ومالك وأبو ثور إن نوى مقام أربعة أيام غير دخوله وخروجه وجب عليه التمام وهو قول عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب وقال أبو حنيفة إن نوى مقام خمسة عشر يوما مع اليوم الذي يدخل واليوم الذي يخرج فيه بطل حكم سفره وبه قال الثوري والمزني وهو إحدى الروايات عن ابن عمر وروى عن ابن عباس وله إن نوى مقام تسعة عشر يوما أتم وإن كان أقل لم يجب وهو قول إسحاق بن راهويه وقال ليث بن سعد إن نوى مقام أكثر خمسة عشر يوما أتم وهو محكي عن سعيد بن جبير وقال الأوزاعي إن نوى اثني عشر يوما أتم وهو مروي عن ابن عمر وقال أحمد المدة التي يلزم المسافر الاتمام بنية الإقامة فيها هي ما كان أكثر من إحدى وعشرين صلاة. لنا: ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام قال: صلاة (يتم الصلاة) الذي يقيم عشرا ويقصر الصلاة الذي يقول اخرج اليوم اخرج غدا شهر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أرأيت من قدم بلدة إلى متى ينبغي له أن يكون مقصرا ومتى ينبغي له أن يتم؟ فقال: إذا دخلت أرضا فأيقنت أن لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة وإن لم تدر ما مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد قصر ما بينك وبين أن يمضي شهر فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وإن أردت أن تخرج من ساعتك وما رواه في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا دخلت بلدا وأنت تريد مقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم وإن أردت المقام دون العشرة فقصر وإن أقمت تقول غدا أخرج أو بعد غد ولم تجمع على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر فإذا أتم الشهر فأتم الصلاة قال قلت دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا قال قصر وأفطر قلت فإني مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر؟ قال: نعم هما واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت وما رواه في الحسن عن ابن أيوب قال سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام وأنا أسمع عن المسافر إذا أحدث نفسه بإقامة عشرة أيام فليتم الصلاة فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم وإن كان أقام يوما أو صلاة واحدة ولان السفر مسقط والإقامة منفية (مثبتة) فأشبه الحيض والطهر وقد بينا أن أقل مدة الطهر عشرة فكذا الإقامة واحتج الشافعي بقول النبي صلى الله عليه وآله يتم المهاجر بعد قضاء نسكه بمنى فدل ذلك على أن الثلث اخر ضد العلة واحتج أبو حنيفة لما رواه مجاهد عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نسك أن تقيم بها خمسة عشر ليلة فأكمل الصلاة ولو نعرف لهما مخالفة واحتج أحمد بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه دخل مكة صبيحة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة وقد كان صلى الصبح قبل دخوله فأقام بها تمام الرابع والخامس و السادس والسابع وصلى الصبح بها في اليوم الثامن ثم دخل إلى منى وكان النبي صلى الله عليه وآله يقصر في هذه الأيام صلاته في هذه المدة عشرين صلاة. والجواب عن الأول: إطلاق العامة على ما ذكر من البعد باعتبار اللبث لأنها إقامة ما في السفر فإنه قد أطلق على القوم اسم الإقامة فقال أقام في بلد فلان يوما، وعن الثاني: ان قول ابن عباس وابن عمر بإنفرادهما ليس حجة وقوله لا مخالف ليس بجيد لأنا قد ذكرنا خلاف الصحابة في ذلك وقد روى البخاري عن ابن عباس أنه أقام بموضع تسع عشرة ليلة يقصر الصلاة وقال إذا زدنا على ذلك المختار عن عائشة انها قالت إذا وضعت الراد والمراد فأتم الصلاة ومع هذا الاختلاف كيف يمكن ادعاء الاجماع، وعن الثالث: إنا نقول بموجبه لان المدة التي أقامها النبي صلى الله عليه وآله بمكة مع عزم على المقام ونحن نقول أنه يقصر وإن أقام أكثر من تلك المدة (قصر) إذا لم يعزم. فرع: لو قصد بلدا يجب له القصر ولم يعزم على إقامة المدة التي ينقطع فيها حكم سفره وجب عليه القصر ذهب إليه علماؤنا أجمع وقال الجمهور له القصر وقال الحسن البصري: إذا قدم مصرا أتم وصام وإن لم يعزم على إقامة فيه وهو قول عائشة. لنا: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يقصر في أسفاره حتى يرجع وروى أحمد قال أقام النبي صلى الله عليه وآله مكة ثماني عشرة زمن الفتح مقصرا لأنه أراد صفيا ولم يكن له إجماع على المقام ولا فرق بين أن يقصد الرجوع إلى بلده كما فعل النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع وبين أن يريد بلدا آخر كما فعل عليه السلام في غزوة الفتح. * مسألة: وإن ردد نيته في المقام فيقول اليوم أخرج غدا أخرج قصر إلى شهر فإذا مضى شهرا تم بعد ذلك ولو صلاة واحدة ذهب إليه علماؤنا وقال الشافعي إذا جاوز أربعا أتم وإن قصر أعاد وقال أبو حنيفة: لا يتم وإن أقام سنة وهو قول أحمد. لنا: ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام قال ويقصر الذي يقول اليوم أخرج غدا أخرج شهرا جعل غاية التقصير مدة شهر فما بعده يكون مخالفا في الحكم ومن طريق الخاصة رواية زرارة وغيرها مما تقدم واحتج المخالف بما رواه ابن عباس قال أقام النبي صلى الله عليه وآله في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين وقال جابر أقام النبي صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة وما رواه سعيد عن المسور بن مخرمة قال أقمنا مع سعد ببعض قرى الشام أربعين ليلة يقصرها سعد ويتمها وعن ابن عمر أنه أقام بآذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين. والجواب عن الأول: إنا نقول بموجبه إذ التقصير عندنا مستمر إلى شهر ثم ما ذكروه باطل لقول ابن عباس ولو أقمنا أكثر من ذلك أتممنا وهو الجواب عن حديث جابر وحديث سعيد لا حجة فيه إذ لا اعتبار بعمل سعد خصوصا مع معارضته بعمل المسور وكذا الجواب عن حديث ابن عمر. * مسألة: لو نوى الإقامة عشرا ثم بدا له فإن كان قد صلى على التمام ولو صلاة واحدة استمر وإن لم يكن صلى شيئا على التمام رجع إلى حالة التقصير لان النية بمجردها لا تقتضي صيرورته مقيما أما إذا صلى على التمام فقد ظهر حكم الإقامة فعلا فيستمر إذ السفر انقطع بالنية والفعل ولا يصير مسافرا بمجرد النية ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي ولاد الحناط قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام أتم الصلاة ثم بدا لي بعد أن أقيم بها عشرة أيام
(٣٩٧)