عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) أما لو صلى إلى المشرق أو المغرب فإنه يعيد في الوقت خاصة ولا يعيد خارج الوقت ذهب إليه علماؤنا وقال مالك وأحمد والشافعي في أحد القولين وأبو حنيفة لا يعيد مطلقا وقال الشافعي في الآخر يلزمه الإعادة مطلقا. لنا: على الإعادة في الوقت أنه قد أخل بشرط الواجب مع بقاء وقته والتمكن من الاتيان به بشرطه فلا يكون مجزيا كما لو أخل بالطهارة لا يقال إنه يرد مع خروج الوقت لأنا نقول القضاء تكليف متجدد يقف على الدلالة المستفادة من دليل خارج عما دل عليه الامر الأول بخلاف الصورة الأولى إذ الامر دل على وجوب الاتيان بالفعل بشروطه فلا يسقط إلا معه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك أنك صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد وإن فاتك الوقت فلا تعد وفي الصحيح عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ثم يضحي فيعلم أنه صلى لغير القبلة كيف يصنع قال: إن كان في وقت فليعد صلاته وإن كان مضى الوقت فحسبه اجتهاده ومثله رواه عن زرارة عن أبي جعفر (ع) ويعقوب بن يقطين عن العبد الصالح موسى (ع) لا يقال هذه الأحاديث تتناول أيضا ما لو صلى إلى ما بين المشرق والمغرب وأنتم لا تقولون به لأنا نقول إنا خصصنا تلك النصوص بحديث معاوية بن عمار وقد تقدم لا يقال ليس تخصيص هذه الأحاديث بخبر معاوية بن عمار أولى من تخصيص خبر معاوية بأن يقول إن قوله (ع) وما بين المشرق والمغرب قبلة أي لمن خرج الوقت بعد صلاته إلى غير القبلة لأنا نقول ما ذكرناه أولى لوجهين، أحدهما: موافقة للأصل وهو إبراء الذمة إذ لو حملنا حديث معاوية على ما ذكرتم لزمت الإعادة لمن صلى بين المشرق والمغرب والأصل عدمه، الثاني: إنا نمنع تخصيص ما ذكرتم من الأحاديث أصلا لان قوله (ع) ما بين المشرق والمغرب قبله ليس مخصصا للحديث الدال على وجوب الإعادة في الوقت دون خارجه لمن صلى إلى غير القبلة إذ أقصى ما يدل عليه أن ما بين المشرق والمغرب قبلة بل لقائل أن يقول إن قوله إذا صليت وأنت على غير القبلة يتناول لفظ القبلة فيه ما بين المشرق والمغرب أيضا ولنا: على عدم الإرادة مع خروج الوقت ما رواه الجمهور عن ربيعة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أي القبلة فصلى كل رجل حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فنزل فأينما تولوا فثم وجه الله رواه الترمذي وعن جابر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في مسير فأصابنا غيم فيحزننا فاختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة وجعل أحدنا يخط بين يديه ليعلم ان أمكننا فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فلم يأمرنا بالإعادة وقال قد أجزأتكم صلاتكم رواه الدارقطني ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث ولأنه أتى بما أمر به فيخرج عن العهدة كما لو أصاب ولأنه صلى إلى غير الكعبة للعذر فلا يعيد كالخائف ولأنه شرط عجز عنه وأشبه سائر الشروط احتج القائلون بعدم الإعادة مطلقا بحديث ربيعة وجابر واحتج الشافعي على الإعادة مطلقا بأنه قد بان له الخطأ في شرط من شروط الصلاة فيلزمه الإعادة كما لو بان له أنه صلى قبل الوقت أو على غير طهارة والجواب عن الأول: ان الحديثين غير عامين لأنهما وقائع وحكاية الحال لا يوجب عموما وأيضا فإن فحواهما يدلان على خروج الوقت لأنه في الرواية الأولى قال فلما أصبحنا وذلك يدل على خروج الوقت وعن الثاني: بالفرق فإن المصلي قبل الوقت غير مأمور بالصلاة وإنما أمر بعد دخول الوقت ولم يأت بما أومر به أما صورة النزاع فإنه مأمور بالصلاة بغير شك ولم يؤمر إلا بهذه الصلاة وأما الطهارة فإنه إنما يجب عليه الإعادة مع ظهور الخطأ فيها لأنها ليست في محل الاجتهاد لا يقال قد روى الشيخ عن معمر بن يحيى بطريق متعددة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل صلى إلى غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال يصليها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها إلا أن يخاف فوت التي دخل وقتها لأنا نقول الراوي بهذه الرواية بالطرق المتعددة الطاطري وهو ضعيف فلا تعويل عليها وأيضا يحمل (على) أنه صلى مع عدم الاجتهاد وسعة الوقت فأمره بالإعادة لان فرضه أربع صلوات. فرع: هل يكون حكم الناسي والمصلي بشبهه حكم الظان قال في النهاية به حتى أنه إن كان الوقت باقيا أعاد وإن خرج لم يعد وفيه تردد. * مسألة: ولو صلى ظانا لو مع ضيق الوقت ثم تبين له أن يستدبر القبلة قال الشيخان يعيد لمن كان الوقت باقيا ويقضي إن كان خارجا وقال السيد المرتضى يعيد في الوقت خاصة أو جعل حكمه حكم المشرق والمغرب وهو الأقرب عندي. لنا: انه أتى بالمأمور به إذ المأمور به اتباع الظن فيخرج عن العهدة والقضاء إنما يجب بأمر جديد ومقتضى ما ذكرناه عدم الإعادة في الوقت لكن أوجبنا الأدلة تقدمت ولان ما ذكرناه من الأحاديث دالة على عدم القضاء ومع خروج الوقت على الاطلاق وهو يتناول صورة الاستدبار كما يتناول صورة التشريق والتغريب احتج الشيخ في الخلاف ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) في رجل صلى إلى غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته قال: إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة حين يعلم وإن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة والجواب: أن هذه الرواية ضعيفة السند ومع ذلك فهي غير دالة على صورة النزاع إذ هي إنما يدل على وجوب الإعادة في الوقت ونحن نقول بموجبه وليس فيها دلالة على الإعادة بعد خروج الوقت.
فرع: ولا فرق بين أن يكون الأدلة مكشوفة واشتبهت عليه أو مستورة بغيم أو غيره لعموم الأحاديث الدالة على الإعادة في الوقت دون خارجه ولا نعرف فيها خلافا. * مسألة: والبصير في الحضر يتبع قبلة أهل البلد إذا لم يكن متمكنا من العلم فلو صلى من غير دليل أعاد إذ أخطأ لأنه