يصلي إلى أبي قبيس مستقبل القبلة فقال: لا بأس وكذا لو صلى في موضع منخفض عن الكعبة فإنه يستقبل الجهة وتصح صلاته ولا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم. * مسألة: أجمع كل أهل الاسلام على أن استقبال القبلة واجب في الفرائض وشرط فيها قال الله تعالى: (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) وقال: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) وروى البراء قال قدم رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم إنه وجه إلى الكعبة فمر رجل كان صلى مع النبي صلى الله عليه وآله على قوم من الأنصار فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وجه إلى الكعبة فانحرفوا إلى الكعبة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشر سنة بمكة وتسعة عشر شهرا بالمدينة ثم عيرته اليهود فقالوا له انك تابع لقبلتنا فاغتم لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج (ع) يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل (ع) فقال له: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) الآية ثم أخذ بيد النبي صلى الله عليه وآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخره إلى الكعبة وبلغ ذلك الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو الكعبة فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس وآخرها الكعبة فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين فقال المسلمون صلواتنا إلى بيت المقدس يضع يا رسول الله فأنزل الله عز وجل: (وما كان الله ليضيع أيمانكم) يعني صلواتكم إلى بيت المقدس وفي هذا الحديث فوائد فقهية وأصولية ذكرناها في كتاب الانتصار الاعتبار. * مسألة: وجوب الاستقبال يستدعي وجوب معرفة القبلة وإلا لزم التكليف بالمحال ومعرفة القبلة قد يحصل بالمشاهدة وهذا يخص الحاضرين في المسجد الحرام وقد يحصل بالدلائل والعلامات وذلك حكم (القائلين) الغائبين في الأمصار والبحث ها هنا في الدلالة وأوثق أدلتها النجوم قال الله تعالى: (وبالنجم هم يهتدون) وكل أقليم يتوجهون سمت الركن الذي يليهم فأهل الشرق يتوجهون إلى الركن العراقي وأهل العرب إلى المغرب وأهل الشام إلى الشامي وأهل اليمن إلى اليمني ولنبدأ بالعراقي واستقبال أهله إليه وعلامتهم وضع الجدي خلف المنكب الأيمن روى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألت القبلة قال ضع الجدي في قفاك وصل ولهم علامة أخرى بأن يجعل المشرق محاذيا للمنكب الأيسر و المغرب مقابله أو يجعل الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي الانف والقمر يبد وأول ليلة من الشهر هلالا في المغرب عن يمن المصلي ثم متأخر كل ليلة نحو المشرق منزلا حتى يكون ليلة السابع وقت المغرب في قبلة المصلي أو مائلا عنها قليلا ثم يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق قبل غروب الشمس بدو أو ليلة إحدى وعشرين يكون في قبلة المصلي أو قريبا منها وقت الفجر أما الاستدلال بالأنهار فلا اعتداد به لاختلافه وعدم ضبطه، واما علامات أهل الشام فست بنات نعش والجدي وموضع مغيب سهيل وطلوعه والصبا والشمال فإذا كانت بنات نعش حال غيبوبتها خلف الاذن اليمنى والجدي خلف الكتف الأيسر إذا طلع وموضع مغيب سهل على العين اليمين وبين طلوع العينين والصبا على الخد الأيسر والشمال على الكتف الأيمن كان مستقبلا للقبلة، وعلامات أهل المغرب ثلاث الثريا والعيوق والجدي فإذا كان الثريا على يمينه والعيوق على شماله والجدي على صفحة خده الأيسر فقد استقبل القبلة، وعلامات أهل اليمن ثلاث الجدي والسهيل والجنوب فإذا كان الجدي وقت طلوعه على عينه (عينيه) وسهيل حين يغيب بين كتفه والجنوب على مرجع كتفه اليمين فقد توجه إلى القبلة ذكر علامات هذا الأركان الثلاثة ابن حمزة من علمائنا رحمهم الله. * مسألة: وقد ورد في أخبارنا التياسر قليلا لأهل العراق وأفتى به الشيخ وظاهر كلامه يعطي الوجوب والأشبه الاستحباب وذلك إنما يكون على تقدير أن يكون التوجه إلى الحرم أما إذا قلنا بأن التوجه إلى الكعبة على ما اخترناه فلا يتمشى فيه ذلك روى الشيخ عن المفضل بن عمر انه سأل أبا عبد الله (ع) عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه فقال: ان الحجر الأسود لما نزل به من الجنة ووضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه النور الحجر الأسود فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنى عشر ميلا فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم وإذا انحرف الانسان ذات اليسار لم يكن خارجا من حد القبلة وروى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد رفعه قال قيل لأبي عبد الله (ع) لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار فقال: لان الكعبة ستة حدود أربعة منها على يسارك واثنان منها على يمينك فمن أخل ذلك وقع التحريف على اليسار والمفضل بن عمر ضعيف والثانية مرسلة فلا تعويل عليهما. * مسألة:
ولو فقد العلم اجتهد فإن غلب على ظنه جهة القبلة لامارة من الامارات عول عليه وهو قول أهل العلم روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: يجري المجرى أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة وعن سماعة عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس ولا القمر ولا النجوم قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك ولم لو يغلب على ظنه وفقدت الامارة وجعل الاشتباه صلى الصلاة الواحدة إلى أربع جهات دفعات ذهب إليه علماؤنا قال داود: ويصلي إلى أي جهة شاء وقال الشافعي: يقلد غيره وقال أبو حنيفة وأحمد: يصلي ما بين المشرق والمغرب ويتحرى الوسط.
لنا: الاستقبال واجب ولا يتم إلا بما قلناه فيكون واجبا لان ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا وإلا لزم التكليف بالمحال أو خروج الواجب المطلق عن الوجوب وما رواه الشيخ عن فراش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قلت جعلت فداك إن هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا