شئ من ذلك غير الزكاة لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية والاخبار في ذلك كثيرة مشهورة. فروع:
[الأول] لو أخرج الزكاة إلى غير المستحق ممن لي بمؤمن لم يجز عنها لان أربابها معينون فلا يجوز صرفها إلى غيرهم كالدين إذا دفع إلى غير صاحبه ولان الايمان شرط وكان حكمه حكم الفقر سواء دفع إليه عمدا أو جهلا ويؤيده ما تقدم في حديث محمد بن مسلم وأصحابه عنهما عليهما السلام وفارقت الصلاة لأنها حق مالي (للآدميين) بخلاف الصلاة والصوم. [الثاني] لو لم يجد المؤمن هل يصرف إلى غيرهم فيه قولان أصحهما المنع. لنا: ما تقدم من الأحاديث وهي عامة للوجدان أو عدمه ويؤيده ما رواه الشيخ عن إبراهيم الأوسي عن الرضا عليه السلام قال سمعت أبي يقول كنت عند أبي يوما فأتاه رجل فقال إني رجل من أهل الري ولي زكاة فإلى من أدفعها؟ فقال: إلينا فقال أليس الصدقة محرمة عليكم؟ فقال: بلى إذا دفعها إلى شيعتنا فقد دفعتها إلينا فقال أبي لا أعرف لها أحدا فقال: ما ( تبطن) بها سنة قال فإن لم أصب لها أحدا قال: انتظر بها حتى بلغ أربع سنين ثم قال له إن تصب لها أحدا فصرها (صررا) واطرحها في البحر قال الله عز وجل حرم أموالنا وأموال شيعتنا على عدونا وهذا نص في تحريم إعطائهم مع فقد المستحق وأما الامر بالطرح في البحر فيحتمل أن يكون مع السعي لفقد المستحق دائما وإنما الأصل حفظها إلى أن يوجد المستحق ولا يتقدر بقدر وفي رواية يعقوب بن شعيب عن العبد الصالح قال إذا لم يجد دفعها إلى من لا ينصب ولا تعويل عليها لأنها شاذة وفي طريقها أبان بن عثمان وهو ضعيف. [الثالث] حكم زكاة الفطرة حكم زكاة المال وجوز أبو حنيفة دفعها إلى المشركين وجوز بعض أصحابنا دفعها إلى المستضعف ومخالفي الحق مع عدم المستحق والصحيح ما تقدم. لنا: ما تقدم من تعليل مخالفي الحق وهو يمنع من الاستحقاق وما رواه إسماعيل بن سعد الأشعري قال سألت الرضا عليه السلام عن الزكاة هل يوضع ممن لا نعرف فقال لا ولا زكاة الفطر ولان المستحق لنا قوم يعينون فلا يخرج عن العهدة بالصرف إلى غيره وفي رواية الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان جدي يعطي فطرته الصعقة ومن لا يتولى وقال هي لأهلها إن لا تجدهم فإن لم يجد فلمن لا ينصب والأولى أشهر أحتج أبو حنيفة بأن صدقة الفطرة ليس للامام فيها حق القبض فجاز دفعها إلى أهل الذمة كالتطوع وهذا القياس باطل بالنص وتبطل بالأموال الظاهرة وصدقة التطوع يجوز صرفها إلى الحربي وهذا لا يجوز فيبطل القياس والثاني لقوله عليه السلام أعطوا أهل الأديان من صدقاتكم والجواب أنه محمول على الطوع جمعا بين الاخبار. [الرابع] يجوز أن يعطي أطفال المؤمنين وإن كان آباؤهم فساقا اختاره السيد المرتضى في الطبريات والشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان وهو حسن لان حكم أولاد المؤمنين حكم آبائهم فيما يرجع إلى الايمان والكفر. [الخامس] لا يجوز أن يعطى أولاد المشركين ولا أولاد المخالفين للحق لان حكمهم تابع لحكم آبائهم.
