إلى النية كسائر الأفعال الخارجة عن كونها عبادة وبيان الصغرى أنها لو كانت عبادة مع عدم النية بطل قولكم كل عبادة يفتقر إلى النية والأول باطل أيضا وإلا لبطل قولكم أيضا بافتقار العبادة إلى النية وإلا لزم اشتراط النية بالنية فالجواب: عن الأول أنه حجة لنا: لما بينا من أن المفهوم منه إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا للصلاة وأيضا فإنه لم يذكر الشرائط بل ذكر إذ كان الوضوء والنبي (صلى الله عليه وآله) بين شرائطه كالتيمم وعن الثاني بما قلناه أولا و أيضا مقتضى الامر وجوب الفعل وهو واجب فاشترط لصحته شرط آخر كالتيمم وعن الثالث بما ذكرناه أولا وبالمنع من كون الزيادة عن النص نسخا وعن الرابع:
أنها مع كونها طهارة هي أيضا عبادة والعبادة لا يكون إلا منوية لأنها قربة إلى الله تعالى وطاعة وعن الخامس: أن نقول أنها عبادة بدون النية أي يسمى عبادة بدونها قوله يبطل كل عباده يفتقر إلى النية. قلنا: لا نسلم فإنا نقول أن العبادة يفتقر إلى النية في التحصيل والايجاد على الوجه المطلوب شرعا لا أنها يفتقر إليها بان بكون مصححة للاطلاق اللفظي سلمنا لكنا نقول إنها عبادة مع النية (و) قول يبطل افتقارها إلى النية وإلا لزم افتقار العبادة مع النية إلى النية. قلنا: هذا باطل فإنه لا يلزم من افتقارها إلى نية هي جزءها افتقارها مع ذلك الجزء إلى نية أخرى ثانيا. فروع: [الأول] إزالة النجاسة لا يفتقر إلى النية وهو قول العلماء وحكي عن ابن شريح وهو قول أبي سهل الصعلوكي من الشافعية إنها يفتقر إلى النية. لنا: أنها كالترك فلا يفتقر إلى النية. [الثاني] غسل الميت لا بد فيه من النية وقد صرح بذلك أبو الصلاح لأنها عبادة فيفتقر إلى النية وللشافعي وجهان أحدهما: كما قلناه بناء على أن الميت لا ينجس وكان غسله كالطهارة عن حدث والثاني: عدم الافتقار إلى نية بناء على أنه نجس فصار كغسل النجاسة. [الثالث] الحائض إذا انقطع دمها قال بعض علمائنا لا تحل للزوج الوطي حتى تغتسل فإن نوت به إباحة الاستمتاع فالأقرب الاجزاء وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني لا يجوز لأنها من أهل وحق الله تعالى فيه والطهارة فيها حق الله تعالى والطهارة فيها حق الله تعالى وحق الزوج فلا بد من نيتهما معا لتكلفهما طهارة يصلح للحقين بخلاف الذمية لأنها ليست من أهل الله تعالى فاكتفى فيها بنية حق الزوج. [الرابع] لو ارتد لم يبطل وضوئه ولا غسله على الأقوى ويبطل تيممه لأنه ينوي به الاستباحة وقد خرج عنها بالردة. [الخامس] طهارة الصبي معتبرة عند الشيخ وفيه إشكال أقربه أنها تمرين وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي بالأول. لنا: أنه ليس أهلا للتكليف وعلى قول الشيخ لو بلغ بغير المبطل بعد الطهارة لم يجب عليه الاستيناف وكذا لو جامع الصغيرة فاغتسلت ثم بلغت. [السادس] لو اغتسل الجنب وترك جزءا من بدنه ثم نسي الاغتسال فأعاد الغسل وغسل ذلك المحل فالأقوى صحة غسله لان الواجب عليه غسل ذلك الجزء وقد حصل.
