القربى فإنه يدفع إليه سهم المحضور وسهم ذوي القربى احتج الشافعي بقوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) وهو يدل على التغاير والجواب: التغاير ثابت وإن اتحد الشخص باعتبار تغاير الصفة.
* مسألة: وأقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول وهو خمسة دراهم ونصف دينار قاله الشيخان وابنا بابويه وأكثر علمائنا وقال سلار يجوز الاقتصار على ما يجب في النصاب الثاني وهو درهمان أو قيراطان وبه قال ابن الجنيد ولم يقدر علم الهدى ولا الجمهور والأشهر في الروايات ما ذكره الشيخان روى الشيخ عن أبي ولاد الخياط عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وهو أقل ما فرض الله من الزكاة في أموال المسلمين ولا يعطى أقل من خمسة دراهم فصاعدا وعن معاوية بن عمار و عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قالا قال لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة دراهم فإنها أقل الزكاة احتج سلار بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن أبي الصهبان قال كتبت إلى الصادق عليه السلام هل يجوز لي يا سيدي أن أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم فقد أشتبه ذلك علي فكتب ذلك جائز واحتج السيد المرتضى بقوله تعالى: (وآتوا الزكاة) وهذا الامر مطلق كما يجوز إعطاء الأكثر فكذا الأقل والجواب عن الأول: ان ما ذكرناه أكثر في الأحاديث ويشتمل على المشافهة وهذا الحديث يتضمن المكاتبة و المشافهة أولى ويحتمل أن يعطيه من النصاب. الثاني: والثالث: فإنه يجوز إذا أدى ما وجب من الأول لا الفقير أن يعطى ما وجب في النصاب الثاني إليه أو إلى غيره بحيث لا يعطى الفقير أقل بما وجب في النصاب الذي أخرج منه الزكاة وعن الثاني: أن الامر بالاتيان يدل على كيفيته فيرجع فيه إلى المنقول ولا حد لأكثر ما يعطى فإنه يجوز أن يعطى الواحد ما يزيد على غناه دفعة واحدة ولو أعطاه ما يغنيه حرم عليه أن يعطيه الزيادة وقد مضى ذلك. * مسألة: وينبغي أن يعطى زكاة الذهب والفضة والثمار والزروع أهل الفقر والمسكنة المعروفين بأخذ الزكوات وزكاة النعم أهل التجمل المشرفين فغني عن أخذها روى ذلك عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام صدقة الظلف والخسف تدفع إلى المتجملين من المسلمين وأما صدقة الذهب والفضة وما كيل بالقفيز مما أخرجت الأرض للفقراء المدقعين قال ابن سنان قلت وكيف صار هذا هكذا فقال لان المتجملين يستحيون من الناس فيدفع إليهم أجمل الامرين عند الناس ولو استحيى الفقير من طلبها استجيب أن يوصل بها ولا يعلم بأنها صدقة لان القدر الواجب الأداء وهو يتحقق بدون الاعلام وفي تركه تعظيم للمؤمن فكان مستحبا ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة ولا أسمي له أنها من الزكاة قال اعطه ولا تسم ولا تذل المؤمن. * مسألة:
ومن أعطي غيره مالا من الزكاة أو غيرها من الصدقات لتفرقها على الفقراء أو غيرهم من الأصناف فكان متصفا بالصفة التي اتصف بها من أمر بالتفرقة عليهم جاز له أن يأخذ مثل ما يعطى غيره إن لم يكن المالك قد عين له قوما بأعيانهم لأنه مأمور بالايصال إلى المستحقين وهو من جملتهم فكان داخلا تحت الامر ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن الحسين بن عثمان عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل أعطى مالا بالتفرقة فيمن يحل له أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه ولم يسم له قال قال يأخذ لنفسه مثل ما يعطى غيره وهل له أن يأخذ أكثر مما يعطى غيره أو يأخذ بأيسره ويمنع غيره منع الأصحاب منه لدلالة الحديث أما لو عين المالك أقواما بأعيانهم لم يجز له التخطي وإعطاء غيرهم ولا أن يشاء منهم إجماعا لان الأغراض قد تخلف وللمالك الخيرة في صرفه إلى من شاء فالتعدي حرام ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسمها ويضعها في مواضعها وهو ممن يحل له الصدقة قال لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره قال ولا يجوز له أن يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه. * مسألة: وينبغي للساعي إذا أراد التفرقة التشريك بين الأصناف ولو خص صنفا بل شخصا واحدا جاز على ما تقدم إلا أن الأفضل التشريك إذا ثبت هذا فإنه ينبغي أن يكتب أسماء الفقراء عنده ثم سمى الصدقات لان ذلك أحفظ لها فإذا أجباها أخذ سهمه لأنه يأخذ على طريق الأجرة والمعاوضة وكان مقدما على غيره وليس له شئ موظف بل ما يقدره الامام ينظر من أجرة أو سهم ولو أذن له مطلقا ولم يقدر شيئا أخذ أجرة مثله ثم يعطى كل صنف نصيبه فيقسم عليهم بقدر كفايتهم فإن فضل نصيب كل صنف نقل الفاضل إلى أقرب المواطن من ذلك البلد وفرقه فيه وإن فضل نصيب بعضهم نقل فاضلهم ولو فضل بعض وقصر لبعض رد الفاضل على من قصر نصيبه وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني ينقله إلى أقرب البلدان فيفرقه في أرباب أهل النصيب بناء على وجوب الشريك.
* مسألة: ويعطى الغازي ما يشتري به الحمولة إن احتاج إليها وفرسا إن كان فارسا أو احتاج إليها وما يشتري به السلاح ويعطى ابن السبيل ما يوصل إلى موطنه أو البلد الذي يريده وإن احتاج إلى العود دفع إليه ما يكفيه ذهابا وعودا ولو أقام في البلد الذي قصده أخذ بعضه أيام إقامته إذا لم يزد على غيره إقامة فإن كانت عشرة فهل يعطى شيئا أم لا؟ فيه تردد وينشأ من خروجه عن اسم السفر إلى كونه مقيما شرعا ومن بقاء الاسم حقيقة وعرفا والأقرب جواز خلافا للشيخ ولو طلب حمولة أعطي مع الحاجة سواء كان السفر طويلا أو قصيرا وسواء كان ضعيفا أو قويا ولو احتاج إلى كسوة أعطي للصيف والشتاء بحسبها ولو اجمع حق أهل السهمان في بعير أو بقر أو شاة جاز للامام ببيعه ويعرف عنه فيهم على حسب نظره ويجوز له أن يدفعه إليهم يكون مشتركا بينهم. فرع: أهل السهمان إنما يستحقون النصيب عند القسمة إذا أخذوا نصيبهم وهو أحد قولي الشافعي وفي الآخر يستحقون وقت الوجوب. لنا: أن للمالك التخصيص وحرمان البعض لما تقدم والتمليك ينافي ذلك وبناء على أصله من وجوب التشريك وقد أبطلناه فلو مات فقير بعد الزكاة قبل الدفع إليه هل يستحق وإن شيئا وقال الشافعي يستحق وقد سلف بطلانه. * مسألة: يكره للرجل شراء صدقته واستيهابها وما يحمله تملكها اختيارا ولا بأس بعودها إليه بميراث وشبهه ذلك إليه علماؤنا أجمع وأكثر أهل العلم وقال مالك وأحمد لا يجوز. لنا: على الجواز قوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) والتقدير وجود الرضا