يوم الجمعة اتخذ جسر إلى جهنم وعن عبد الله بن بشير قال جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله يخطب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اجلس فقد أوذيت ولأنه فعل يتأذى به فينبغي اجتنابه. فروع: [الأول] لو رأى فرجة لا يصلي إليها إلا بالتخطي كان مكروها لعموم الخبر إلا أن لا يجد إلى مصلاه سبيلا فيجوز له التخطي إليه إذا لم يكن له موضع يتمكن من الصلاة فيه وبه قال الشافعي وقال الأوزاعي: يتخطاهم إلى السعة مطلقا وقال قتادة: يتخطاهم إلى مصلاه وقال الحسن البصري: يتخطأ رقاب الذي يجلسون على أبواب المسجد فإنه لا حرمة لهم أما لو تركوا الصفوف الأول خالية جاز له أن يتخطاهم لأنهم رغبوا عن الفضيلة فلا حرمة لهم يمنع المتخطى. [الثاني] لا يكره الامام التخطي لأنه موضع حاجة فكان حكمه حكم من لا يجد مكانا إلا مع التخطي. [الثالث] لو جلس فبدت له حاجة فله الخروج والتخطي له بلا خلاف لأنه موضع صدوره ولان النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى حجر بعض نسائه فلو عاد كان أحق بمكانه على قول. [الرابع] ليس له أن يقيم غيره ويجلس في موضعه سواء كان معتادا بالجلوس فيه أو لم يكن لان العادة لا يوجب التمليك ولا الأولوية وقد حصل السبق المفيد لها فلا يعدل عنه ولقوله تعالى: (سواء العاكف فيه والباد) ولما روي عنه عليه السلام أنه قال من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به وهذا بلا خلاف. [الخامس] لو قدم صاحبا له يجلس في موضع فإذا جاء قام وأجلسه لم يكن به بأس لأنه يقوم باختياره فكان كما لو احتطب له أما لو لم يكن ثابتا فقام ليجلس آخر لم يكن له أيضا به بأس لأنه قام باختياره فأشبه الثابت سواء أنتقل القائم إلى مكان مثله أو دونه وقيل بالكراهية في الثاني لأنه يؤثر على نفسه في الدين والأول أولى لشرعية تقديم أهل الفضل ولقوله عليه السلام: ليسبق منكم أهل الفضل والنهى. [السادس] لو آثر غيره بمكانه ففي اختصاص المخصوص به تردد أقربه الاختصاص لان الحق للأثر وقد خص به غيره فكان قائما مقام نفسه كما لو جهر موضعا ثم آثر به غيره وقيل لا يختص بأنه بالقيام عنه خرج استحقاقه فبقي على الأصل كمن وسع لرجل في طريق فمر غيره ولعله يختص من حيث أن الطريق جعل للمرور فيه فمن انتقل في مكان فيها لم يبق فيه حق بخلاف المسجد الموضع للإقامة. [السابع] لو وجد عبده في مكان لم يكن له ان يقيمه لعموم النهي ولان هذا غير مال بل هو حق ديني فيستوي فيه السيد وعبده كسائر الحقوق الدينية. [الثامن] لو فرش له مفرش في مكان لم يكن مخصصا وجاز لغيره رفعه والجلوس فيه ذكره الشيخ إذ لا حرمة له ولان السبق بالأبدان لا بما يجلس عليه. [التاسع] يستحب الدنو من الامام وهو اتفاق لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنى من الامام فاستمع ولم يلغ كان له لكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يوما وقد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر فلما كان دون الصفوف ركعوا فركع وحده ثم سجد السجدتين ثم قام يمضي حتى لحق الصفوف وإذا كان الحال كذلك في شئ ء لم يوجب فيه الاجتماع ففيما أوجب أولى ولأنه أمكن من السماع. [العاشر] لو غلب النعاس تشاغل بما يزيله ولو لم يزل إلا بالقيام جاز له ذلك روى ابن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: إذا نعس أحدكم يوم الجمعة في مجلسه فليحول إلى غيره ولان تحركه يزيل نعاسه فكان سائغا للسماع. * مسألة: ويستحب أن يصعد الخطيب متوكيا على قوس أو عكاز أو سيف وما أشبهه ذهب إليه عامة أهل العلم روى الحكم بن الحزن قال وقدمت إلى النبي صلى الله عليه وآله فأقمنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقام متوكيا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام وليلبس البرد والعمامة ويتوكأ على قوس أو عصى ولان ذلك أعون له ولو لم يفعل استحب له أن يصعد سكن الأطراف مرسلا يديه ساكنين مع جنبيه ولا يضع اليمنى على الشمال كالصلاة. فرع: لو لم يجد المنبر اتخذ شيئا يشبهه ليصعد عليه ولو كان في الصحراء نظر إلى موضع مرتفع أو جمع شيئا من الآلات والأحجار ثم يصعد عليها لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل في خطبته. * مسألة: ويستحب أن يرفع صوته في الخطبة ليحصل السماع التام لأكثر الناس روى جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خطب أجرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم مساكم ويستحب تقصير الخطبة لما رواه عمار قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة وروى جابر بن سمرة قال كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وآله فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وآله العصر في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وفيه دلالة من حيث المفهوم على المطلوب ولان فيه تخفيفا وتسهيلا ويستحب أن يكون فصيحا في خطبته بليغا ويكون كلامه فوق الردى المثير ذل ودون الوحشي المستثقل ولا يستعجل فيه ولا يمطط بل يكون بينا ويكون صادق اللهجة وإذا أربح عليه جاز لغيره أن يذكره * مسألة: ينبغي أن يبدأ في الخطبة بالحمد قبل الصلاة على محمد وآله والموعظة فلو عكس ففي الاجتزاء نظر أقربه الثبوت لأنه أتى بالمطلوب ولو قرأ آيات تشتمل على ما هو المطلوب ففي الاجزاء نظر ويمكن أن يقال به لحصول الامر المطلب ويجب الموالاة فيها فلو فصل في أثناء الخطبة بكلام طويل أو سكوت طويل حتى خرج عن اسم الخطيب استأنف وذلك منوط بالعادة ولا يشترط الموالاة بين الخطبة والصلاة ما لم يطل الفصل. * مسألة: وإن صعد الخطيب المنبر ثم أذن المؤذن حرم البيع وهو مذهب علماء الأمصار قال الله تعالى: (وذروا البيع) والامر للوجوب ولا يحرم بزوال الشمس ذهب إليه علمائنا أجمع بل
(٣٣٠)