وراجلا فإن صرف ما دفع إليه في الغزو وقع موقعه وإن لم يغير استعيد منه على ما تقدم وإن فضل معه شئ بعد الغزو ولم يستعد لأنا دفعنا إليه قدر كفايته ولكنه ضيق على نفسه ولا يسترد منه وابن السبيل يدفع إليه قدر كفايته لوصوله إلى بلده مع الحاجة أو قصور النفقة فإن صرفه في ذلك وقع موقعه وإن صرفه في غيره قال الشيخ لا يرتجع لأنه مستحق بسبب السفر فلا يتحكم عليه والأقرب عندي الاستعادة لان المالك قصد بالدفع المعونة فيقتصر على قصده ولو فضل معه شئ من الصدقة بعد وصوله إلى بلده استعيد لغنائه في بلده بخلاف الغازي لان المدفوع إليه كالأجرة وها هنا للمعونة والحاجة وقد زالت. * مسألة: الفقراء والمساكين والرقاب والغارمين أصلحه أنفسهم وابن السبيل المنشئ للسفر من بلده يأخذون الزكاة مع الفقر و الحاجة ولا يأخذون مع الغناء أما الفقير والمسكين فلزوال وصفها من الغناء وأما الباقي فلقوله عليه السلام أمرت أن أخذ الصدقات من أغنيائكم فأضعها في فقرائكم وأما العاملون فإنهم يأخذون الصدقة مع الغنى والفقر عملا بعموم الآية ولان مما يأخذ أجرة من عمله فلا يعتبر فيه الفقر كالحاسب والحافظ والغارمون لمصلحة ذات البين يأخذون مع الغني والفقر عملا بالعموم السالم عن المخصص وبما رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة وذكر رجلا يحمل بحاله ولان يحمله وضمانه إنما يصل إذا أغنيا فالحاجة به ثابت مع الغنا أما الغارم لمصلحة نفسه فقد بينا أنه يأخذ مع الفقر خاصة والفرق بينهما أنه هنا يأخذ من غير حاجة بنا إليه فاعتبر بفقره كالفقراء والمكاتبين وأبناء السبيل والأول يأخذ لحاجتنا إليه فلا يشترط فقره كالعامل احتج بأنه يجب عليه الزكاة فلا يدفع إليه كباقي السهمان والجواب: أهل السهمان من يأخذ منهم لحاجتنا إليه لا يعتبر قوة كالعامل والمؤلفة ولو يأخذ لحاجة إليها يعتبر فقره وابن السبيل المختار يعطى مع الغناء والفقر عملا بالعموم ولان حاجته عندنا ثابتة ولا يندفع إلا بأخذ الصدقة فسوغت له وماله في بلده غير منتفع به فكان كالفقير. * مسألة: لو كان الأب غازيا أو عاملا أو ابن سبيل أو مكاتبا جاز أن يدفع إليه من الصنف بصنفه وكذا كل من يجب نفقته عليه لان ما يأخذ الغازي والعامل كالأجرة ولا يجب على الانسان فك رقبة من يجب نفقته ولا مؤنة السفر الزائد على الحضر إذا ثبت هذا إذا كان من يجب نفقته ابن سبيل رفع إليه ما يحتاج إليه لغيره مما يزيد عن نفقته الأصلية كالحمولة ومؤنة الطريق ولو كان مملوكه مكاتبا جاز أن يدع إليه المولى من زكاته ما يعينه على فك رقبته وقال لا يعطيه المولى وبه قال ابن الجنيد. لنا: عموم الآية وقوله وآتوهم من مال الله الذي آتاكم احتج أبو حنيفة بأن ما يعطيه المولى يكون ملكا له فلا يكون مخرجا والجواب أن تصرفات المولى إن قطعت عن العبد بالكتابة وكان ما يدفعه بمنزلة التكسب ولو سافرت الزوجة بإذنه كان ما يزيد على نفقة الحضر محتسبا من سهم أبناء السبيل ولو كانت بغير إذنه كانت عاصية فلانسان عليه بالاعطاء ولو كانت مكاتبة جاز أن يدع إليها زوجها ما يعينها على فك رقبتها لأنه ليس بلازم له وكذا لو كانت غازية * مسألة: ويجوز أن يقتصر بالزكاة على شخص واحد من صنف واحد وبه به قال ابن عباس وحذيفة وعمر وسعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وعطا والثوري وأصحاب الرأي وروي عن النخعي أنه قال إن كان المال كثيرا يحتمل الأصناف قسمه عليهم وإن كان قليلا جاز وضعه في صنف واحد وقال مالك يتحرى موضع الحاجة منهم وتعد الأول فالأول وقال الشافعي يجب أن يقسم زكاة كل صنف من ماله على الموجودين من الأصناف الستة الذين سهامهم ثابتة بالتسوية ولا يصرف حصة كل منهم إلى أقل من ثلاثة وبه قال عكرمة وعن أحمد روايتان. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال لمعاذ أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقراءهم فأخبر بأنه مأمور برد الزكاة بأسرها إلى صنف واحد هم الفقراء ولم يذكر سواهم ثم إنه عليه السلام جاءه مال فجعل في صنف آخر غير الفقراء وهم المؤلفة كالأقرع بن حابس وعتبة بن حصين وعلقمة وزيد الخيل قسم منهم الصدقة التي بعث بها علي عليه السلام إليه من اليمن وجاءه مال آخر فجعله في صنف واحد لأنه عليه السلام أعطاه لأنه لقبيصة بن المخارق ولما يحمل حاله فقال عليه السلام قسم يا قبيصة حتى بينا الصدقة فنأمر لك بها وأمر لسلمة بن الحصر بصدقة قومه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عبد الكريم بن عبيد الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي وصدقة أهل الحضر ولا يقسمها بينهم بالسوية إنما يقسمها على ما يحضره منهم وقال ليس في ذلك شئ موقت ولأنه لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي فلا يجب ذلك إذا فرقها المالك ولأنه لا يجب عليه تعميم أشخاص كل صنف فجاز الاقتصار على واحد كما لو أوصى بجماعة منتشرين احتج المخالف بقوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) شرك بينهم فيها فلا يجوز الاقتصار على بعضهم كالخمس والجواب: المراد من الآية بيان الصرف والأصناف التي تصرف الزكاة إليه لا إلى غيرهم. فروع: [الأول] الأفضل فرقها إلى الأصناف بأسرهم والشريك بينهم لان لكل واحد منهم قسطا ولأنه يخرج به عن الخلاف.
[الثاني] يجوز تفضيل بعضهم على بعض لان حرمان بعضهم سائغ فالتفضيل عليه أولى. [الثالث] يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه وما يزيد على عبادة وهو قول علمائنا أجمع وبه قال أصحاب الرأي وقال الثوري ومالك والشافعي وأبو نور يعطى قدر ما يغنيه من غير زيادة وبه قال أحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى لا يجوز أن يدفع إليه قدر غناه بل دونه. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال خير الصدقة ما أبقت غنا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن سعيد بن عمران عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة قال اعط من الزكاة حتى تغنيه وعن زياد بن مروان عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال اعطه ألف درهم وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قلت أعطيته خمس