الأول: الامر بالجمعة للسبعة لا يستلزم نفيها عن الأقل إلا من حيث دليل الخطاب أو مفهوم الشرط وكلاهما لا يعارضان النص، وعن الثاني: بعدم تسليم صحة السند أنه معارض بما ذكرناه من الأحاديث فينبغي الامر في الجمعة سليما عن الاشتراط وأيضا فيحتمل أن الباقر عليه السلام إنما حكم بنفي الوجوب على الأقل بناء على الغالب إذ من المستبعد انفكاك المصير من العدد الذي ذكره من الحاكم وغيره وإذا كان الحكم إنما هو على الغالب فلا دلالة فيه فهذا وإن كان بعيدا إلا أنه أولى من الاسقاط ويؤيده تعديده عليه السلام لمن ذكره، عن الثالث أنه لا حجة فيه إذ يجوز أن يكون قد وقع اتفاقا إلا أنه شرط، وعن الرابع:
ان ابن الجوزي قد ضعف هذا الحديث فلا احتجاج فيه وأيضا فإنه دال على أن كل أربعين يجب عليهم الجمعة لا على عدمها عن الأقل إلا من حيث دليل الخفات وهو ضعيف وأيضا فإن قوله من السنة يحتمل أن لا يكون المراد سنة الرسول صلى الله عليه وآله لقوله من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر العامل بها إلى يوم القيامة ولو سلم في الاستدلال بما ضعيف جدا، وعن الخامس: أنه ضعيف عندهم ومع ذلك فإن أحمد الذي رواه قد عمل بخلافه وذلك مما يطرق إليه التهمة، وعن السادس: بمثله وأيضا فإنه يمكن أن يكون قد وقع اتفاقا لان اجتماع الخمسين شرط، وعن السابع: أنه يمكن وقوعه اتفاقا لأنه اشترط وكذا الثامن، وعن التاسع: أنه قياس في الأمور للقدرة وهو غير مسموع إذ باب التقديرات مأخوذة من النص وهو الجواب عن الباقي. * مسألة:
والخطبة شرط في الجمعة وهو قول عامة أهل العلم لا نعرف فيه مخالفا إلا الحسن البصري فإنه قال: يجزي الجمعة خطب الامام أو لم يخطب. لنا: قوله تعالى:
(فاسعوا إلى ذكر الله) والمراد الخطبة ووجوب السعي إليها يستلزم وجوبها ولأنه عليه السلام لم يصل إلا بالخطبة والمداومة تقتضي الايجاب وأيضا قال " صلوا كما رأيتموني أصلي " وهذا الامر يفيد الوجوب وما رواه الجمهور عن عمر قال قصرت الصلاة لأجل الخطبة وبمثله رووا عن عائشة وسعيد بن جبير ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم لما سأله عن الجمعة فقال فيصعد المنبر فيخطب وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن إناث في قرية هل يصلون الجمعة جماعة؟ قال: نعم يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب ويقدم وجوب الخطبة يعد (يصلى) هذا الشرط على تقدير عدمها فيجب الظهر وما رواه فضل بن عبد الملك وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وما رواه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام وإنما جعل الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام احتج الحسن البصري بأنها صلاة عيد فلا يجب فيه الخطبة كالأضحى والجواب منع عدم وجوبها في الأضحى على ما يأتي ولو سلم فالفرق ثابت إذ هذه الخطبة قد غيرت الفرض وقامت مقام بعضه بخلاف الأضحى. * مسألة: الاجماع شرط في الجمعة فلا يصح فرادى ولا نعرف فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة بعده إنما صلوها جماعة والملازمة إنما يكون في الواجب ولأنه عليه السلام قال " صلوا كما رأيتموني أصلي ". * مسألة: والوقت شرط للجمعة وهو الزوال إلى أن يصير ظل كل شئ مثله وهو مذهب علمائنا أجمع إلا ما نقله الشيخ في الخلاف عن السيد المرتضى قال وفي أصحابنا من قال أنه يجوز أن يصلي الفرض عند قيام الشمس بعزم الجمعة خاصة وهو اختيار المرتضى والذي اخترناه قول أكثر أهل العلم وذهب أحمد إلى أن وقتها حين يرتفع النهار وعنه أنها تصلي في ساعة السادسة وروي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوها قبل الزوال وقال بعض الحنابلة أنه يجوز فعلها في وقت صلاة العيد وقال عطا كل عيد حين يمتد الضحى الجمعة والأضحى والفطر. لنا: ما رواه الجمهور عن سلمة بن الأكوع قال كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وآله إذا زالت الشمس ثم نرجع بتتبع الفئ متفق عليه وروى البخاري عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين تميل الشمس وقول الصحابي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يفعل كذا إنما يكون مع المداومة ولولا الوجوب وإلا لما دام ولقوله " صلوا كما رأيتموني أصلي " ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حتى تزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل عليه السلام يا محمد صلى الله عليه وآله قد زالت الشمس فأنزل فصل وفي الصحيح عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال وقت صلاة الجمعة عند الزوال وفي الصحيح عن محمد بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا صلاة نصف النهار إلا الجمعة وفي الصحيح عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: فإن صلاة الجمعة من الامر الضيق إنما لها وقت واحد حين تزول ولأنها صلاة وقت واحد فاتحد الوقت لها كالتمام والقصر ولان الجمعة بدل ما شبهت المبدل و لان آخر وقتها واحد فأعد (وكذا) الأول كصلاة الحضر والسفر احتج المخالف بما رواه جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي يعني الجمعة ثم تذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس وعن سهل بن سعد قال ما كنا نقيل ولا؟ نتغد؟ إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله قال ابن قتيبة ولا يسمى غدا ولا قائلة بعد الزوال وبما رواه وكيع الأسلمي قال شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار والجواب عن الأول: أنه معارض بما ذكرناه من الأحاديث ويجوز أن يكون الراوي قد سهى في ذلك، وعن الثاني: أنه لا دلالة فيه إذ مفهوم القيلولة هو النوم في الظهيرة والقائلة الظهيرة كما ذكره صاحب الصحاح والظهيرة الهاجرة، والهاجرة نصف النهار وكيف يصح ما ذكره ابن قتيبة على أنه يحمل إرادة المجاز للقرب عملا بحديثنا الدال على أنه صلى الله عليه وآله إنما كان يصلي بعد الزوال، وعن الثالث:
بما ذكرناه في الأول وبأن عمل أبي بكر ليس بحجة إجماعا وأيضا لو جازت الصلاة قبل الزوال لفاتت الصلاة أكثر المقيلين فإن الوقت الحاضر لهم والجامع لمبتدرهم إنما هو الزوال لمعرفتهم به. * مسألة: وانفراد الجمعة شرط فيها بمعنى أنه لا يصلح أن يصلى جمعتان في موضعين إذا لم يكن بينهما ثلاثة أميال