وعن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعمر إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام ولأنه حق آدمي فجاز تعجيله كالدين المؤجل ولان كفارة الحنث يؤدى قبل الحنث فكذا هنا والجواب عن الحديثين: بأن يحمل التعجيل على سبيل الفرض على الزكاة وأنه زكاة معجلة كما ذهب إليه ابن الجنيد من علمائنا والشيخ رحمه الله في بعض أقواله وعن الاوقتة (البقية) بالمنع من ثبوت الحكم في الأصول التي ذكروها إلا في الدين المؤجل فإن الحكم ثابت فيه لكن الفرق ظاهر لأنه مستقر في الذمة وحق ثابت بخلاف الزكاة فإنها لا تجب في الذمة ولا في العين إلا بعد الحول فالتعجيل ثم لما هو في الذمة فجاز بخلاف صورة النزاع قال المفيد رحمه الله قد جاء رخص عن أهل البيت عليهم السلام في تقديمها شهرين قبل محلها وجاء ثلاثة أشهر وأربعة أشهر عند الحاجة إلى ذلك رواه في الصحيح معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى المحرم قال: لا بأس قلت فإنها لا تحل عليه إلا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان قال: لا بأس وعن الحسين بن عمر عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يأتيه المحتاج فيعطيه من زكاته في أول السنة فقال إن كان محتاجا فلا بأس وعن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يعجل زكاته قبل المحل فقال إذا مضت خمسة أشهر فلا بأس قال الشيخ رحمه الله هذا الروايات منزلة على الفرض فيكون صاحبها ضامنا متى جاء الوقت وقد أيسر المعطي ولا يقض على الاستحقاق واستدل على تأويله بما رواه ابن أبي عمير عن الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطي قبل رأس السنة قال: يعيد المعطي الزكاة. فروع: [الأول] لو كان معه أقل من نصاب فأخرج زكاة النصاب ناويا أنه إن تم النصاب كان ما أخرجه زكاة معجلة لم يجز إجماعا لأنه قدم الزكاة على سببها فصار كما لو قدم الكفارة على اليمين والحنث أما لو كان معه نصاب فأخرج زكاة نصابين معجلة لم يجز عندنا على ما تقدم أما القائلون بجواز التعجيل فقد اختلفوا هنا فقال الشافعي وأحمد وزفر يجوز من نصاب واحد وقال أبو حنيفة يجوز على النصابين بناء على أصله من أن ما يستفاد ويضم إلى ما عنده في الحول ووجود النصاب سبب في وجوب الزكاة فيما يستفيده فإذا وجد سبب الوجود جاز التعجيل والوجه ما قاله الشافعي لأنه عجل زكاة مال ليس في ملكه فلم يجز كالنصاب الأول ولان الزائد من الزكاة سبب للزائد من الملك ولم يوجد. [الثاني] لو كان له مئة شاة تعجل زكاة أربعمائة عن الموجود وما يتوالد منها فتوالدت أجزأت عند أبي حنيفة وهو ظاهر وتردد الشافعي من حيث أن السخال تابعة للأمهات والوجه عدم الاجزاء لان التبعية إنما يكون مع الوجود وهي حين التعجيل معدومة ولو كان معه عشرون شاة حوامل فعجل شاة عنها وعن أولادها فتوالدت عشرين لم يجز عند الشافعي لأنها لا تبيح ما نقص عن النصاب. [الثالث] لو عجل زكاة أربعمأة درهم غير سلعة وللتجارة قيمتها مائتان ثم زادت عنه الحول أربع مئة فعندنا لا يجوز لان الواجب في قيمة الفرض والاعتبار بالقيمة في آخر الحول عنده بخلاف السخال فإنها يتعلق بالعين ولو كان معه أقل من نصاب للتجارة فأخرج عن نصاب أجزأه إذا زادت القيمة وبلغت نصابا عنده. [الرابع] لو عجل زكاة أربعين شاة ثم تولدت أربعين سخلة فماتت الأمهات قبل الحول وبقيت السخال لم يجز عندنا وتردد الشافعي من حيث أن السخال دخلت في حول الأمهات وقامت مقامها ومن حيث أنه عجلها قبل ملكها مع تعلق الزكاة بعينها. [الخامس] كما لا يجوز تعجيل زكاة حول واحد عندنا نعدم تعجيل زكاة حولين أولى واختلف القائلون بالجواز هنا فجوزه قوم لأنه تعجيل لها بعد وجود النصاب فأشبه تقديمها على الحول الواحد ومنع منه آخرون لان النص ورد بتعجيل زكاة حول واحد. [السادس] اختلفوا في جواز تقديم زكاة الزرع فمنع منه قوم وجوزه آخرون بعد وجود الطلع والحصرم ونبات الزرع لان وجود الزرع سبب فيها وإدراكه يجري مجرى الحول. * مسألة: ولو قدم الزكاة على سبيل الفرض كما قاله الشيخ بمعنى أنه يستحقه القابض عوضا عن الزكاة إذ لا استكملت شرائط الوجود والاستحقاق فإن بقي المال على صفة الوجوب والمستحق على صفة الاستحقاق أحب ذلك الفرض من الزكاة عند حولان الحول وإن تغيرت حال المالك أو حال القابض استعيدت اليمين أن كانت موجودة والقيمة عند البعض إن بلغت ولو زادت العين زيادة متصلة استعادها المالك زيادة ولو كانت منفصلة كاللبن والصوف والولد قال الشيخ يستعيدها المالك أيضا قيل أنه نماء حصل في ملك القابض فلا يستعيدها الفرض والجواب المنع من ملك القابض لأنه قبضها على سبيل الزكاة المعجلة في الحقيقة لان المالك إنما أفرضها كذلك وحينئذ يمنع المالك هنا ولو ملك القابض كما غيره من الفرض لم يكن للمالك استعادة العين. فروع: [الأول] لو عجل الزكاة على ما قاله الشيخ من كونها فرضا لا أنها زكاة معجلة جاز له استرجاعها عند حولان الحول ودفعها إلى غيره واء تغيرت حاله أو لم تتغير وسواء تغير حال المالك أو لم يتغير لان الزكاة عندنا لا يجوز تعجيلها والفرض يجوز المطالبة والمجوزون لتقديم الزكاة لم يجعلوا له الاسترجاع إن بقيت الشرائط على حالها أما لو تغيرت حال الاخذ بموت أو غنى أو ردة فالذي يقتضيه مذهبنا عدم الاجزاء وجواز المطالبة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأحمد ليس الاسترجاع لنا إن بقاء صفات الاستحقاق شرط وقد عدم قبل الحول فجرى مجرى لو عدم المال قبله أو مات رب المال احتجوا بأنه حق أداه إلى مستحقه فأجزأه كما لو أدى الدين المؤجل قبل الاجل والجواب: الفرق بأن الدين مستقر في الذمة بخلاف الزكاة. [الثاني] لو تلف الساعي من غير مسألة المالك ولا الفقراء فإن حال الحول والمالك والقابض على الصفات المعتبرة وقعت موقعها وإن تغيرت حال الدافع والمدفوع أو حالهما معا استردها الامام بدفعها
(٥١٢)