موضعها أهل الولاية. * مسألة: ولو دفع الامام أو نائبه إلى من يظنه فقيرا فبان غنيا لم يضمن الدافع ولا المالك بلا خلاف أما المالك فلانه أدى الواجب وهو الدفع إلى الامام فيخرج عن العهدة وأما الدافع فلانه نائب عن الفقراء أمين لهم لم يؤخذ منه تفريط من جهة فلا يضمن ولأنه فعل المأمور به لان الواجب الدفع إلى من يظهر منه الفقر إذ الاطلاع على الباطن متعذر فيطرح عن العهدة ولا نعلم فيه خلافا. فروع: [الأول] للامام والنائب له أن يسترد ما دفعه من ظهور غناه شرط حال الدفع لك أو لم يشرط أعلمه أنها زكاة أو لم يعلمه لان الظاهر من حال الامام أنه إنما يعرف الزكاة غالبا فإن وجد المدفوع بعينه استرده وإلا استرد بدله أما المثل أو القيمة بقدر ذلك ذهب من مال المساكين. [الثاني] لو كان الدافع هو المالك قال الشيخ في المبسوط لا ضمان وبه قال الحسن البصري وأبو حنيفة وقال أبو يوسف لا يجزيه وبه قال الثوري والحسن بن صالح بن حي وأبو المنذر وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان والأقرب سقوط الضمان مع الاجتهاد وثبوته مع عدمه. لنا: أن آمين في بلده مال لغيره فيجب عليه الاجتهاد والاستظهار في دفعها إلى مالكها ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن عبيد بن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل عارف أدى الزكاة إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يردها ثانية إلى أهلها إذا علمهم قال نعم قلت فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك قال ليؤدها إلى أهلها لما مضى قال قلت فإن لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع قال ليس عليه أن يؤديها مرة أخرى وعن زرارة مثله غير أنه قال إذ اجتهد فقد برئ وإن قصر في الاجتهاد والطلب فلا ولأنه مأمور بالاخراج ومسوغ له التفرقة بنفسه والتكليف بمعرفة الباطن تكليف ما لا يطاق وكان مكلفا بالبناء على الظاهر مع الاجتهاد وقد امتثل فيخرج عن العهدة ولأنه دفعها إلى من ظاهره الاستحقاق فيجزيه كالامام احتج المخالف بأنه رفع إلى غير مستحقها فلا تقع مجزية كالدين. والجواب: أنه دفع مشروع فلا يستعقب وجوب القضاء تحقيقا للأخرى وما رواه الشيخ عن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال رجل يعطي زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر فوجده مؤسرا قال: لا يجزي عنه محمول على عدم الاجتهاد والاستظهار لحديث زرارة. [الثالث] إن وجد المالك العين استرد ما إن كان شرطه وقت الدفع أنها زكاة فرض لعدم تملك من وقعت إليه وبقائها إلى أربابها وإن لم يوجد استرد المثل أو القيمة وإن تعذر بموت أو فقر فلا ضمان مع الاجتهاد ويضمن مع عمده أما لو لم يشترط فإنه لا يرجع لان دفعه محتمل للوجوب والتطوع فليس له الرجوع. [الرابع] لو بان المدفوع إليه عبدا فالوجه عدم الاجزاء مطلقا لأنه في الحقيقة دفع إلى المالك. [الخامس] لو دفع إلى من ظاهره الاسلام أو الحرية أو العدالة فبان كافرا أو رقا أو فاسقا أو هاشميا أو من يجب نفقته قال الشيخ الحكم فيه كما مضى في الغني وقال أحمد لا يجزيه ويجب عليه الإعادة وللشافعي قولان أحدهما أنه كالفقر والثاني إن كان من المالك أعاد قولا واحدا وإن كان من الامام فقولان. لنا: أن الواجب الدفع إلى من يظهر منه الاستحقاق والتطلع على الأمور الباطنة غير مأخوذ عليه وإلا وجب فلا يضمن له لعدم التفريط مع الاجتهاد ويؤيده حديث عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام احتج المخالف بأنه رفعه إلى غير المستحق فيضمن كالدين إذا دفعه إلى غير ماله ولان الفقر يخفى لقوله تعالى: (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) بخلاف ما ذكر فإن الكفر والفسوق والقرابة والاتصال بالرسول صلى الله عليه وآله لا يخفى مع الطلب والاجتهاد. والجواب عن الأول: أن مستحق الدين متعين فلا يرفع إلا مع التعين وعن الثاني:
ان الخفا والظهور مشترك في ذلك كله كيف الاعتقاد من الأمور الباطنة والفسوق قد يخفى خصوصا من المتظاهر بالعدالة. * مسألة: الفقراء والمساكين العاملون والمؤلفة يعطون عطاء مطلقا متطوعا به لا يراعي ما يفعلون بالصدقة بلا خلاف لان الآية تدل على استحقاقهم بلام التمليك من غير شرط أما الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل فإنهم يعطون عطاء مراعيا على خلاف والفرق بين هذه الأربعة والمتقدمة أن هؤلاء يأخذون الزكاة للغناء فإذا لم يحصل استعيدت أما المتقدمة فإن المقصود حصول بدفعهم وهو غناء الفقراء والمساكين وتأليف المؤلفين وأداء أجر العاملين ونحن نبين ذلك فنقول الكتاب أن صرف ما أخذه في صرف مال الكتابة وقد عتق فقد وقع إجماعا لحصول المقصود بالدفع وإن دفعه إلى المالك ولم يقر بما عليه واسترقه سيده فهل يرتجع أم لا؟ قال الشيخ لا يرجع وللشافعي وجهان. لنا: أنه رفعه إليه ليدفعه إلى سيده وقد حصل فلا يرجع كما حصل العتق احتج الشافعي بأن القصد يحصل العتق له فإذا لم يحصل استرجع والصحيح الأول ولو لم يدفعه إلى المالك بل أداه المولى أو تطوع عليه عليه متطوع بالأداء عنه أو عجز عنه واسترقه المولى هل يرجع أم لا قال الشيخ لا يرجع والأقرب أنه دفع إليه لتصرفه في الكتابة ارتجع. لنا: أن الآية دلت على تمليك الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة لأنه تعالى بين استحقاقهم بلام التمليك أما الأربعة الاخر فإنه تعالى أتى فيهم بقاء الطرفية فجعلهم ظرفا للزكاة لا مستحقين لها ولان المالك تخير في صرف الزكاة إلى من شاء من الأصناف فبالمخالفة له الاسترجاع والغارم يعطي بقدر دينه فإن صرفه فيه فلا بحث ووقعت الزكاة موقعها وإن لم يصرفه فيه قال الشيخ لا يرتجع وقال الشافعي وهو الوجه لمخالفة المالك احتج الشيخ بأنه ملكه بالقبض فلا يحكم عليه والجواب ملكه مراعي فإن الملك ملكه لتصرفه في وجه مخصوص فلا يسوغ مخالفته ولو دفع الغارم الغرم من ماله لم يعط شيئا لأنه قد أسقط العزم والمطالبة أما لو استدان وأداه فإنه يجوز أن يأخذ ويؤد الدين لبقاء العزم والمطالبة الغازي يعطى ما يحتاج إليه ويقبل قوله إذا قال أريد الفرد إليه ويدفع إليه دفعا مراعى ويختلف قدر كفايته لذهابه وعوده باعتبار كونه فارسا