الجمعة وفي الثانية بالمنافقين وفي رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام يقرأ في الأول بسورة الجمعة وفي الثانية سورة المنافقين ولان سورة الجمعة يليق بها لما فيها من الحث عليه فكان استحباب القراءة فيها مناسبا وسورة المنافقين فيها إرغام لهم وقد كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي بها بذلك المعنى ولا يخلو زمان منهم فاستحب قراءتهما احتج أبو حنيفة بأن النقل قد اختلفت فتارة نقل أنه عليه السلام صلى بالجمعة والغاشية واحتج أبو بكر عبد العزيز بما نقل مالك قال: أما الذي جاء به الحديث هل أتاك حديث الغاشية مع سورة الجمعة والذي أدركت عليه الناس سبح اسم ربك الأعلى. والجواب عنهما: أن ما ذكرناه أولى لاشتماله على فعل أكثر الصحابة مع فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ولان فيه زيادة ثواب لزيادة القراءة وما ذكروه يحتمل أن يكون في وقت الاستعجال وذلك لا ينافي ما ذكرناه في الأولوية. فروع: [الأول] المستحب قراءة الجمعة في الأولى والمنافقين في الثانية، ولا نعرف فيه مخالفا بين القائلين بتعيينهما لما تقدم من الأحاديث. [الثاني] هل يجب قراءة السورتين أم لا؟ الذي أذهب الاستحباب وهو اختيار الشيخ في الخلاف والظاهر من كلامه في المبسوط ذلك أيضا وبه قال السيد المرتضى وابن إدريس ونقل عن بعض أصحابنا وجوب السورتين. لنا: ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة غير سورة الجمعة متعمدا؟ قال: لا بأس بذلك وما رواه عن محمد بن سهل الأشعري عن أبيه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا؟ قال لا بأس ولان الأصل براءة الذمة وقد ثبت الاستحباب فالزائد محتاج إلى دليل احتج الموجبون بما رواه الشيخ في الحسن عن عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله عليه السلام من صلى الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر وما رواه في الصحيح عن صباح بن صبيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ بقل هو الله أحد؟ قال: يتمها ركعتين ثم يستأنف وما رواه في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله صلى الله عليه وآله بشارة لهم والمنافقين توبيخا للمنافقين ولا ينبغي تركهما فمن تركهما متعمدا فلا صلاة له والجواب أن ذلك دليل على شدة التأكيد لا على الوجوب كما أنه قد روي أن من دخل في الصلاة بغير أذان استأنف وكذا من دخل الامام وقد صلى بعض الصلاة أتمها نافلة ثم دخل في الجماعة ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيها؟ قال: اقرأهما بقل هو الله أحد فدل ذلك على أن قول أبي عبد الله عليه السلام أعاد في سفر أو حضر إنما أراد به المبالغة وأيضا روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سمعت يقول: لا بأس بأن تقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا. [الثالث] لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة وابتدأ بالجمعة والمنافقين لأنه مستحب فإن فعله (لم يفعله) في محله فاستحب استدراكه، ولما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو الله أحد؟ قال: يرجع إلى سورة الجمعة وفي الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها ولا ترجع إلا أن تكون في يوم الجمعة فإنك ترجع في الجمعة والمنافقين منها وفي الموثق عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في أخرى؟ قال: فليرجع إلى السورة الأولى إلا أن يقرأ بقل هو الله أحد قلت رجل صلى الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو الله أحد؟ قال: يعود إلى سورة الجمعة. [الرابع] لو ذكر بعد تجاوز النصف نقل نيته إلى النفل مستحبا وأعاد الجمعة بالسورتين، ذكره الشيخ وخالف فيه ابن إدريس والأقرب عندي قول الشيخ لرواية صباح وقد مضت احتج ابن إدريس بأن النقل يحتاج إلى دليل ولم يوجد وجوابه أن الرواية دلت عليه ولا خلاف أنه ليس على سبيل الوجوب. [الخامس] أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أنه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة، ولم أقف على قول للأصحاب في الوجوب وعدمه والأصل عدمه ويدل على الجهر ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام: إنما يجهر إذا كان خطبة وبمثله روى في الصحيح عن محمد بن مسلم وما رواه عن عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها وما رواه في الصحيح عن عمر بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام ويجهر بالقراءة. [السادس] يستحب لمن يصلى وحده الظهر قراءة السورتين، بلا خلاف بين علمائنا لأنهما مستحبان في بدلهما فاستحبا فيها ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال: نعم وقال اقرأ سورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة. فرعان [الأول] لو تلبس بقراءة غيرهما فإن لم يتجاوز النصف رجع إلى الجمعة والمنافقين وإلا أتمها نافلة واستأنف الفريضة بالسورتين على جهة الاستحباب والبحث فيه كما في الجمعة. [الثاني] هل يستحب الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة؟ قال الشيخ: نعم ومنع ابن إدريس من ذلك وهو مذهب الجمهور وقال السيد المرتضى في المصباح وأما المنفرد بصلاة الظهر يوم الجمعة فقد روي أن عليه أن يجهر بالقراءة استحبابا وروي أن الجهر استحب لمن صلاها مقصورة بخطبة أو صلاة ظهر أربعا في جماعة ولا جهر على المنفرد والأقرب عندي ما ذكره الشيخ. لنا: رواية الحلبي وقد تقدمت وما رواه عن عمر أن الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وسئل عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة؟ فقال: نعم والقنوت في الثانية وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لنا صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة، فقلت انه ينكر علينا الجهر بها في السفر؟ فقال: اجهروا بها وما رواه عن محمد بن مروان قال سألت