في البادية لا يمكنه الفطرة قال يتصدق بأربعة أرطال من لبن والاستدلال بهذه الرواية باطل من وجهين، الأول: ضعفها وإرسالها، والثاني: أنها تضمنت السؤال عن فاقد الفطرة ونحن نقول بموجبه إذ لا يجب على من لم يتمكن شئ فإخراج أربعة أرطال على جهة الاستحباب وأما تفسيره بالمدني فلما رواه الشيخ عن محمد بن الريان قال كتبت إلى الرجل أسأله عن الفطرة كم تؤدى فكتب أربعة أرطال بالمدني وضعف هذه الرواية لا يخفى. فروع:
[الأول] الأصل في الاخراج الكيل وقدره العلماء بالوزن لأنه أضبط وليحفظ وينقل. [الثاني] يجزيه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل سواء كان أثقل أو أخف لأنه المقدر في الاخراج وهل يجزيه الوزن من غير الكيل منع منه محمد بن الحسن الشيباني لان في البر ما هو أثقل و أخف فلو أخرج من الأثقل بالوزن يكون قد أخرج دون الصاع فلا يكون مجزيا فالأحوط عندي أنه أخرج من الأخف كالشعير تسعة أرطال فقد أجزأه وإن أخرج من الأثقل أن يخرج ما يزيد على المقدر بالوزن ليكون بالغا قدر الصاع. [الثالث] لو أخرج صاعا من جنسين من الأجناس المنصوصة قال الشيخ لا يجزيه وبه قال الشافعي والأقرب عندي الاجزاء وبه قال أبو حنيفة واحمد لنا اخرج من المنصوص عليه فأجزأه كما لو أخرج من الجنس الواحد ولان أحد النصفين إن كان أعلى من الاجزاء أجزأه لأنه مع اخراج الأدون يجزي فمع الأعلى أولى وإن كان مساويا فكذلك خصوصا عندنا بجواز اخراج القيم في الزكوات احتج الشيخ بأنه مخالف للخبر والجواب: المنع من مخالفته للخبر. [الرابع] هل يجوز أن يخرج أقل من صاع من جنس أعلى إذا ساوى صاعا من أدون كنصف صاع من حنطة إذا ساوى صاعا من شعير في القيمة على سبيل اخراج القيمة فيه تردد ينشأ من كون الواجب اخراج صاع تام من الأجناس وقيمته وهو يدل على أن القيمة مغايرة ومن كونه قد أخرج قدر الواجب وهو بدل الصاع المساوي فيكون مجزيا ولم نقف فيه للمتقدمين على قول. [الخامس] لو أخرج صاعين من جنسين أو أصواعا من أجناس مختلفة عن رؤس متعددة جاز بلا خلاف. [السادس] لو غلب على قوته جنس جاز أن يخرج من جنس آخر ولو كان دونه قيمة والأفضل أن يخرج الأعلى. [السابع] لا يجزيه الميت كالمسوس من التمر والمدود من الحب ويجوز أن يخرج صاعا من طعام قديم إذا لم يتغير طعمه وإن نقصت قيمته عن قيمة الحديث لان القديم ليس بعيب. * مسألة: ويجوز اخراج القيمة وهو قول علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة والثوري والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز ومنع الشافعي ومالك وأحمد من ذلك. لنا: ما رواه الجمهور عن معاذ أنه طلب من أهل اليمن عن معوض وعن عمر بن الخطاب أنه كان يأخذ العروض في الصدقة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسحاق بن عمار الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك ما يقول في الفطرة يجوز أن أؤديها فضة بقيمة هذه الأشياء التي سمتها قال نعم إن ذلك أنفع له يشتري ما يريد وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بالقيمة في الفطرة ولان القيمة أعم نفعا وأكثر فائدة فكان اخراجها مجزيا ولان القصد دفع الحاجة وهو غير مختلف باختلاف صورة الأموال بعد اتحاد قدر المال احتج المخالف بأنه عدول عن النص إذ النبي صلى الله عليه وآله فرض الصدقة من هذه الأجناس والجواب: ليس في ذلك دلالة على المنع من القيمة وإنما خرج ذلك مخرج بيان قدر الواجب لا عنه. * مسألة: والأقرب عندي أنه لا يتقدر قيمتها بقدر معين بل المرجع فيه القيمة وقد قدره قوم من أصحابنا بدرهم وآخرون بأربعة دوانيق والصحيح خلاف ذلك بل يقوم الواجب في كل وقت بما تساويه ويخرج القيمة لان الواجب هو العين والقيمة بدل فيعتبر القيمة وقت الاخراج ويؤيده ما رواه الشيخ عن سليمان بن جعفر المروزي قال سمعت يقول إن لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعزلها تلك الساعة قبل الصلاة والصدقة بصاع من تمر أو قيمته في تلك البلا دراهم فإن احتج برواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس أن يعطيه قيمتها درهما أجبنا أولا: بضعف الرواية فإن في طريقها أحمد بن هلال وهو ضعيف جدا، وثانيها: باحتمال أن يكون قيمة الصاع ما قدره الإمام عليه السلام في ذلك الوقت قال الشيخ هذه رواية شاذة والأحوط أن يعطى قيمة الوقت قل ذلك أم كثر وهو رخصة لو عمل الانسان بها لم يكن مأثوما. * مسألة: قال الشيخ في الخلاف لا يجزي الدقيق والسويق من الحنطة والشعير على أنهما أصل ويجزيان قيمة وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة وأحمد يجوز وبه قال ابن إدريس هنا والأقرب عندي ما قاله الشيخ. لنا: أن النصوص الأجناس المقدرة فيقتصر عليها وإنما عدلنا إلى القيمة لمساواتها في الأمور المطلوبة ولان مانعه قد نقصت احتج المخالف بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أدوا الفطرة قبل الخروج فإن على كل مسلم مدين من قمح أو دقيق وما رواه الشيخ عن حماد وبريد ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالوا سألناهما عن زكاة الفطرة قالا: صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كله حنطة أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلت عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والبالغ ومن تعول في ذلك سواء وعن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته تعطى الفطرة دقيقا مكان الحنطة قال: لا بأس يكون أجر طحنه بقدر ما بين الحنطة والدقيق ولأنه أعجل منفعة وأقل مؤنة فكان أولى بالاخراج وإن الاجزاء باقية ولم يحصل غير تفرقها بالطحن فكان مجزيا كما هو قبل التفريق. والجواب عن الأول: أن لفظة " أو " قد تأتي للتفصيل كما تأتي للتخيير وليس حملها على الثاني أولى من الأول فيحمل على من لم يجد الأجناس ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الصدقة لمن لم يجد الحنطة والشعير القمح والعدس والذرة نصف صاع من ذلك كله أو صاع من تمر أو صاع من زبيب وهو الجواب عن الحديث الثاني، وعن الثالث: أن فيه تنبيها على اعتبار