لا يمكن أن يجعله الشارع طريقا إلى التطهير. الرابع: إنه بجريانه من منابعه أشبه الماء الجاري فيتساويان حكما. الخامس: الأصل الدال على الطهارة وعلى نفي الحرج المستفاد من التنجيس والجواب عما احتجوا أولا من وجوه {أحدها} انه (عليه السلام) لم يحكم بالنجاسة أقصى ما في الباب أنه أوجب النزح. {وثانيها} أنه لم لا يجوزان يكون قوله نزح منها دلوا وإن كان متضمنا للطهارة إلا أن المراد ها هنا النظافة لا ضد النجاسة فإن هذه الأشياء المعدودة من القاذورات أو تقريره (عليه السلام) لقول السائل حتى يحل الوضوء منها بعد تسليمه ليس فيه دلالة على التنجيس فإنا نقول بموجبه حيث أوجبنا النزح ولم نسوغ الاستعمال قبله. {وثالثها} يحمل على ما إذا تغيرت جمعا بين الأدلة. {ورابعها} هذه دلالة مفهوم وهي ضعيفة خصوصا مع معارضتها للمنطوق والمفهوم. {وخامسها} يحمل المطهر ها هنا على ما أذن في استعماله وذلك إنما يكون بعد النزح لمشاركته للنجس في المنع جمعا بين الأدلة وهذه الأجوبة آتية في الحديث الثاني وعن الثاني: بأن عمل الأكثر ليس بحجة وأيضا فكيف يدعى عمل الأكثر ها هنا مع أن الشيخ وابن أبي عقيل ذهبا إلى ما نقلناه عنهما وعن الثالث: بالمنع عن الملازمة أولا قوله الشرط فقدان الطاهر قلنا ليس على الاطلاق بل المأذون في استعماله فإن المستعمل في إزالة الحدث الأكبر طاهر عند أكثر أصحابنا يجب معه التيمم فكذا ها هنا وثانيا: بالمنع من بطلان التالي والحديث الذي ذكره غير دال على التنجيس فإنه يحتمل رجوع النهي إلى المصلحة الحاصلة من فقدان الضرر بالوقوع والنهي عن إفساد الماء أما على معنى عدم الانتفاع به إلا بعد النزح وأما على النهي عن إظهار الاجزاء الحمية في البئر وخلطها بالماء وبالجملة فهل الحديث أيضا يدل بمفهومه والملازمة الثانية من الوجه الثاني ممنوعة والملازمة في الوجه الرابع ممنوعة ولا يلزمه عدم العلم بالفائدة العلم بالعدم إذا عرفت هذا فالأقوى عندنا عدم التنجيس بالملاقاة. فائدة: لا يكره الطهارة بالبئر ويستوي في ذلك زمزم وغيرها من الآبار وهذا مذهب العلماء ويحكى عن أحمد كراهة الطهارة بماء زمزم. لنا: أنه ماء مطلق فيساوي غيره. احتج بما روي عن العباس إنه قال: لا أحله الغسل أما للتأدب فحل بل والجواب بعد سلامة النقل لعله قال ذلك في وقت قلة المياه وكثرة الحاجة إلى الشرب أو لان الغسل ربما لا ينفك عن النجاسة ويحرم غسلها في المسجد. [البحث الثاني: في كيفية تطهير المياه من النجاسات] مسألة: المتغير إما أن يكون جاريا أو واقفا فالجاري إنما يطهر بإكثار الماء المتدافع حتى يزول التغير لان الحكم تابع للوصف فيزول بزواله ولان الطارئ لا يقبل النجاسة لجريانه والمتغير مستهلك فيه فيطهر ولو زال التغير من قبل نفسه أو بملاقاة أجسام طاهرة غير الماء وتصيف (أو تصريف) الرياح المشهور لا يطهر لان النجاسة حكم شرعي فيتوقف زواله عليه ولأنها نجسة قبل الزوال فيستصحب الحكم ولان النجاسة تثبت بوارد فلا تزول إلا بوارد بخلاف نجاسة الخمر فإنها تثبت بغير وارد فيطهر بغير وارد وقال الشافعي وأحمد: إن زال طول المكث عاد طهورا وإن زال لطرح المسك والزعفران فلا لأنهما ساتران مزيلان وفي التراب قولان مبنيان على أنه مزيل أو ساتر ولو زال التغير بأخذ بعضه لا يطهر وإن كان الباقي كرا وكذا لو زال التغير بإلقاء أقل من كر على الأقوى خلافا لبعض علمائنا وللشافعي لنا: أ نه بملاقاته الماء النجس ينجس فلا يكون مطهرا وكذا باقي الأجسام كالمسك والزعفران ولأنها (لا) تطهر نفسها فأولى أن لا يطهر غيرها.
