من الشافعية وقال أبو العباس عنهم يجوز له التحري ولو فصل أحد الكمين من الآخر اتفقوا على جواز التحري والاجتهاد لان الطاهر قد تميز من النجس بخلاف الصورة الأولى لأنها في ثوب واحد ولو شق الثوب بنصفين والنجاسة فيه مشتبهة لم يجز له أن يتحرى فيها إجماعا منا و منهم لجواز ينقسم النجاسة فيهما فلم يبطل ما حكموا به من الانتقال من حكم الأصل فيه مع هذا الجواز ولو كان الثوب واحد أو نجس موضع منه ولم يعرف موضعه لم يجز له التحري عند الشافعي أيضا قولا واحدا بخلاف الكمين فإن فيه وجهين ولو تيقن نجاسة أحد البيتين لم يجز التحري عندنا وصلى في غيرهما وقال الشافعي يجوز ولو أصاب موضعا من بيت كالثوب. [السادس] لو غسل النجس بالاشتباه صحت الصلاة فيه قطعا لطهارته أما الآخر فإنه باق على المنع إذ احتمال النجاسة موجود فيه لجواز أن يكون المغسول هو الطاهر. [السابع] لو جمعهما وصلى فيهما لم تصح صلاته سواء غسل أحدهما أو لم يغسل وسواء غسل مع عدم الاجتهاد أو معه أو مع عدم الغسل فلانه صلى في ثوب نجس متيقن النجاسة وأما إذا غسل أحدهما فلانه جمع بين الثوبين فقد صار في حكم الثوب وقد تقدم حصول النجاسة ولم يتيقن زوالها لجواز أن يكون المغسول هو الطاهر فكان حكمه حكم الثوب الواحد إذا أصاب بعضه نجاسة وهذا اختيار أبي إسحاق من الشافعية وذهب أبو العباس من شريح منهم إلى صحة صلاته لان أحد الثوبين طاهر قطعا وهو المغسول والآخر طاهر بالاجتهاد وذلك يجري مجرى اليقين ولهذا يجوز الصلاة فيه فإذا جمعها جاز الصلاة فيها بخلاف الثوب الواحد الذي لا يجوز الاجتهاد فيه فلا يحصل الحكم بطهارة جميعه وها هنا قد صح الاجتهاد فثبت حكمه وهذا إنما يتأتى على قولهم في جواز التحري في الثوبين أما عندنا فلا. [الثامن] لو كان معه ثوب متيقن الطهارة تعين الصلاة ولم يجز له أن يصلي في الثوبين لا متعددة ولا منفردة ولو كان أحدهما طاهرا والآخر نجسا معفو عنها تخير في الصلاة في أيهما كان والأولى له الصلاة في الطاهر وكذا لو كانت إحدى النجاستين المعفو عنها في الثوب أقل من الأخرى كان الأولى الصلاة في الأقل. * مسألة:
لو لم يكن معه إلا ثوب نجس ولم يتمكن من تطهيره قال الشيخ في المبسوط والنهاية والخلاف بنزعه ويصلي عريانا بالايماء ولا إعادة عليه واختاره ابن البراج في الكامل وابن إدريس وهو قول الشافعي قال في البزنطي وقد قيل أنه يصلي ويعيد قال أصحابه وليس هذا مذهبه بل حكاية عن غيره وقال مالك يصلي فيه ولا إعادة عليه وبه قال محمد بن الحسن والمزني وقال أبو حنيفة إن كان أكثره طاهر ألزمه الصلاة فيه ولا إعادة وإن كان أكثره نجسا تخير في صلاة غيره وعريانا ولا إعادة في الموضعين احتج الشيخ بما رواه زرعة عن سماعة قال سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه إلا ثوب واحد وأجنب وليس عنده ماء كيف يصنع قال يتيمم ويصلي عريانا قاعدا ويؤمي وروي عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في رجل أصابته نجاسة وهو بالفلاة وليس عليه إلا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني قال: يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا فيصلي ويؤمي إيماء ولان الصلاة مع العري يسقط بها الفرض ومع النجاسة لا يسقط لأنه يجب إعادتها وقد روى أصحابه أنه يصلي فيه روى ذلك الشيخ عن محمد الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس سمه ثوب غيره قال يصلي فيه إذا اضطر إليه وروي عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل يجنب في ثوب وليس معه غيره ولا يقدر على غسله قال: يصلي فيه وجمع الشيخ بين هذه الأخبار في الخلاف بجواز الصلاة فيه مع الاضطرار من برد وغيره وبوجوب النزع مع عدمه لرواية الحلبي وجمع في التهذيب بأنه يجوز الصلاة فيه إلا أنه يجب عليه عند وجود الماء غسله وإعادة الصلاة واحتج بما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن رجل ليس معه إلا ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس يجد ما يغسله كيف يصنع قال: يتيمم ويصلي فإن أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة والأقرب عندي ان المصلي مخير بين الصلاة عاريا وبين الصلاة فيه لان ستر العورة شرط وطهارة الثوب شرط فلا أولوية لاعتبار أحدهما ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب صوب نصفه دم أو كله يصلي فيه أو يصلي عريانا فقال: إن وجد ماء غسله وإن لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا وهذه الرواية وإن دلت على أنه لا يصلي عريانا لان الروايات المتقدمة قد دلت على الصلاة عاريا فقلت بالتخيير بينهما وأما الجمع الأول للشيخ لرواية الحلبي غير سليمة عن الطعن ومع ذلك فإن الاضطرار يكفي فيه عدم التمكن من غيره والجمع الثاني ضعيف ورواية عمار لا تعويل عليها. فرع: لو صلى عاريا لم يعد الصلاة قولا واحدا ولو صلى في الثوب فالأقرب أنه لا يعيد أيضا وإن كان الشيخ قد أوجب عليه الإعادة مع التمكن من غسل الثوب معولا على رواية عمار وهي عندنا ضعيفة والأصل صحة الصلاة إذ الامر يقتضي الاجزاء. * مسألة: من صلى في ثوب نجس نجاسة مغلظة عالما بنجاسته متمكنا من غيره أو غسله لم تصح صلاته ووجب عليه إعادة الصلاة في الوقت وخارجه وهو قول علمائنا أجمع وذهب إليه أكثر أهل العلم ونقل عن مالك أنه قال: إذا صلى بالنجاسة أعاد في الوقت وهذا يفهم منه أنه لا يوجب الإعادة خارجا وعن ابن مسعود أنه نحر جزورا فأصابه من فرثه ودمه فصلى ولم يغسله. لنا: قوله تعالى: (وثيابك فطهر) وما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله كيف يصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر أتصلي فيه قال: ينظر فيه فإن رأت فيه دما فليقرضه بشئ من الماء ولينضح ما لم تر ولتصل فيه جعل الطهارة شرطا ومع الاخلال به تبطل