احتج الشيخ على قوله في النهاية والمبسوط بأنه قد وردت الاخبار بالتقصير والاتمام فيحمل الأول على التضيق والثاني على السعة واحتج على قوله في الخلاف بأنه مسافر فيجوز له التقصير بالآية وبما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام يدخل علي وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي؟ فقال: صل وأتم الصلاة قلت فدخل علي وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج؟ فقال: فصل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله صلى الله عليه وآله واستدل على الاستحباب برواية بشير قال فحملنا الأول على جواز التقصير، والثاني على استحباب الاتمام واحتج على قوله في التهذيب برواية إسماعيل بن جابر واحتج ابن إدريس على هذا القول أيضا بالاجماع. والجواب عن الأول: بأن ما ذكره من التأويل لا بد من دليل ونحن لم نظفر فلا تعويل عليه فإنه يجوز أن يكون التأويل ما ذكر في الخلاف، وعن الثاني: بأن الآية والجواب لا يدل على التقصير فما وجب فيه التمام برواية إسماعيل بن جابر تدل على الوجوب وهو خلاف مطلوبه ورواية بشير تدل على وجوب الاتمام، والجواب عن الثالث: باحتمال أن يكون قد خرج إلى السفر في ابتداء دخول الوقت لا بعد مضي وقت الامكان، وعن الرابع إن ادعاء الاجماع في صورة الخلاف بها تمت وهو أعرف به. فروع: [الأول] لو سافر في أول الوقت ولم يمض منه مقدار الأداء قصر لأنها لا تستقر في ذمته إلا بمضي الوقت وقبله وإن كان الفعل واجبا إلا أنه غير مستقر فكان كالحائض إذا (حاضت) جاء حدا في أول الوقت. [الثاني] لو سافر وقد بقي من الوقت مقدار ما يصلي فيه أربع ركعات وجب عليه التمام على ما قلناه وهو قول بعض الجمهور خلافا لبعضهم والدلائل ما تقدم. [الثالث] لو سافر وقد بقي من الوقت مقدار ما يصلي فيه ركعة أو ركعتان قال الشيخ فيه خلاف من أصحابنا منهم من قال إن الصلاة تكون أداء وهو اختيار ابن حمران من الشافعية ومنهم من قال أن بعضها أداء وبعضها قضاء وهو اختيار أبي إسحاق من الشافعية فعلى الأول يجب عليه التقصير لأنه لحق الوقت وهو مسافر، وعلى الثاني: يجب عليه التمام لأنه غير مؤد بجميع الصلاة في الوقت وهذا بناء منه على وجوب التقصير مع الخروج بعد دخول الوقت أما على ما اخترناه فإن الاتمام واجب عليه في الحالين. [الرابع] لو سافر وقد بقي من الوقت ما لا يتسع لركعة أتم قضاء بلا خلاف عندنا لأنها صلاة فائتة في الحضر فيقضيها كما فاتته. * مسألة: لو دخل عليه الوقت وهو مسافر فأخر الصلاة إلى أن يدخل بلده فدخله والوقت باق أتم وقال في النهاية يتم مع السعة ويقصر مع الضيق. لنا: أنه حاضر ولا ترخص وما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته ومثله روى في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام وما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام وقد تقدم ولأنه اما مسافر أو حاضر وعلى كلا التقديرين لا فرق بين السعة وعدمها احتج الشيخ بما رواه في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول في الرجل يقدم من سفر في وقت الصلاة فقال: إن كان لا يخاف خروج الوقت فليتم وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصر وما رواه عن الحكم بن المسكين عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقدم من سفر في وقت الصلاة فقال: إن كان لا يخاف الفوت فليتم وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصر. والجواب: حمل ما ذكرتم على أنه إذا حضر أهله وقد بقي من الوقت أقل من مقدار ركعة فإنه يجب عليه حينئذ التقصير لأنها تكون صلاة فائتة في السفر جمعا بين الأدلة وروى منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله فسار حتى يدخل أهله فإن شاء قصر وإن شاء أتم والاتمام أحب إلي وبعض الأصحاب جعل له الخيرة بمقتضى هذه الرواية ويسمى كل واحد من المتخير فيه واجبا كخصال الكفارة والحق خلافه ويحمل هذه الرواية على أنه إن شاء صلى في السفر قبل دخول أهله فقصر وإن شاء صبر حتى يدخل أهله ويصلي على التمام والتمام أفضل. * مسألة: لو سافر بعد دخول الوقت ولم يصل حتى خرج الوقت فإن كان السفر بعد مضي وقت الامكان قضاها تماما لقوله عليه السلام من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته وقد وجب عليه التمام على ما بينا والقضاء تابع خلافا لبعض أصحابنا بناء على أن الواجب القصر وقد مضى وإن كان السفر قبل مضي وقت الامكان قضاها قصرا لأنها إنما استقرت في الذمة كذلك والقضاء تابع ولو دخل البلد بعد دخول الوقت ولم يصل حتى خرج قضاها تماما إن كان دخوله مما يجب فيه التمام وإلا صلاها قصرا على ما مضى من التفصيل وقيل يقصر مطلقا وهو بناء على أن الواجب على الاطلاق القصر وقد بينا ضعفه وما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر فأخر الصلاة حتى قدم فهو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله فنسى حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها قال يصليها ركعتين صلاة المسافر لان الوقت دخل وهو مسافر وكان ينبغي له أن يصلي عند ذلك محمول على أنه دخل وقد تضيق الوقت جدا حتى لا يسع لركعة ليجب عليه التقصير لا يقال التعليل ينافي ما ذكرتم لأنا نقول لا نسلم المنافاة فإن القصر معلق بدخول الوقت في السفر في الصورة التي ذكرناها أيضا ولو سافر بعد الزوال ولم يصل النافلة مع الامكان استحب قضاؤها سفرا وحضرا. فرع: لو صلى في السفينة في أول الوقت قبل أن يخرج من بلده صلاها على التمام فلو سارت به السفينة حتى غاب الجدران قبل أن يتم الصلاة أتمها على التمام.
* مسألة: لو نوى المسافر الإقامة في غير بلده عشرة أيام أتم ولو نوى دون ذلك قصر ذهب إليه علماؤنا أجمع ونقله الجمهور عن الباقر و الصادق عليهما السلام وهو قول الحسن بن صالح بن حي غير أن السيد المرتضى رحمه الله روى عنه أيضا أنه لو جاء المسافر إلى بلده مجتازا منطلقا في سفره قصر إلا أن ينوي المقام عشرا فاعتبر العشرة في بلده وغير بلده ونحن لا نعتبر ذلك لأنه جاء إلى بلده وأتم لانقطاع سفره سواء نوى المقام عشرا أو لا وقال الشافعي