لو كان قادرا للتكسب بما فيه كفايته حرمت عليه الزكاة لما تقدم خلافا لأبي حنيفة ولو كان التكسب يمنعه من النفقة فالوجه عندي جواز أخذها لأنه مأمور بالنفقة في الدين إذا كان من أهله. [التاسع] لا يشترط الزمانة في استحقاق الفقراء ولا التعقب عن السؤال وبه قال الشافعي في الجديد لأنه بدونها محتاج فيدخل تحت العموم. [العاشر] الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها مؤسرا فإن كان ينفق عليها لم يجز له دفع الصدقة إليها إجماعا لأنها ذات كفاية بنفقته فأشبهت صاحب العقار إذا كانت أجرته يكفيه ولو لم ينفق عليها جاز له أخذ الصدقة من غيره لأنها فقيرة ونفقة الزوج معروف عنها فأشبهت ما لو تعطلت منفعة العقار وهل يجوز لها منع الاتفاق أخذ الصدقة من غيره الوجه عدم الجواز لان يقصر كالعوض فأشبهت أجرة العقار.
[الحادي عشر] الولد إذا كان مكتفيا بنفقة أبيه أو الأب المكتفي بنفقة الولد هل يجوز له أخذ الزكاة إمامته فلا إجماعا لما يأتي ولأنه يدفع بذلك وجوب الانفاق عليه وأما من غيره فالأقرب عندي الجواز لأنه فقير ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو أخوته يكفيه مؤنته أيأخذ من الزكاة فتوسع به إن كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج إليه فقال لا بأس وفيه إشكال. الصنف الثالث: العاملون على الزكاة وهم جباة الصدقات ولا خلاف في استحقاقهم لقوله تعالى: (والعاملين عليها) وإنما يستحق الصدقة إذا عمل وأخذ بالخيانة لم يستحق شيئا كما لو دفعها المالك إلى الفقيه أو إلى الامام من غير واسطة الساعي وللامام الخيار بين أن يقرر له أجرة معلومة عن عدة معينة ويجعل له نصيبا من الصدقات وإذا فرقها الامام بنفسه لم يكن له أخذ شئ منها إلا أن استحقاق سهمه من الخمس لا يفعله من المصالح وهذا منها وقد وقع الخلاف بين الفقهاء في وجه استحقاقهم فعندنا أنه يستحق نصيبا من الزكاة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يعطى عوضا وأجرة لا زكاة. لنا: قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها) والعطف بالواو يقتضي التسوية في المعنى والاعراب وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله تعالى لم يرض في قسمتها نبي مرسل ولا ملك مقرب حتى قسمها بنفسه فجزأها ثمانية أجزاء ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قالا قلنا له أرأيت قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء) الآية أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف فقال إن الامام يعطي هؤلاء جميعا وعن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها قال هي تحل للذين وصف الله تعالى في كتابه للفقراء والمساكين إلى آخرها ولأنه لو استحقها على سبيل الأجرة لافتقر إلى تقدير العمل أو المدة وتعيين الأجرة وذلك منفي إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بعده لم يعينوا شيئا من ذلك ولأنه لو كان أجرة لما منع منها الهاشمي احتج أبو حنيفة بأنه لا يعطى إلا مع العمل ولو فرقها المالك أو الامام لم يكن له نصيب ولأنه يأخذها مع الغنى والصدقة لا تحل لغني والجواب كونهم لا يأخذون إلا مع العمل لا ينافي استحقاقهم منها ونحن ندفعها إليهم على وجه استحقاقهم لها شرط العمل لأنها عوض عن عليهم لعدم اعتبار التقدير وإعطاؤه لا ينافي غناه لأنه يأخذها باعتبار عمله لا باعتبار فقره كما يعطي ابن السبيل مع غنائه في بلده ويدخل في العاملين الكاتب والقسام والحاسب والحافظ والعريف أما الامام والقاضي ونائب الامام فلا. الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم واستحقاقهم للسهم ثابت بالنص والاجماع والمؤلفة قلوبهم هم الذين يستحالون إلى الجهاد ويتألفون بأسهامهم من الصدقة وأجمع علماؤنا على أن المشركين قوم مؤلفة يستحالون بالزكاة لمعاونة المسلمين في جهاد غيرهم من المشركين أيضا وهل ها هنا مؤلفة غيرهم من المسلمين قال الشيخ في المبسوط ولا يعرف أصحابنا مؤلفة أهل الاسلام وقال المفيد رحمه الله المؤلفة ضربان مسلمون ومشركون وبه قال الشافعي وقسمهم الشافعي قسمة أولوية إلى قسمين مسلمين ومشركين فالمشركون ضربان أحدهما لهم شرف وطاعة للناس وحسن نية في الاسلام مثل صفوان بن أمية فهؤلاء يعطون من غير الصدقة بل منهم للمصالح لما روي أن صفوان لما أعطاه النبي صلى الله عليه وآله الأمان يوم فتح مكة خرج معه إلى (هوان) واستعاد النبي صلى الله عليه وآله منهم ثلاثين درعا وكانت أول الحرب على المسلمين فقال قائل غلبت هوازن وقتل محمد صلى الله عليه وآله فقال صفوان لعنك الحجر لرب قريش أحب إلينا من رب هوازن ولما أعطى النبي صلى الله عليه وآله العطايا قال صفوان مالي فأومى رسول الله صلى الله عليه وآله وأوفيه إبل مجملة فقال هذا لك فقال صفوان هذا عطاء من لا يخشى الفقر. والثاني مشركون ليس لهم نية حسنة في المسلمين ولا رغبة في الاسلام بل يخاف شرهم ومع العطاء بكفو شرهم وبكفو غيرهم وهؤلاء إن أعطاهم مدحوا الاسلام وقالوا هذا دين حسن وإن منعهم ذموا وعابوا وهل يعطى هذان الضربان بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله فيه قولان أحدهما الاعطاء إقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله ولوجود المقتضي والثاني المنع لان مشركا اليمن من عمر فمنعه وقال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وإذا قيل بالعطاء فمن أين يعطون ولان أحدهما من الزكاة والثاني من المصالح لأنهم مشركون ولا يستحق الزكاة مشرك أما المسلمون فعلى أربعة أضرب، أحدها: أشراف مطاعون لهم نية حسنة في الاسلام وعلم طاعتهم وثباتهم عليه إلا أنهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الاسلام فهؤلاء يعطون لان النبي صلى الله عليه وآله أعطى عدي بن حاتم والزبرقان أين تدر مع ثباتهم وحسن نيتهم، الثاني: أشراف في قومهم نيتهم ضعيفة في الاسلام إذا أعطوا رجاء حسن نيتهم وثباتهم فهؤلاء يعطون ليقوى ثباتهم مثل أبي سفيان بن حرب أعطاه النبي صلى الله عليه وآله مئة من الإبل وأعطى عتبة بن حصين مائة وأعطى الأقرع بن حابس مائة وأعطى العباس بن مرداس