وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: واستنظف بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاث حشيات؟ من تراب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن ابن المغيرة عن أبي الحسن (ع) قلت للاستنجاء حد؟ قال: لا ينقى مأثمه وما رواه في الصحيح عن زرارة قال كان يستنجي من البول ثلاث مرات ومن الغائط بالمدر والخزف وما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان الحسين (ع) يتمسح من الغائط بالكرسف ولا يغتسل ولان المقصود إزالة عين النجاسة وهذا يحصل بغير الأحجار بحصوله بها واحتج داود بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بالأحجار وهو يقتضي الوجوب ولأنه موضع رخصه الشرع فيها بآلة مخصوصة فوجب الاقتصار عليها كالتراب في التيمم والجواب عن الأول أن الامر إذا كان لمعنى ووجد مشاركة له عدى الحكم إليه عنده وقد حصل في هذه الصورة ما ذكرناه وعن الثاني: أن الرخصة في التيمم غير معقولة. المعنى لهذا لم يعد الحكم بخلاف ما ذكرناه الثاني: لا يجوز استعمال ما يزلج من النجاسة كالحديد الصقيل والزجاج واللحم الرخو وأشباه ذلك ولا يجزي لعدم المعنى المقصود منه وهو الإزالة وكذا التراب لأنه يقع بعضه على المحل وقد صار نجسا فيحصل في المحل نجاسة أجنبية وهو أحد قولي الشافعي وفي الآخر يجوز لقوله (عليه السلام) أو ثلاث حشيات من تراب. {الوصف الثالث} أن يكون طاهرا فلا يجوز الاستجمار بالحجر النجس وهو قول علمائنا أجمع واختيار الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة يجزيه.
لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أتاه ابن مسعود بحجرين وروثة يستنجي بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال هذا رجس يعني نجس وفي حديث آخر أنها ركس وهذا تعليل منه (ع) ومن طريق الخاصة ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و هذه الرواية وإن كانت مرسلة إلا أنها موافقة للمذهب ولأنه إزالة النجاسة فلا يحصل بالنجاسة كالغسل. فروع: [الأول] لو استجمر بالنجس لم يجزه لان المحل ينجس بنجاسة من غير المخرج فلم يجز فيها غير الماء كما لو تنجس ابتداء هذا إذا كانت نجاسته بغير الغائط ولو كانت نجاسة به احتمل أيضا لما تقدم والاكتفاء بثلاثة غيره لان النجاسة واحدة في الجنس أما لو كثر واستعمل الطاهر منه وأزيلت النجاسة بغسل أو غيره أو استعمل الطرف الطاهر أجزأ وكذا الاحتمال لو سهل بطنه فترششت النجاسة من الأرض إلى محل الاستجمار رخصة في تطهير المحل من نجاسة خارجة منه لكثرتها لا من نجاسة واردة لندورها. [الثاني] الحجر النجس إذا تقادم عهده وزالت عين النجاسة عنه لا يجوز استعماله لنجاسته أما لو كانت النجاسة مائعة كالبول فزالت عنها بالشمس جاز استعماله لطهارته ولو زالت بغيرها لم يجز لبقاء نجاسته. [الثالث] لو استجمر بحجر ثم غسله أو كسر ما نجس منه جاز الاستجمار به ثانيا لأنه حجر يجزي غيره الاستجمار فأجزأه كغيره ويحتمل على قول الشيخ عدم الاجزاء محافظة على صورة لفظ العدد وفيه بعد [الرابع] لو استجمر بالآجر صح سواء كان الطين نجسا أو لا لأنه بالطبخ يطهر ومنعت الشافعية من الاستجمار بالآجر إذا عمل بالسرجين إلا بعد أن يغسل ويجف. {الوصف الرابع} أن لا يكون عظما ولا روثا ولا مطعوما وهو قول علمائنا والشافعي و إسحاق والثوري خلافا لأبي حنيفة فإنه أجاز الاستنجاء بالعظم والروث وشرط مالك طهارتهما. لنا: ما رواه الجمهور عن ابن مسعود قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن وروى الدارقطني أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى أن يستنجى بروث أو عظم وقال إنهما لا يطهران وروى أبو داود عنه أنه قال لرويفع بن ثابت أن أخبر الناس أنه من استنجى برجيع أو عظم فهو برئ من محمد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن ليث المرادي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو الشعر أو العود قال: أما العظام والروث فطعام الجن وذلك مما شرطوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال لا يصلح بشئ من ذلك وإن كانت ضعيفة السند إلا أن الأصحاب تلقوها بالقبول ويؤيدها الروايات الصحيحة الدالة على الأحجار مقتضاها الاقتصار إلا أنه صير إلى غيرها من المزيلات لدليل فبقي الباقي على المنع وأما الطعام فالنهي متناول له من طريق التنبيه لان النهي معلل في الروث بكونه زاد الجن فزادنا أولى. فرع: لو استنجى بالعظم أو بالروث أو بالطعام قال الشيخ لا يجزيه وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة. لنا: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: انهما لا يطهران وأيضا المنع من الدخول في الصلاة حكم شرعي فيستصحب حتى يقوم دليل شرعي على زواله واستدل الشيخ رحمه الله بأنه منهي عنه والنهي يدل على الفاسد وفي الكبرى كلام والأقرب الطهارة لان التقدير زوال عين النجاسة فحصلت الطهارة كالحجر والنهي وإن اقتضى التحريم فإنه لا ينافي الطهارة كالماء المغصوب والحجر المغصوب وكالنهي عن الاستنجاء باليمين مع حصول الطهارة لا يقال الاستجمار رخصة لموضع المشقة فإذا كان ما تعلقت به الرخصة معصية لم يجز كسفر المعصية لأنا نقول الفرق ظاهر فإن شرط الرخصة هناك منتف ومنتقض بالحجر المغصوب. {الوصف الخامس} أن لا يكون ممن له حرمة كتربة الحسين وحجر زمزم وكتب الأحاديث وورق المصحف العزيز وكتب الفقه لان فيه هتكا للشريعة واستخفافا لحرمتها فهو في الحرمة أعظم من الروث والورق ولو استنجا به لم يجز يه عند الشيخ لما قلناه أولا والأجود الاجزاء لما تقدم. {الوصف السادس} أن يكون جافا فإن الرطوبة تنشر إلى النجاسة فيزداد النجاسة. [الخامس] لو استنجى بالخرقة لم يجز قلبها والاستنجاء بالوجه الآخر إلا أن يكون صفيقة تمنع نفوذ أجزاء النجاسة إلى الجانب الآخر فحينئذ ينبغي القول بالجواز والأليق بمذهب القائلين بعدم الاكتفاء بالحجر ذي الشعب الثلاث عدم الاكتفاء ها هنا ولو كانت طويلة فاستعمل طرفها جاز استعمال الطرف الآخر على قولنا وعلى المانعين من الحجر يجوز بعد القطع. [السادس] يجوز الاستجمار بالصوف والشعر ومنع الشافعية والحنابلة من كل متصل بالحيوان كذنبه والصوف على ظهره. لنا: أنه مزيل فأجزأ كالحجر والخشب ولو انفصل الجزء جاز الاستجمار