الوصف الثاني: العدالة وقد اختلف علماؤنا في اشتراطها فاشترط الشيخ والسيد المرتضى إلا في المؤلفة اقتصر المفيد وابنا بابويه وسلار رحمهم الله تعالى على الايمان ولم يشترطوا العدالة وبه قال أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد وهو الأقرب واعتبر آخرون من علمائنا مجانبة الكبائر. لنا: عموم اللفظ المتناول لصورة النزاع والأصل عدم اشتراط الزائد على المنطوق وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله لكل كبد حرا اجر وقوله عليه السلام اعط من وقعت في قلبك الرحمة وما رواه الشيخ عن سدير الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله أطعم سائلا لا أعرفه مسلما فقال نعم اعط من لا معرفة بولايته ولا عداوته للحق ولا يطعم من نصب لشئ من الحق أو دعى إلى شئ من الباطل ولأنه بإيمانه يستحق الثواب فيستحق الزكاة كالعدل احتج السيد المرتضى رحمه الله بالاجماع والاحتياط وما ورد في القرآن والاخبار من المنع من معونة الفاسق وبما رواه داود الصيرفي قال سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا فقال لا ولا قائل بالفرق وهذا حجة من عول على اشتراط مجانبة الكبائر والجواب أن الاجماع لا يتحقق مع وجود الخلاف والاحتياط لا يعمل به إذا عارض عمومات القرآن والمنع من معونة الفاسق محمول على معونته على فقه وحديث داود ضعيف لعدم السند إليه نعم ما قال السيد المرتضى أولى للتخلص من الخلاف ولان غير الفاسق أشرف منه وأولى بالمعونة. الوصف الثالث: لا يكون ممن يجب نفقته عليه وهو قول كل من يحفظ عنه العلم وقد وقع الاتفاق على وجوب الانفاق على الوالدين وإن علوا والأولاد وإن نزلوا والزوجة والمملوك وفي غيرهم خلاف يأتي تحقيقه إن شاء الله فكل من يجب نفقته لا يجوز للمنفق أن يعطيه زكاته لأنهم اعتنا به (لأنه عياله) ولان المالك يجب عليه شيئان الزكاة والانفاق ومع صرف الزكاة إلى من يجب نفقته يسقط أحد الواجبين فيكون الدفع في الحقيقة عائدا إليه كما لو مضى دين نفسه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا الأب والأم والولد والمملوك والمرأة وذلك أنهم عياله لازمون له وعن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام ولا يعطى الجد ولا الجدة من الزكاة وروي عن أصحابنا عن أبي الحسن موسى عليه السلام قلت من الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا احتسب الزكاة عليه قال الوالدان والولد لا يقال قد روى الشيخ عن عمران بن إسماعيل القمي قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أن لي ولد من رجال ونساء فيجوز أن يعطيهم من الزكاة فكتب لي ذلك جائز لك لأنا نقول لو أجرى هذا الخبر على حقيقته لزم مخالفته للاجماع فلا بد من التأويل وهو من وجوه أحدها يحتمل أن يكون الرجال أو النساء من ذوي الأقارب وأطلق عليهم اسم الولد مجازا بسبب مخالطتهم للأولاد، وثانيها: بضاعته خمس مائة درهم وهي لا تكفي عياله فلا يجب عليه اخراج الزكاة إلا باعه بل يجوز صرفه إلى أولاد يتمه بمؤنتهم ويكمله لما يحتاجون إليه ويؤيده رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تعط الزكاة أحدا ممن يعول وقال إذا كان لرجل خمس مائة درهم وكان عياله كثيرا قال ليس عليه زكاة ينفقها على عياله يزيدها في نفقتهم وفي كسوتهم وفي طعام لم يكونوا يطعمونه الحديث. وثالثها: يحتمل أنه أراد الزكاة المندوبة. * مسألة: قد بينا