لو اجتهد أحدهما وأراد الآخر تقليد من غير اجتهاد لم يجز ذلك لأنه يتمكن من الاجتهاد فلا يعول على غيره هذا إذا كان الوقت واسعا أما مع ضيق الوقت عن الاجتهاد ففي جواز الرجوع إلى التقليد نظر أقربه الجواز كمن دخل إلى مدينه فإنه يعول على قبلة أهلها. [الثالث] قال الشيخ إذا اختلف الاجتهاد لم يأتم أحدهما بالآخر وبه قال الشافعي خلافا لأبي ثور. لنا: إن كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه فلا يجوز له أن يأتم به كما لو خرجت من أحدهما ريح واعتقد كل منهما أنها من صاحبه احتج أبو ثور بأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة صاحبه وإن فرضه التوجه إلى ما يوجه إليه والجواب: ان وجبت المتابعة لزم ضرورة (صرورة) التابع إلى خلاف اجتهاده لأجل الغير وذلك باطل وإن لم يجب لم يبق قوله (ع) إنما جعل الامام إماما ليؤتم به مطلقا مع أصالته. [الرابع] لو اتفق الامام والمأمومون في الجهة بالاجتهاد ثم عرض له في أثناء الصلاة ظن الفساد استدار فإن غلب على ظن المأمومين ذلك تابعوه وإلا ثبتوا على حالهم وأتموا منفردين ولو اختلف المأمومون صلى كل منهم إلى جهة ظنه وفارقوا الامام. [الخامس] يرجع الأعمى والمقلد إلى أوثق المجتهدين عدالة ومعرفة في نفسه لان الصواب إليه أقرب ولو قلد المفضول لم يصح صلاته خلافا للشافعي. لنا: انه ترك المأمور به فلا يجزي ما فعله كالمجتهد إذا ترك اجتهاده احتج الشافعي بأنه رجع إلى من له الرجوع إليه لو انفرد وكذا مع الاجتماع كما لو استويا والجواب الفرق ظاهر. [السادس] لا عبرة بظن المقلد هنا فإنه لو غلب على ظنه إصابة المفضول لم يمنعه ذلك من تقليد الأفضل ولو تساويا يجز في تقليده من شاء منهما كالعامي مع المجتهدين. [السابع] حكم المجتهد إذا حضره مانع كرمد العين أو عارض يمنعه من الاجتهاد كالجلس حكم الأعمى والمقلد سواء لأنه كالأعمى في عدم التمكن من الاجتهاد فيساويه في الحكم. [الثامن] لو شرع في الصلاة بتقليد مجتهد فقال له آخر قد أخطأ فإن استند المخبر بالخطأ إلى التقصير رجع إلى قوله مع عدالته لان الظن الحاصل من قوله أقوى وإن استند إلى الاجتهاد استمر على حاله ان تساويا في العادلة وإلا رجع إلى قوله. [البحث الثاني] فيما يستقبل له، * مسألة: لا نعرف خلافا بين أهل العلم في كون الاستقبال شرطا في الفرائض أداء وقضاء مع التمكن وزوال العذر فأما النوافل فالأقرب أنها كذلك نص عليه الشيخ لأنه شرط للصلاة فاستوى الفرض والنفل فيه كالطهارة والاستتار إلا في حال السفر وهو قول أكثر أهل العلم. * مسألة: ويجب الاستقبال إلى القبلة للذبيحة واحتضار الأموات وغسلهم والصلاة عليهم ودفنهم وذهب إليه علمائنا وهذه الأحكام بعضها قد مضى والباقي سيأتي. * مسألة:
ويسقط فرض الاستقبال مع شدة الخوف بحيث لا يتمكن من استيفاء واجبات الصلاة قال الله تعالى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) وروى الجمهور عن نافع عن ابن عمر قال فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبل القبلة وغير مستقبلها قال نافع لا أرى ابن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المواقعة إيماء على دابته قال قلت أرأيت إن لم يكن المواقف على وضوء ولا يقدر على النزول كيف يصنع قال: تيمم من لبده أو سرجه أو معرفة دابته فإن فيها غبارا أو يصلي ويجعل السجود أخفض من الركوع ولا يدور إلى الكعبة و لكن أينما دارت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه ولأنه حال ضرورة فيسقط فرض الاستقبال تحقيقا كغيره. * مسألة:
ويستقبل بأول تكبيرة القبلة وهي تكبيرة الافتتاح واجبا ذهب إليه علماؤنا وهذا مع التمكن أما بدونه فلا وبه قال أحمد في إحدى الروايتين وعنه لا يجب. لنا: ما رواه الجمهور عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في السفر فأراد أن يصلي على راحلته استقبل القبلة ثم كبر ثم صلى حيث توجهت. ومن طريق الخاصة رواية زرارة عن الباقر (ع) غير أنه يستقبل بأول تكبيرة حيت يتوجه ولأنه جزء من الصلاة التي يجب فيه الاستقبال مع الامكان فيكون حكمه حكمها في وجوب الاستقبال مع الامكان ضرورة توقف الاستقبال في الكل عليه وما يتوقف عليه الواجب فهو واجب احتج المخالف بأنه جزء من أجزاء الصلاة فلم يجب الاستقبال فيه كيفية الاجزاء والجواب الفرق ظاهر لوجود المكنة فيه دون بقية الاجزاء وقياس ما فيه معنى المقتضي للوجوب على الخالي عنه في انتفاء الوجوب باطل. * مسألة: والطالب للعدو الذي يخاف فواته يصلي مستقبلا وهو قول أكثر أهل العلم وقال الأوزاعي وأحمد في إحدى الروايتين أنه يصلي صلاة خائف.
لنا: قوله تعالى: (فإن خفتم فرجالا وركبانا) شرط الخوف ولأنه أمن فليزمه صلاة الامن كما لو لم يجب الفوات احتج أحمد بما رواه عبد الله بن أنس قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى خالد بن سفير الهزلي وكان نحو عرفة أو عرفات قال اذهب فاقبله فرأيته وحضرت صلاة العصر فقلت إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة فانطلقت أمشي وانا أصلي أومى أي ما نحوه فلما دنوت منه قال لي من أنت قلت رجل من العرب بلغني أنك مجمع لهذا الرجل فجئتك لذلك قال إني لعلى ذلك فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته لسيفي حتى يرد ولان إحدى حالتي الحرب فأشتبه حالتي الهرب. والجواب عن الأول: انه لا احتجاج به أما أولا فلان فعله ليس حجة وأما ثانيا فإنه لا استبعاد في أن يكون خائفا من فواته الضرر عليه بالرجوع إليه وأما ثالثا: فإنه ربما كان في تلك الحال مستقبلا للقبلة وعن الثاني: بالفرق فإن المقتضي للتخفيف حالة الهرب هو الخوف وهو مفقود حالة الطلب. فرع: هذا الخلاف إنما هو في الطالب الذي يأمن عود العدو عليه أن يشاغل بالصلاة ويأمن على أصحابه أما الخائف