أطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان كذلك فليصل الأربع وجوه وقول الشافعي جيد إذا اثم التقليد الظن وقول أبي حنيفة جيد وليس البحث على تقدير العلم بجهة المشرق والمغرب فإنه متى حصل العلم لهما أمكن العلم بالقبلة لما بينا في الدلائل روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ أنه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا قال: قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة. فروع: [الأول] لو لم يتسع الوقت الأربع صلى ما يتسع له الوقت ثلاثا أو اثنين أو واحدة بحسب ضيق الوقت وسعته وكذا لو منع بقدر الوسع ويتخير في الواحدة الواجبة أو الساقطة لان التقدير عدم الترجح فلا اختصاص للبعض بالوجوب إلا بحسب الخيرة. [الثاني] لا يجوز الاجتهاد مع إمكان العلم لان الاستقبال مع اليقين ممكن فيسقط حكم الظن. [الثالث] لو صلى عن اجتهاد إلى جهة ثم أراد أن يصلي أخرى قال الشيخ في المبسوط يعيد اجتهاده ليرى أن يعلم أن الامارات لم يتغير وهو قول الشافعي وأحمد فلو تغير اجتهاده في الصلاة الثانية لم يعد الصلاة الأولى بغير خلاف فيما نعلمه ولو تغير اجتهاده في الصلاة فإن كان منحرفا يسيرا استدار إلى القبلة وأتم ولا أعاد وإن كان مشرقا أو مغربا أو مستديرا أعاد وقال بعض الجمهور يعيد مطلقا وليس بجيد وقال آخرون: لا يرجع ويمضي على الاجتهاد الأول وهو عن التحقيق بمعزل وكذا لو تجدد يعني الجهة المخالفة في أثناء الصلاة استدار إليها كأهل قبا لما استداروا إلى القبلة ولا نعرف فيه خلافا. [الرابع] العالم بجهة القبلة لا يقلد غيره بلا خلاف لان التقليد إنما يثمر الظن ولا حكم له مع العلم وكذا المجتهد أما فاقد الاجتهاد ومن لا يعرفه كالعامي هل يجوز له الرجوع إلى قول العدل أم لا نص في المبسوط على أنه يرجع إلى قول العدل وبه قال الشافعي وظاهر كلام الشيخ في الخلاف أنه يصلي إلى أربع جهات مع السعة وإلى واحدة يتخيرهما مع الضيق والأقرب عندي الأول لان قول العدل أحد الامارات المفيدة للظن فيلزم العلم به مع فقد أقوي ومعارض لا يقال أنه له عن التقليد مندوحة فلا يجوز له فعله لان الوقت إن كان واسعا صلى إلى أربع جهات وإن كان ضيقا تحير في الجهات لأنا نقول القول بالتخيير مع حصول الظن باطل لأنه ترك للراجح وعمل بالمرجوح. [الخامس] لو اجتهد وصلى ثم شك في اجتهاده بعد الصلاة أعاد الاجتهاد أما لو كان في الأثناء فإنه لا يلتفت إلى الشك ولا يقطع الصلاة للاجتهاد ثانيا لأنه دخل في الصلاة دخولا مشروعا بدليل ظاهر وهو الاجتهاد فلا يزول عنه بالشك. [السادس] لو بان له الخطأ في أثناء الصلاة ولم يعرف جهة القبلة كرجل صلى إلى جهة ثم رأى بعض منازل القمر في قبلته ولم يدر أهو في المشرق أو المغرب واحتاج إلى الاجتهاد أبطل صلاته لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة ولا جهة يتوجه إليها فيعذر إتمامها. [السابع] الأعمى يقلد غيره وإن كان ذلك الغير صبيا أو امرأة ذكره الشيخ في المبسوط وظاهر كلامه في الخلاف أنه يصلى إلى أربع جهات مع السعة ومع الضيق إلى جهة يتخيرها والأول أقرب لأنه لا طريق له إلى الاجتهاد فلم يكن واجبا عليه كالعامي في الاحكام. [الثامن] لو صلي من غير تقليد بل برأيه ولم يستند إلى امارة يعلمها فإن أخطأ عاد وإن أصاب قال الشيخ لا يعيد وقال الشافعي: يعيد احتج الشيخ بأنه امتثل ما أمر به من التوجه نحو المسجد الحرام فيكون مجزيا ولان بطلان الصلاة حكم شرعي فيقف على الدلالة وهي مفقودة احتج الشافعي بأنه لم يفعل ما أمر به وهو الرجوع إلى قول الغير فجرى مجرى عدم الإصابة وكلاهما قويان قال الشيخ ولو كان مع ضيق الوقت كانت صلاته ماضية وفي إطلاقه نظر. [التاسع] لو صلى الأعمى بقول واحد وأخبره آخر بخلافه مضى في صلاته مع التساوي في العدالة. [العاشر] لو صلى بقول بصير ثم أبصر عمل على اجتهاده فإن وافق قول البصير استمر بلا خلاف لان الاجتهادين قد اتفقا وإن خالف عدل إلى ما أداه إليه اجتهاده ولم يستأنف لأنه دخل دخولا مشروعا ولم يتبين له الصواب من الخطأ واحتاج إلى تأمل كثير واجتهاد متطاول ففي الابطال نظر قال بعض الجمهور لان فرضه الاجتهاد فلا يجوز العدول عنه إلى التقليد كما لو كان بصيرا في الابتداء ويعارضه أنه دخل دخولا مشروعا فيستمر عملا بالاستصحاب فنحن في هذا من المتوقفين أما لو كان مقلدا ثم أبصر مضى في صلاته قولا واحدا لأنه لا يتمكن إلا من الدليل الذي استدل به أولا وهو الغير.
[الحادي عشر] لو شرع مجتهدا في الصلاة باجتهاده وهو بصير فعمى مضى في صلاته لأنه لا يمكنه إلا الرجوع إلى الغير فإلى إجتهاده أولى ولو استدار عن القبلة فإن أمكن الرجوع على اليقين رجع وأتم وإن أشتبه ووجد المرشد أتم وإن تطول استأنف مع توقع المرشد وإن لم يتفق صلى إلى الأربع مع السعة وإلى الواحدة مع الضيق. [الثاني عشر] من وجب عليه الأربع أو غلب على ظنه الجهة فإن كان ما عليه الفعل استمر قطعا وإلا مال إلى الجهة المظنونة واستمر قال في المبسوط ما لم يكن مستدبرا والأقرب عندي الاستيناف ما لم يكن بين المشرق والمغرب.
[الثالث عشر] لو قلد مجتهدا فأخبره بالخطأ فتيقن استأنف ما لم يكن عن المشرق والمغرب. * مسألة: وإذا اختلف اجتهاد رجلين عول كل منهما على اجتهاد نفسه ولا يتبع أحدهما صاحبه ونعني بالمجتهد في القبلة العالم بأدلتها وإن كان جاهلا بأحكام الشرع والمقلد من لا يتمكن باجتهاد أما لعدم بصره كالأعمى أو لعدم علمه كالعامي من الصلاة الذي لا يمكنه التعلم والصلاة باجتهاد قبل خروج الوقت اما من يتمكن فإنه يلزم التعلم لان كل واحد منهما يحكم بخطأ صاحبه فلا يجوز التعويل عليه فيه. فروع: [الأول] لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا فيه مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في هذه المسألة كالعالمين في الحاوية (الواقعة) فإنه لا يرجع غير الأعلم إلى الأعلم منها. [الثاني]