يكون مكروها وبه قال عطا وعمر بن عبد العزيز والزهري والشافعي وأكثر أهل العلم وقال مالك وأحمد إذا زالت الشمس يوم الجمعة حرم البيع. لنا: أنه يعلو على النداء على الوقت فلا يحرم قبله عملا بالأصل السالم عن المعارض ولان المقصود منه إدراك الجمعة وهو يحصل بما ذكرنا وأما الكراهية وقت الزوال فقد ذكرها الشيخ في الخلاف قال: لأنا قد بينا أن الزوال وقت الصلاة وأنه ينبغي أن يخطب في الفئ وإذا زالت نزل فصلى فإذا أخر فقد ترك الأفضل. فروع:
[الأول] إنما يحرم البيع على من يجب عليه الجمعة فيجوز للعبيد والنساء والمريض والمسافرين وغيرهم ممن لا يجب عليهم عقد البيع ذهب إليه أكثر أهل العلم وقال مالك يحرم عليهم كما يحرم على المخاطبين وبه رواية عن أحمد. لنا: انه تعالى إنما حرم البيع على من كلفه السعي فلا يتناول غيرهم عملا بالأصل السالم ولان الفرض منه عدم الاشتغال عن الجمعة وهو إنما يصح في المكلف بها ولأنه غير محرم في حق المسافر في غير المصر ولا في حق المقيم بقربه لا جمعة على أهلها جمعه إجماعا وكذا صورة النزاع لاشتراكهما في عدم التكليف بها. [الثاني] لو كان أحد المتعاقدين ممن يجب عليه دون الآخر فهي محرم في حق المخاطب إجماعا أما الآخر فإنه يكون قد فعل مكروها ذكره الشيخ في المبسوط لإعانته على المحرم وبه قال بعض الجمهور وقال الشافعي أنه اثم أيضا لدليل الشيخ وهو جيد لقوله تعالى: (ولا تعاونوا على الاثم والعدوان). [الثالث] لو تعاقد المخاطبان ففي صحة البيع للأصحاب قولان، أقربهما: الصحة وإن كان محرما ما نقله الشيخ في المبسوط وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال مالك وأحمد وداود بعدم الانعقاد وهو القول الآخر للأصحاب اختاره الشيخ. لنا: أن النهي لا يقتضي فساد المنهي عنه في المعاملات وتحقيقه أن النهي لأجل الصلاة فذلك لا يختص بالبيع فلا يوجب فساده يكن ترك صلاة واجبة واشتغل بالبيع احتج الشيخ بأن النهي يدل على الفساد وهو ممنوع. [الرابع] هل يحرم غير البيع من العقود فيه نظر ينشأ من أنه عقد يوجب الاشتغال عن الجمعة فكان النهي عن البيع نهيا من حيث المفهوم عنه من اختصاص النهي بالبيع فالحاق غيره به قياس مع قيام الفرق لعدم مساواة غيره له في الاشتغال لعلة وجوده بخلافه. * مسألة:
وإذا خطب حرم الكلام على المستمعين في قول بعض علمائنا وقال آخرون منهم أنه مكروه والقولان للشيخ في الخلاف وبالأول قال الشافعي في القديم والاملاء وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وأحمد وابن المنذر وبالثاني قال الشافعي في الجديد وعروة بن زبير والشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والثوري وجه الأول ما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت واللغو الاثم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا خطب يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتى يفرغ الامام من خطبته فإذا فرغ من خطبته تكلم ما بينه وبين أن يقام الصلاة فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزاه وعندي الكراهية عملا بالأصل ورواية محمد بن مسلم لا يدل على التحريم بل أكثر ما يستعمل لا ينبغي في المستحب ورواية أبي هريرة معارضة لما رواه أنس قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب يوم الجمعة إذا قام إليه رجل فقال يا رسول الله هلك الكراع هلك الثبا فادعوا الله أن يستقينا وذكر الحديث قال ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وآله قائما يخطب فاستقبله قائما قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله هلكت الأموال وأسقطت؟ السنبل؟
فادعوا الله يرفعها عنا وروي أن رجلا قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يخطب فقال يا رسول الله متى الساعة فأعرض عنه وأوما الناس إليه بالسكوت فلم يقبل وأعاد فلما كان في الثالثة قال له النبي صلى الله عليه وآله ويحك ماذا أعددت لها قال أحب الله تعالى ورسوله فقال إنك مع من أحببت و هذا كما يدل على جواز الكلام من المستمع يدل على جوازه من الخطيب على أن خبر أبي هريرة دل عليه جعله لاغيا لكلامه في المواضع الذي يليق به السكوت وليس كل لغو إثما قال الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). فروع: [الأول] النهي عن الكلام إنما يتعلق بالمكلف حال الخطبتين أما قبلهما وبعدهما فلا سواء قلنا أن النهي للتحريم أو للتنزيه ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا وطاوس والزهري والمزني والنخعي ومالك وإسحاق وأبو يوسف والشافعي وأصحابه وقال أبو حنيفة ومحمد الكلام مباح ما لم يظهر الامام فإذا ظهر حرم حتى يفرغ من الخطبتين والصلاة لنا: ما رواه الجمهور عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله كان ينزل يوم الجمعة من المنبر فيقوم معه الرجل فيكلمه في الحاجة ثم ينتهي إلى مصلاها فيصلي ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم وقد تقدمت وإذا ثبت الجواز بعد الخطبتين فقبلهما أولى وأيضا حديث أبي هريرة دل على تعليق النهي بحال الخطبة احتج المخالف بأنه بعد الخطبة يكره له الصلاة فالكلام أولى والجواب: أنه غير دال على مطلوبه. [الثاني] لا يكره له تسميت العاطس ولا رد السلام لقوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) ولأنه يجوز ذلك في الصلاة ففي حال استماع الخطبة أولى وقال بعض الجمهور لا يرد السلام لا يسمت العاطس لان فرض الانصات سابق وقال آخرون منهم لا يرد السلام ويسمت العاطس لان المسلم سلم في غير موضعه بخلاف العاطس. [الثالث] يكره الكلام للخطيب و ليس بمحرم ذكره الشيخ في الخلاف وبه قال الشافعي في أحد قوليه وقال في القديم يحرم وهو قول مالك والأوزاعي وأبي حنيفة وأحمد وحكى الشافعي في القديم عن أبي حنيفة أنه قال إذا تكلم حال الخطبة وصلى أعادها وهكذا حكي عنه الساحى وقال محمد يعيد. لنا: ما تقدم من الأحاديث والأصل دال على جوازه واحتجوا بحديث أبي هريرة والجواب ما تقدم. [الرابع] الانصات مستحب للقريب والبعيد عملا بالعموم وللبعيد أن يذكر الله تعالى و يقرأ القرآن فيما بينه وبين نفسه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله لذلك لأنه غير مستمع لبعده فلم يتعلق به وهل الانصات أفضل أم الذكر فيه نظر. [الخامس] لا (انما) ينهي التكلم بالكلام لارتكابه ما نهى عنه ولحديث أبي هريرة بل ينبغي له الإشارة وبه قال زيد بن