات وللشافعي في غسل العظم الباقي وهو طرف العضد وجهان أصحهما عنده الوجوب لان غسل العظمين المتلاقيين من العضد والمرفق واجب فإذا زال أحدهما غسل الأخرى ونحن نقول إنما وجب غسل طرف العضد توصلا إلى غسل المرافق ومع سقوط الأصل ينفى الوجوب لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضى؟ قال: يغسل ما بقي من عضده لأنا نقول هذه الرواية متنافية للاجماع فإن أحدا لم يوجب غسل العضد فيحمل على الاستحباب تشبيها بالغاسل أما لو قطعت يده من فوق المرفق سقط الغسل إجماعا لفوات المحل لكن يستحب غسل الباقي لما تقدم من الرواية وهو قول الشافعي. [الخامس] إذا كان أقطع اليد فوجد من يوضيه متبرعا لزمه ذلك لتمكنه وإن لم يجد إلا بالأجرة يقدر عليها فهل يجب ذلك أم لا؟ الوجه الوجوب للمتمكن أيضا كما يلزمه شراء الماء وقال بعض الجمهور لا يلزمه كما لو عجز عن القيام في الصلاة لا يلزمه استئجار من يعينه ويعتمد عليه ونحن يمنع الأصل ولو عجز عن الأجرة أو لم يجد من يستأجره صلى على حسب حاله كفاقد الماء والتراب وفي وجوب إعادة الصلاة إشكال. [السادس] لو خلق له يد زائدة وإصبع أو لحم نابت أو جلد منبسط في محل الفرض وجب غسله لأنه كالجزء منه فأشبه الثؤلول ولو كانت فوق المرفق كالعضد والمرفق لم يجب غسلها سواء كانت طويلة أو قصيرة لأنها خرجت عن محل الفرض فأشبهت شعر الرأس إذا نزل عن الوجه وقال الشافعي إن كان بعضها يحاذي محل الفرض غسل المحاذي منه وليس بشئ. [السابع] لو لم يعلم اليد الزائد من الأصلية وجب غسلهما جميعا لان غسل إحديهما تعيين وتخصيص إحديهما به ترجيح من غير مرجح فوجب الجميع كما لو نجس إحدى يديه ولم يعلمها بعينها. [الثامن] لو انقلعت جلدة من غير محل الفرض حتى نزلت من محل الفرض وجب غسلها لان أصلها في محل الفرض فأشبهت الا صبع الزائدة ولو انقلعت من محل الفر ض فعدلت من غير محل الفرض لم يجب غسلها قصيرة كانت أو طويلة بلا خلاف لأنها في غير محل الفرض كما لا يفسد الإصبع النابتة في غير محله ولو انقلعت من أحد المحلين فالتحم رأسها في الآخر ونفى وسطها متجاوزا صار حكمها حكم النابت في المحلين يجب غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها وباطنها وغسل ما تحتها من محل الفرض. [التاسع] لو قطعت يده من دون المرفق بعد الطهارة لم يجب غسل ما ظهر منها لان الطهارة لم يتعلق بموضع القطع وإنما كانت متعلقة بما كان ظاهرا من اليد وقد غسله. [العاشر] لو طالت أظفاره حتى خرجت عن سمت يده احتمل وجوب غسلها لأنه نادر و عدمه كاللحية وللشافعية الوجهان. [الحادي عشر] الوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته هل يجب إزالته مع عدم الضرر فيه إشكال فإن لقائل أن يقول إنه حائل عما يجب غسله ويمكن إزالته من غير مشقة فيجب كالسمع ويمكن أن يقال إنه ساتر عادة فكان يجب على النبي (صلى الله عليه وآله) بيانه ولما لم يبين دل على عدم الوجوب ولأنه يستر عادة فأشبه ما يستره الشعر من الوجه والأقرب الأول. [الثاني عشر] ذو الرأسين واليدين يغسل أعضائه مطلقا لان كل واحد من الوجهين يسمى وجها سواء علمت الزيادة أو لا وسواء حكم الشرع بوحدته أو بكثرته. مسألة: ويجب مسح الرأس بالنص والاجماع واختلفوا في قدر الواجب منه فقال مالك وأحمد (في أحد) قوليه يجب مسح الجميع وقال علماؤنا الواجب مسح البعض وهو مذهب الحسن والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وفصل أحمد في القول الآخر فأوجب الاستيعاب في حق الرجل دون المرأة وحكي عن محمد بن مسلم من أصحاب مالك أنه إن ترك قدر الثلث جاز وقال غيره من أصحابه إن ترك يسيرا بغير قصد جاز وحكي عن المزني أنه قال يجب مسح جميعه. لنا: قوله تعالى: (فامسحوا برؤسكم) وقد بينا أن " الباء " للتبعيض وما رواه الجمهور عن المغيرة بن شعبة أن النبي (صلى الله عليه وآله) مسح بناصيته وما رواه سعيد عن عثمان أنه مسح مقدم رأسه بيده مرة واحدة لم يستأنف له ماء جديدا حين حكى وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما رواه أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) توضى فوضع مقدم عمامته وأدخل يده تحتها فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ولا شك أن مسح جميع الرأس لا يتم مع رفع المقدم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ألا تخبرني من أين علمت وقلت أن المسح ببعض الرأس وبعض الرجل فضحك ثم قال يا زرارة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزلت به الكتاب من الله تعالى بقوله: (اغسلوا وجوهكم) فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل قال: (وأيديكم إلى المرافق) ثم فصل بين الكلامين فقال: (وامسحوا برؤسكم) فعرفنا حين وصلهما بالرأس إن المسح ببعض الرأس كان
(٥٩)