قدر كر لم ينجسه شئ وهذا يدل على أن بلوغ الكرية مانع من التأثير لا على أنه رافع لما كان. ثانيا: وعن الثاني أن الآيات والأحاديث الذي ذكرها غير دالة على محل النزاع فإنا لم نمنع من جواز استعمال الماء ولكن النزاع في تطهر النجس بالاتمام. وعن الثالث: إن دعوى الاجماع كدعوى تواتر حديثه. فروع [الأول] لو كان بعض الكر نجسا وتمم المستعمل فكالأول. [الثاني] لو قلنا بالطهارة ففرق لم يصر نجسا كما لو كان كرا عند وقوع النجاسة ثم فرق. [الثالث] لو قلنا بالطهارة لم يشترط خلوه من نجاسة عينية نعم يشترط خلوه عن التغير. [الرابع] إنما لا يقبل النجاسة الكثير من محض الماء فلو كثر النجس القليل بما ورد لم يطهر ولو كمل الطاهر بما ورد كرا ثم وقعت فيه نجاسة فالأقرب عدم التأثير إن بقي الاطلاق خلافا للشافعي. [الخامس] لو نجس القليل وزيد عليه ما يقهره ولم يبلغ حد الكثرة لم يزل حكم التنجيس خلافا للشافعي في أحد الوجهين لكن شرطوا طهارة الوارد ووروده على النجس فإن نريد؟ الوارد على الأول وأن لا يكون فيه نجاسة جامدة. [السادس] لا يطهر عن الماء من المائعات خلافا للحنابلة حيث جوزوا تطهير الدهن بأن يلقى عليه ماء كثير ويضرب جيدا وهو باطل لعدم العلم بالوصول. مسألة: قد ذكرنا أن الأقوى عندنا عدم تنجيس البئر بالملاقاة فالنزح الوارد عن الأئمة (ع) إنما كان تعبدا والقائلون بالتنجيس جعلوه طريقا إلى التطهير إذا عرفت هذا فنقول الواقع في البئر على أنواع. {الأول} ما يوجب نزح الجميع وهو موت البعير والثور فيها ووقوع الخمر وكل مسكر والفقاع والمني ودم الحيض والاستحاضة والنفاس لما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا مات فيها بعير أو يصيب فيها خمر فلينزح وروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال: وإن مات فيها ثور أو نحوه أوصب فيها خمر نزح الماء كله ولا يعارض هذا برواية عمرو بن سعيد بن هلال عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عما يقع في البئر وعد أشياء إلى أن قال حتى بلغت الحمار والجمل قال: كر من ماء لان عمرو هذا فطحي والأصحاب لم يعملوا بهذه الرواية أيضا ولا برواية زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر قال الخمر والدم والميت ولحم الخنزير في ذلك كله واحد نزح فيه عشرون دلوا فإن غلب الريح نزحت حتى تطيب لأنا لم نعرف من الأصحاب من عمل بها غير ابن بابويه في المقنع والرواة لها لا يحضرني الآن حالهم قال الشيخ وأيضا فهذا خبر واحد لا يدفع ما يقدم ولان العمل بالأول يستلزم العمل بهذا بخلاف العكس ولا برواية كردويه قال سألت أبا الحسن (ع) عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال: ينزح منها ثلاثون دلوا لما ذكرناه أولا وقال بعض المتأخرين يمكن تنزيل الروايتين على القطرة من الخمر ويفرق بين القطرة وصبه كالدم لأنه ليس أثر القطرة في التنجيس كالمصبوب لشباعته وهذا ضعيف أما {أولا} فلان رواية زرارة اشتملت على حكم التغير ومن المستبعد بل المحال حصول التغير عن القطرة لا يقال المراد فإن تغيرت بالانصباب لأنا نقول هذا ضعيف من وجهين. الأول: الاضمار. والثاني: أن الأنصاب موجب لنزح الجميع فمع التغير أولى فأما {ثانيا} فلان أحدا من أصحابنا لم يفرق بين قليل الخمر والكثير إلا من ثبت وقال الشيخ والمفيد والسيد المرتضى إن حكم المسكرات حكم الخمر ولم يظفر في ذلك بحديث سوى ما رويناه عن زرارة وهم غير عاملين به نعم يمكن أن يدخل تحت حكمه لما رواه عطا بن يسار عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل مسكر خمر وروى ابن يقطين عن أبي الحسن الماضي (ع) قال كلما عاقبت (عاقبته) الخمر فهو خمر فيقول إطلاق الخمر على المسكر إما بالقياس في التسمية والجامع الاسكار ويلزم منه جواز إثبات اللغة بالقياس وقد ذهب إليه بعضهم وإما من حيث المشاركة في الحكم وعلى كلا التقديرين يلزم المطلوب وأما الفقاع فقد ألحقه الشيخ بالخمر وتبعه أبو الصلاح وابن إدريس وادعى فيه الاجماع ولم يقف على حديث يدل عليه سوى ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن الفقاع فقال لا تشتر به فإنه خمر مجهول وعدي الرضا (عليه السلام) وهو حرام وهو خمر وعن أبي الحسن الأخير (ع) قال: هي خمر استصغرها الناس والبحث فيه كالخمر وأما المني فقد قال الشيخ إنه يوجب نزح الجميع وتبعه جماعة ولم نقف فيه على خبر ويمكن أن يقال إنه ماء محكوم بنجاسته وتقدير بعض المنزوحات ترجيح من غير مرجح فيجب الجميع لكنا لما طعنا في المقدمة الأولى سقط عندنا هذا الدليل وأما دم الحيض والاستحاضة والنفاس فقد ألحقه الشيخ بهذا النوع ولم يظفر فيه بحديث مروي. فروع [الأول] لو تعذر نزح الجميع لكثرته تراوح عليها أربعة رجال مثنى مثنى من طلوع الفجر إلى الغروب ولم أعرف فيه مخالفا من القائلين بالتنجيس ويدل عليه أيضا ما رواه عمار عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل قال وسئل عن بئر وقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير قال نزف كلها فإن غلب عليها الماء فلينزف يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفوا يوما إلى الليل وقد طهرت وهذه الرواية ضعيفة من وجهين، الأول: السند فإن رواتها فطحية. الثاني: المتن فإن أحدا من أصحابنا لم يوجب نزح الجميع بموت الكلب والفأرة والخنزير أجاب الشيخ عن الثاني باحتمال التغير واستدل الشيخ أيضا بما رواه عمرو بن سعيد بن هلال عن الباقر (ع) قال سألته عما يقع في البئر ما بين الفأرة والسنور إلى الشاة فكل ذلك يقول سبع دلاء قال حتى بلغت الحمار والجمل قال كر من ماء إن كان كثيرا قال الشيخ تراوح للأربعة يوما يزيد عن الكر فيجب أن يكون مجزيا والبحث في هذه الرواية في السند والمتن كما مر ويزيد عليه أن هذه الرواية دلت على الاكتفاء بالكر والتراوح وإن زاد على الكر لكن لا دلالة في هذه الرواية على أنه يقوم مقام نزح الجميع والأقرب أن يقال إنه بالتراوح يغلب على الظن زوال ما كان في البئر فيصار إليه. [الثاني] إن أوجبنا الرجال لم يجز النساء ولا الصبيان ويشكل لو ساوت قوتهم قوة الرجال
(١٢)