على ما تقدم وروى ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال: من الامر المذخور إتمام الصلاة في أربعة مواطن مكة والمدينة ومسجد الكوفة والحائر وروى زياد القندي قال قال أبو الحسن عليه السلام يا زياد أحب لك ما أحبه لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي أتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين عليه السلام ولأنها مواضع اختصت بزيادة أشرف فكان إتمام العبادة فيها مناسبا لتحصيل فضيلة العبادة فيها فكان مشروعا احتج ابن بابويه بما رواه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الصلاة بمكة والمدينة تقصير أو تمام فقال قصر ما لم يعزم على مقام عشرة أيام وما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التقصير في الحرمين والتمام فقال لا يتم حتى يجمع على مقام عشرة أيام والأقرب الأول لكثر الروايات ويحمل ما رواه ابن بابويه على أنه لا يتم وجوبا جمعا بين الأدلة. فروع: [الأول] الاتمام بمكة ومدينة لا يختص بالمسجدين لان أكثر الروايات يدل على إطلاق الاتمام فيها واختاره الشيخ في النهاية وقال ابن إدريس يختص الحكم بالمسجدين. [الثاني] المراد بالحائر ما دار عليه حائط المشهد الشريف لا ما دار عليه سور البلد لان الحائر فهو الموضع المعين الذي يحار الماء فيه وذكر المفيد في كتاب الارشاد لما ذكر من قتل مع الحسين عليه السلام والحائر محيط بهم إلا العباس رحمه الله فإنه قتل على المسناة. [الثالث] قال السيد المرتضى يستحب الاتمام في السفر عند قبر كل إمام من أئمة الهدى عليهم السلام وعندي فيه إشكال. [الرابع] من عليه صلاة فائتة هل يستحب له الاتمام في هذه المواطن؟
الأقرب نعم، عملا بالعموم الذي (ووالدي) رحمه الله يمنع ذلك لقوله عليه السلام وصلاة (الصلاة) لمن عليه صلاة ولان من عليه فريضة لا يجوز له فعل النافلة. * مسألة:
قال علماؤنا إذا أتم المقصر متعمدا عالما أعاد في الوقت وخارجه وبه قال حماد بن أبي سليمان وقال أبو حنيفة: إن كان جلس بعد الركعتين قدر التشهد صحت صلاته وإلا لم يصح وقال مالك: يعيد في الوقت لا خارجه قال ولو افتتح المكتوبة على التمام فصلى ركعتين ثم بدا له فسلم لم يجزيه. لنا: ما رواه الجمهور عن ابن عباس قال من صلى في السفر أربعا فهو كمن صلى في الحضر وعن ابن عمران قال صلاة السفر ركعتان فمن خالف السنة كفر والكفر لا يتقرب به ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام صليت الظهر أربع ركعات وأنا في سفر قال أعد وما رواه في الصحيح عن زرارة وابن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قرأت عليه آية التقصير وفسرت فصلى أربعا أعاد وإن لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه ولأنه قد زاد على فرضه فكان كما لو صلى الصبح أربعا ولان لم ينويه الصلاة فكأنه الزيادة بعده كالزيادة قبله ولأنه فعل كثير ليس من أفعال الصلاة فيكون مبطلا أما لو أتم جاهلا بوجوب التقصير لم يعد على قول أكثر علمائنا وقال أبو الصلاح يعيد في الوقت. لنا: أنه جاهل فيكون معذورا لقوله عليه السلام الناس في سعة ما لم يعلموا خصوصا وقد أعتضد بالرجوع إلى الأصل الذي هو الاتمام وما رواه زرارة ومحمد بن مسلم وقد تقدم ولو أتم ناسيا مع العلم بوجوب التقصير أعاد في الوقت ولا يعيد خارجه ذهب إليه الشيخ في الخلاف وقال في المبسوط يعيد مطلقا لأنه مع البقاء يمكن تحصيل المطلوب فيه فيجب تحصيله أما مع خروجه فلا ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة قال إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا وقد روى الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل ينسى فيصلي في السفر أربع ركعات قال: إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه قال الشيخ وهذا محمول على الاستحباب. * مسألة:
محل التقصير هو الرباعيات فلا يقصر في صلاة الصبح والمغرب وهو مذهب أهل العلم كافة لا نعرف فيه مخالفا من أهل الاسلام روى الجمهور عن عائشة قالت فرض الله على لسان نبيكم صلى الله عليه وآله بمكة ركعتين إلا المغرب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ إلا المغرب ثلاث ركعات. * مسألة: لو سافر بعد دخول الوقت في الرباعيات وانقضى ما يسع للطهارة والصلاة قبل أن يصلي اختلف قول أصحابنا فيه فقال الشيخ في الاستبصار يصلي أربعا وبه قال ابن أبي عقيل وبه قال في المبسوط واعتبر فيه السعة فإن تضيق الوقت قصر وقال في النهاية بمثل قوله في المبسوط وبه قال ابن البراج وقال في الخلاف يجوز له التقصير ويستحب الاتمام وقال في التهذيب يقصر واجبا وهو اختيار السيد المرتضى في المصباح والمفيد وابن إدريس و الأقرب عندي الأول وهو اختيار المزني خلافا للشافعي فإنه جوز التقصير. لنا: أنها وجبت عليه تماما بدخول الوقت واستقرت بمضي ما يسعها من الوقت فلا يبرأ إلا بفعل التمام ولأنه لو لم يعتبر وقت الامكان لما وجب على الحائض إذا فرطت في أول الوقت في الصلاة ثم حاضت القضاء ولا على المغمى عليه والثاني باطل بالاجماع فكذا المقدم ولأنه لو لم يصل في السفر حتى ماتت قضاها على التمام عند ابن إدريس والقضاء يتبع وجوب الأداء فقولان متنافيان ولما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا وما رواه عن الحسن بن علي الوشا قال سمعت الرضا عليه السلام يقول إذا زالت الشمس وأنت في المصر وأنت تريد السفر فأتم فإذا خرجت بعد الزوال قصر العصر وما رواه عن بشر النبال قال خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام حتى أتينا الشجرة فقال لي أبو عبد الله عليه السلام يا نبال فقلت لبيك قال إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر أن يصلي أربعا غيري وغيرك وذلك أنه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج