القرايا وقد مضى أما البدوي الذي لا استيطان له فلا قصر عليه وسيأتي بيانه. [السادس] لو سافر في سفينة لم يترخص حتى ينتهي إلى الحد المذكور فلو ردته الريح بعد بلوغ الحد بقي على التقصير إلا أن يسمع الأذان أو يشاهد الجدران وكذا لو خرج من البنيان ثم نسي حاجة فرجع إلى البلد لاجلها عاد إلى التمام. * مسألة: ويشترط في الترخص كون السفر سائغا واجبا كان كحجة الاسلام أو مندوبا كالزيارات أو مباحا كالتجارات ذهب إليه علماؤنا أجمع وهو قول أكثر أهل العلم وقال ابن مسعود لا يقصر إلا في حج أو جهاد وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة يجوز للعاصي في سفره القصر. لنا: على إبطال قول ابن مسعود قوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) وقوله تعالى: (وإن كنتم مرضى أو على سفر فعدة من أيام أخر) وما رواه الجمهور قال أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني أريد البحرين في تجارة فكيف تأمرني في الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله صل ركعتين وعن ابن عباس فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ إلا المغرب ثلاث وما رواه في الصحيح عن حذيفة بن منصور عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ. ولأنه سائغ والمشقة موجودة فيثبت الحكم ولأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله كان يترخص إذا عاد من سفره وهو مباح احتج ابن مسعود بأن الواجب لا يترك إلا لواجب والجواب: المنع من كون الاتمام واجبا في السفر فإنه نفس المتنازع. ولنا: على إبطال قول أبي حنيفة أنه لا يجوز له أكل الميتة مع الضرورة فلا يباح له القصر والملازمة إجماعية وبيان صدق المقدم قوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه) حرم عليهما لاشتمال سفرهما على المعصية ولا علة إلا المعصية فيناط الحكم بها ولان الرخصة سوغت أعانته على السفر ورفقا في تحصيل المقصد المباح فالترخص للعاصي اشتغاله على القبيح ومعونة له على خلاف المطلق وذلك يناقض الحكمة ولان الخطاب بالقصر مصروف إلى الصحابة وسفرهم كان مباحا فيثبت فيمن شاركهم في العرض وما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) قال: الباغي باغي الصيد والعادي: السارق ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا إليهما هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما أن يقصرا في الصلاة وما رواه في الموثق عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أو يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق والتعليل يدل على التعميم وما رواه عن أبي سعيد الخراساني قال دخل رجلان على أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان فسألاه عن التقصير فقال أحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للآخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان وما رواه عن عمار بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله تعالى أو رسولا لمن يعصي الله أو في طلب عدو أو شحناء أو سعاية أو ضرر على قوم من المسلمين احتج أبو حنيفة بالقياس على المطيع والجامع المشقة ولأنه يترخص في أكل الميتة وإلا لأمر بقتل نفسه فيكون مترخصا في القصر إجماعا. والجواب عن الأول: بالمنع من صحة القياس إذ الطاعة والمعصية متضادتان فكيف يصح قياس إحديهما على الأخرى، وعن الثاني: بالمنع في المقدمة الأولى للنص والملازمة غير ثابتة لأنه يمكنه التوبة ثم يأكل. فروع: [الأول] لو سافر لللهو والتنزه بالصيد بطرا لم يقصر ذهب إليه علماؤنا أجمع وهو قول أحمد في إحدى الروايتين وقال الشافعي وأبو حنيفة: يترخص. لنا: أن اللهو حرام فالتقصير إعانة له على القبيح ولان الرخصة وصلة إلى تحصيل المصلحة ولا مصلحة في اللهو وما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عمن يخرج من أهله بالصقورة والبزءة والكلاب يتنزه الليلة والليلتين والثلاث هل يقصر من صلاته أو لا؟ فقال: لا يقصر إنما يخرج في لهو ما رواه عن ابن بكير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتصيد اليوم واليومين والثلاثة أيقصر الصلاة قال لا إلا أن يشيع الرجل أخاه في الدين فإن التصيد مسير باطل لا تقصر الصلاة فيه وقال يقصر إذا شيع أخاه. [الثاني] لو تصيد للقوت له أو لعياله قصر إجماعا منا لأنه مشروع فوجب التقصير ولما رواه الشيخ عن عمر بن محمد بن عمران القمي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين يقصر ويتم فقال إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر أو يقصر وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة. [الثالث] لو كان الصيد للتجارة قال الشيخ يقصر صلاته و يتم صومه والحق عندي خلافه وإن الواجب عليه التقصير فيهما. لنا: أنه سفر سائغ إجماعا ولأنه أباح له قصر الصلاة فيجب عليه الافطار ولما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال قال ومن سافر قصر الصلاة وأفطر وما رواه في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال هما واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت. [الرابع] لو عدل الطائع إلى نية المعصية أنقطع ترخصه لزوال السبب فإذا عاد قصر ويؤيده ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد السياري عن بعض أهل العسكر قال خرج عن أبي الحسن عليه السلام أن صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر وليس المراد بالجادة ها هنا جادة الأرض لعدم الفائدة لان الصيد إن كان حلالا استمر على التقصير وإن خرج عن الجادة وإن كان حراما لم يقصر وإن كان عليها ولو حمل على ذلك فيحمل على عزم المعصية مع الخروج عن الجادة للقطع بأن الطريق ليس له مدخل في التمام والقصر. [الخامس] لو عدل العاصي إلى الطاعة قصر إن كان قاصدا للمسافة من حين العدول. [السادس] لو كان
(٣٩٢)