ويجب أن يخرج الفطرة عن نفسه ومن يعوله أي مؤنة ذهب إليه علماؤنا أجمع وهو قول أكثر أهل العلم إلا أبا حنيفة فإنه اعتبر الولاية الكاملة فمن لا ولاية له عليه لا يجب عليه فطرته ولو لم يوجب على الأب فطرة ابنه البالغ ألزم وإن وجبت عليه نفقته وكذا لو يوجب على الابن فطرة أبيه وإن وجب عليه نفقته اعتبارا بالولاية. لنا: ما رواه الجمهور عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بصدقة الفطرة على الحر والصغير والكبير ممن يموتون وعن علي عليه السلام أنه قال من جرت عليه نفقته أطعم عنه نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل من ضمنت إلى عيالك من حرا ومملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه وفي الصحيح عن صفوان الجمال قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفطرة فقال: على الصغير والكبير والحر والعبد عن كل انسان صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صدقة الفطرة على كل رأس من أهلك الصغير والكبير والحر والمملوك والغني والفقير عن كل انسان نصف صاع من حنطة أو شعير أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين وقال التمر أحب ذلك إلي. * مسألة: ولا فرق بين المسلم والكافر في عائلة الرجل فلو كان بعض عائلته أو كلهم كفارا وجب أن يخرج عنهم ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والنخعي والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وقال الشافعي وأحمد يشترط فيهم الاسلام. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أدوا عن كل حر وعبد وصغير وكبير ونصراني ومجوسي نصف صاع من برد عدم عرفان بعضهم هذا الحديث لا يوجب الطعن فيه مع نقل الباقين له ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن يحيى رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يؤدي الرجل زكاته عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه وما تقدم من العموم في الأحاديث المتقدمة ولان المقتضي للزكاة وجوب النفقة وهو عام في الكافر والمسلم ولان كل زكاة وجبت بسبب عبده المسلم وجبت بسبب عبده الكافر كالتجارة احتجوا بحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله من المسلمين ولان الفطرة طهرة للصائم وهو يتحقق في الكافر. والجواب عن الأول: أنه دال على قولهم بدليل الخطاب وهو مع ضعفه لا يعمل به مع وجود غيره من الأدلة، وعن الثاني: أنها طهرة في حق من يخرج عنه إذا كان من أهلها وفي حق المخرج إذا لم يكن من أهلها كالطفل والمجنون فإنه ليس لأحدهما فالوجوب التطهير. * مسألة: ويجب على الزوج اخراج الفطرة عن زوجته ذهب إليه علماؤنا وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والليث بن سعد وأبو ثور وقال أبو حنيفة يجب الفطرة في مالها عليها لا على الزوج وبه قال الثوري وابن المنذر. لنا: ما رواه الجمهور أن رسول الله صلى الله عليه وآله أفرض الفطرة على كل حر وعبد ذكر أو أنثى ممن يموتون وعن علي عليه السلام قال جرت عليه نفقة أطعم عنه الحديث ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث وما رواه الشيخ عن حماد ويزيد ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالوا سألناهما عن زكاة الفطرة قالا صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كله حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلت عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والبالغ ومن يقول في ذلك سواء ولان النكاح سبب وجوب النفقة فيجب به الفطرة كالقرابة والملك احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وآله صدقة الفطرة على كل ذكر وأنثى ولأنها زكاة فيجب كزكاة المال والجواب عن الأول: إنا نقول بموجبه إذا لم يحصل يتحمل عنه ولأنه المراد بعلى عن كما في قوله وكبير وعن الثاني: بالفرق فإن زكاة المال لا تحل بالقرابة ولا الملك بخلاف الفطرة. فروع: [الأول] لو نشزت المرأة قال الشيخ في المبسوط تسقط نفقتها ولا يجب عليه فطرتها وهو قول العلماء إلا من شذ وقال ابن إدريس يجب عليه الفطرة. لنا: أن النشوز مسقط للنفقة والفطرة تابعة لها فيسقط بسقوطها لقوله عليه السلام ممن يموتون ولقول أبي عبد الله عليه السلام يخرجها عن نفسه ومن يعوله وادعاء ابن إدريس إجماع أصحابنا على ذلك ضعيف إذ لم يفت به أحد من علمائنا مما يعلم ولا أحد من الجمهور إلا الشذوذ فكيف يتحقق الاجماع. [الثاني] الزوجة الصغيرة وغير المدخول بها إذا لم يكن من نفسها لا تجب عليه نفقتها أولا فطرتها لما تقدم خلافا لابن إدريس. [الثالث] الطلاق الرجعي لا يوجب البينونة ولا يسقط به العيلولة أما البائن فإن العصمة منقطعة منه والنفقة ساقطة إذا ثبت هذا وجبت الفطرة على المطلقة رجعية أما الباين فيجب فطرتها عليها لا على الزوج فإن قلنا النفقة للحمل فلا فطرة أيضا وإلا وجب.
[الرابع] المتمتع بها لا تجب نفقتها على الزوج فلا تجب عليه فطرتها إلا أن يعولها تبرعا. [الخامس] زوجة المعسر إذا كانت مؤسرة أو تحت مملوك أو أمة تحت مملوك أو معسر سقطت عن الزوج فطرتها لاعتباره وعدم تمكنه وهل يسقط عن الزوجة المؤسرة وعن مولى الأمة قال الشيخ في الخلاف نعم وللشافعي قولان. لنا: أنها من عيال الزوج ونفقتها عليه وتسقط عنها وعن مولاها ويجب على الزوج فإذا كان فقيرا أو مملوكا سقطت عنه أيضا لعجزه أحتج الشافعي بأن الزوج العاجز كالمعدوم ولو كان معدوما وجب عليها نفسها فكذا إذا كان عاجزا وما ذكره الشافعي قوي أيضا لأنها ممن يصح أن يزك والشرط المعتبر موجود فيها وإنما يسقط عنها بوجوبها على الزوج فإذا لم يجب وجب عليها أو على مولاها والأصل في ذلك إن الوجوب هل يثبت ابتداء على الزوج أو عليها ويتحملها الزوج فإن قلنا بالأول سقط عنها وعن مولاها وإن قلنا بالثاني وجبت عليها. [السادس] لو أخرجت المرأة الزكاة عن نفسها قال الشيخ إن كان بإذن الزوج أجزأ عنها وإلا فلا وللشافعي قولان أحدهما مثل ذلك والثاني تلزم الزوجة وإن أذن. لنا: أنه مع الاذن يكون بمنزلة المخرج كما لو أمرها بأداء الدين عنه والعتق احتج المخالف بأنها لازمة للزوجة