صوحان و عبد الرحمن بن أبي ليلى والثوري والأوزاعي وأحمد وابن المنذر وكره طاوس الإشارة وليس بجيد لأنه قد أومى الناس إلى السائل متى الساعة بالسكوت بحضرة الرسول صلى الله عليه وآله ولان الإشارة (لا) يكره في الصلاة ففي الخطبة الأولى. [السادس] ولا يكره من الكلام ما تضمن مصلحة تفوت بفقده كتحذير الضرر من التردي والواطي حيوانا مؤذيا كالعقرب لأنه يجوز في الصلاة وإفسادها به ففي الخطبة أولى. [السابع] هل يكره الكلام في الجلسة بين الخطبتين الأقرب نعم لأنه سكوت يسير في أثناء الخطبتين فأشبه سكوت النفس وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وإسحاق إلا أنهم قالوا بالتحريم بناء على أصلهم في تحريم الكلام وقال الحسن البصري: لا يمنع من الكلام فيها لان الامام غير خاطب ولا يتكلم فأشبه ما قبلها وما بعدها وهو ضعيف لأنه وإن لم يكن خاطبا إلا أنه في حكمه. [الثامن] لو بلغ الخطيب إلى الدعاء لم يزل كراهية الكلام لأنه لم يفرغ من الخطبة إذ قد بينا أنها مشتملة عليه وقال بعض الجمهور يزول النهي. [التاسع] يكره له العبث والامام يخطب لما فيه الاشتغال بغير الطاعة في وقتها ولمنعه الفهم فلا يحصل الخشوع ولما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله ومن مس الحصا فقد لقا (لقى). [العاشر] لا يكره له الشرب والامام يخطب لأنه في محل الحاجة ولأنه لا يمنع السماع وبه قال مجاهد وطاوس والشافعي وكرهه مالك وأحمد لأنه فعل يشتغل به وليس بجيد ونقل ابن الصباغ من الأوزاعي أنه يبطل وذلك خلاف الاجماع. [الحادي عشر] ولا يكره الصدقة على السؤال خلافا لأحمد فإنه قال حصبته أعجب إلي لان ابن عمر رأى سائل يسأل والامام يخطب يوم الجمعة فحصبه. لنا: العموم الدال على فعل الصدقة ولان كراهية السؤال لا يوجب كراهية الاعطاء على إنا نمنع كراهية السؤال لأنه كلام في محل الحاجة وفعل ابن عمر ليس حجة. [الثاني عشر] ولا يكره فعل الحبوة وهو قول كل من يحفظ عنه العلم ونقل عن عبادة كراهية ذلك. لنا:
أنه غير مانع من الاستماع وفيه غرض مطلوب فكان سائغا بالأصل السالم وبما رواه الجمهور عن علي بن شداد قال شهدت مع معاوية بيت المقدس فجمع بنا فنظرت فإذا جله من في المسجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيتهم محبيين والامام يخطب احتج عبادة بما رواه سهل بن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الحبوة يوم الجمعة والجواب: أنه ضعيف السند وذكره ابن المنذر. [الثالث عشر] لو دخل والامام يخطب كره له الصلاة تحية وغيرها بل يجلس وبه قال شريح وابن سيرين والنخعي وقتادة والثوري ومالك والليث وأبو حنيفة وقال الحسن البصري وابن عتيبة ومكحول والشافعي وإسحاق وأبو ثور يصلي التحية وقال الأوزاعي: إن كان قد صلى تحية المسجد في داره لم يصل وإلا صلاها. لنا: قوله تعالى: (وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) قال المفسرون أراد بالقرآن هنا الخطبة وما رواه الجمهور في قوله عليه السلام للذي يتخطى رقاب الناس اجلس فقد أذيت (أوذيت) وأنيت وما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
إذا خطب الامام فلا صلاة ولا كلام ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم قال سألته عن الجمعة إلى قوله فيصعد المنبر فيخطب ولا يصلي الناس ما دام الامام على المنبر ولان ذلك مانع من السماع المطلوب فكره احتج المخالف بما رواه جابر قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وآله يخطب الناس فقال صليت بأولان قال: لا، قال: قم فاركع. والجواب: أنه معارض بما ذكرناه من الحديث وبما رواه ثعلبة بن أبي مالك أنهم كانوا في زمن عمر يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر فإذا خرج وجلس على المنبر وأخذ المؤذنون جلسوا يحدثون حتى إذا سكت المؤذنون وقام عمر سكنوا فلم يتكلم أحد وذلك يدل على اشتهار هذا الامر بينهم. * مسألة: ويدرك الجمعة بإدراك الامام راكعا في الثانية وبه قال في الصحابة ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وفي التابعين سعيد بن المسيب والزهري وفي الفقهاء مالك والشافعي والأوزاعي والثوري وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال عطا وطاوس ومجاهد ومكحول من لم يدرك الخطبة صلى أربعا. لنا: ما رواه الجمهور عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أدرك من الجمعة فقد أدرك الصلاة وعن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وآله من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة؟ فقال: يصلي ركعتين فإن فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا وقال إذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فإن (أنت) أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع وعن أبي بصير وأبي العباس عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة وإن فاتته فليصل أربعا وعن عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أدركت الامام يوم الجمعة فقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها فإن أدركته وهو يتشهد فصل أربعا ولان في إدراك الجمعة بما ذكرناه نوع تخفيف احتج المخالف بأن الخطبة شرط فلا يكون جمعة في حق من لم يوجد في حقه شرطها والجواب الخطبة شرط في صحة الجمعة (في ادراكها) لادراكها فإنه ينشأ التنازع لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون الجمعة إلا لمن أدرك الخطبتين لأنا نقول أنه أراد بذلك معنى الكمال جمعا بين الأدلة. فروع: [الأول] لو أدرك معه أقل من ذلك بأن وجده قبل رفع رأسه من الركعة الثانية فاتته الصلاة ووجب الظهر ذهب إليه علمائنا أجمع وهو قول أكثر أهل العلم وقال النخعي وداود والحكم وحماد وأبو حنيفة وأبو يوسف يكون مدركا للجمعة بأي قدر أدركه مع الصلاة من الامام ولو كان يسيرا حتى أن أبا حنيفة قال: لو أدركه في سجود السهو بعد التسليم كان مدركا لها. لنا: قوله عليه السلام: من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة وذلك يدل من حيث المفهوم على من أدرك الأقل فليس بمدرك لأنه في مقام الترغيب في الجماعة ولو كانت يدرك بالأقل لكان ذكره أولى وهذا المفهوم من قبيل أظهر المفهومات ولأنه قول جماعة كثيرة