[السابع] لو نوت المستحاضة بالوضوء استباحة صلاتين فما زاد ففي صحة الطهارة إشكال ينشأ من أنها شئ يستحيل حصوله شرعا فلا عبرة بذلك الوضوء من استلزام نية الصلاتين نية أحدهما الثاني في كيفيتها وشرايطها، والنية عبارة عن القصد فيقال نواك الله بخير أي قصدك ونويت السفر أي قصدته وعزمت عليه ومحلها القلب لأنه محل المقصود والدواعي فمنه اعتقده بقلبه أجزأه سواء يلفظ بها بلسانه أو لا ولو نطق بها ولم يخطر بباله لم يجزيه ولو سبق لسانه إلى غير عزمه وما اعتقده لم يمنع صحة ما اعتقده بقلبه ويشترط استحضار النية التقرب لقوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) ولا يتحقق الاخلاص بدون التقرب ويشترط استباحة شئ لا يستباح إلا بها كالصلاة والطواف أو رفع الحدث وهو إزالة المانع من كل فعل يفتقر إلى الطهارة لقوله تعالى: (وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا أي للصلاة على اللغوي واكتفى الشيخ (ره) في بعض كتبه بنية القربة. لنا: الآية فإنها تدل على نية الاستباحة ويجب أن تقع مقارنة لغسل الوجه لأنه مبدأ للطهارة فلو تراخت عنه لوقع غير منوي ويستحب إيقاعها عند غسل اليدين للوضوء أمام غسل الوجه ويشمل النية أفعال الطهارة المسنونة والواجبة لان غسل اليدين للوضوء من الحالة؟ يجاز؟ إيقاع النية عنده وجوز الشافعي ذلك بشرط بقاء النية؟ إلى غسل الوجه والمعتمد عليها قلناه ويتضيق عند غسل أول جزء من الوجه الذي هو أول واجباته ولا يجوز تقديمه على غسل اليدين ولو بالزمن اليسير خلافا لأحمد وإلا فإن استحضرت حال الغسل فتلك أخرى مجددة وإلا وقع غير منوي فلا يكون مجزيا ويجب استدامتها حكما بمعنى أنه لا ينتقل إلى نية منافية لها ولا يشترط الاستمرار حقيقة للمشقة نعم يستحب ليقع جميع الأفعال مقترنة بالنية وهل يشترط نية الوجوب أو الندب الوجه اشتراطه لأنه فعل مشترك فلا يتخصص إلا بالنية وبالقياس على واجبات العبادات. فروع [الأول] لو نوى ما لا يشرع له الطهارة كالأكل والبيع والتبرد لم يرتفع حدثه إجماعا لأنه لم ينو الطهارة ولا ما يتضمن نيتها فلا تكون حاصلة له كالذي لم ينو شيئا. [الثاني] لو نوى ما ليس من شرطه الطهارة بل من فضله كقراءة القرآن أو النوم أو كتابة القرآن أو الأحاديث أو الفقه أو الكون على طهارة قال الشيخ لا ترتفع حدثه لأنه لم ينو رفع الحدث ولا ما يتضمنه فأشبه ما لو نوى التبرد وفيه للشافعي وجهان ويمكن أن يقال بارتفاع الحدث كأحد وجهي الشافعي لأنه نوى طهارة شرعية فينبغي أن يحصل له ما نواه عملا بالخبر ولو لم ينو رفع الحدث ولا ما يتضمنه لأنه نوى شيئا من ضرورية صحة الطهارة وهو الفضل الحاصل لمن فعل ذلك وهو على طهارة فصحت طهارته كما لو نوى ما لا يباح إلا بها أما لو نوى وضوء مطلقا فالوجه عدم الارتفاع لما قاله الشيخ وإن كان فيه نظر من حيث أن الوضوء والطهارة إنما ينصرفان بالاطلاق إلى المشروع فيكون ناويا لوضوء شرعي إلا أن الأول أصح وهو وقول أكثر الشافعية. [الثالث] لو جدد الطهارة ندبا فتبين انه كان محدثا فوجهان أحدهما الاجزاء لأنه نوى طهارة شرعية فيحصل له والآخر عدمه لأنه لم ينو رفع الحدث ولا ما يتضمنه فهو كما لو نوى التبرد وكذا لو شك في الحدث بعد يقين الطهارة فتوضى احتياطا ولو أغفل لمحة في الطهارة الواجبة فغسلت في الثانية أو أغفلت في الغسلة الأولى فانغسلت الثانية فالوجهان. [الرابع] لو نوى الجنب الاستيطان في المسجد أو قراءة العزائم أو مس كتابة القرآن ارتفع حدثه قولا واحدا