مسألة: الماء القليل إن تغير بالنجاسة فطريق تطهيره إلقاء كر عليه دفعة فإن زال تغيره فقد طهر إجماعا وإن لم يزل وجب إلقاء أقل من كر آخر وهكذا إلى أن يزول التغير ولا يطهر بزوال التغير من قبل نفسها إجماعا منا وهو ظاهر ومن القائلين بطهارة الكثير المتغير بزوال تغيره لان المقتضى للتنجيس في الكثير التغير فيزول بزواله وفي القليل الملاقاة لا التغير فلا يؤمن زواله في عدم التنجيس وإن لم يتغير قال الشيخ في الخلاف: يشترط في تطهير الكر الورود قال في المبسوط: لا فرق بين أن يكون الطارئ نابعا من تحته أو يجري إليه أو يغلب فإن أراد بالنابع ما يكون نبعا من الأرض ففيه إشكال من حيث إنه ينجس بالملاقاة فلا يكون مطهرا وإن أراد به ما يوصل إليه من تحته فهو حق وهل يطهر بالاتمام الوجه أنه لا يطهر سواء تمم بنجس أو طاهر وتردد في المبسوط وجزم المرتضى في المسائل الرسية وابن البراج وابن إدريس بالتطهير وللشافعية في اجتماع القلتين من الماء النجس وجهان. لنا: أن النجاسة حكم شرعي فيقف زواله عليه ولان النجاسة سابقة قبل البلوغ فلا يؤثر في العمل به الشك عنده وللنهي عن استعمال غسالة الماء الحمام وهي لا ينفك عن الطاهر واستدل المرتضى بوجهين الأول بلوغ الكرية يوجب استهلاك النجاسة ولا فرق بين وقوعها قبل البلوغ وبعده الثاني لو لم يحكم بالطهارة حينئذ لما حكم بطهارة الكثير إذا اشتبه وقوع النجاسة فيه قبل البلوغ وبعده والتالي باطل اتفاقا فالمقدم مثله بيان الملازمة إن احتمال الوقوع في الحالتين على السوية فلا أولوية واحتج ابن إدريس بوجوه {أحدها} قوله (ع) إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا ادعاه متواترا. {الثاني} قوله تعالى: (وينزل من السماء عليكم ماء ليطهركم به) وقوله: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) وقوله: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وقوله: (حتى تغتسلوا) أجاز الدخول في الصلاة بعد الاغتسال فالمغتسل بالمتنازع يصدق عليه اسم الاغتسال وقوله (ع) لأبي ذر: إذا وجدت الماء فأمسه جلدك والمتنازع فيه ماء وقوله (ع) أما أنا فأحثو ثلاث حثيات من ماء فإذا أنا قد طهرت ولم يختص ماء بالذكر. {الثالث} الاجماع والجواب عما احتج به سيد المرتضى أولا بالمنع من المساواة ضرورة كون الأصل منصوصا عليه بخلاف المتنازع فإن أسندها إلى القياس فباطل والفرق واقع فإن البالغ له قوة على عدم الانفعال على الملاقي بخلاف المنفعل وعن الثاني:
بالمنع ملازمة (عن الملازمة) وتساوي الاحتمالين ممنوع بالأصل الدال على الطهارة فالحاصل أن الطهارة و (إن) لم يسند إلى (إلا) أن البلوغ رافع للتنجيس وعما احتج به ابن إدريس أولا بالمنع من الرواية قال الشيخ رواها مرسلة في المبسوط ولم يسندها في غيره نعم قد وردت أحاديث كثيرة بقولهم (ع) إذا بلغ الماء