هاتين الروايتين سبق العلم وعدمه حال الصلاة احتج الشيخ بأنه يجب عليه لو علم في الصلاة الإعادة فكذا إذا علم في الوقت بعد الفراغ واحتج الشافعي بأنها طهارة مشترطة للصلاة فلم يسقط بجهلها كطهارة الحدث. والجواب عن الأول: بالمنع من الإعادة وسيأتي البحث فيه ولو سلم فالفرق حاصل إذ الدخول ليس كالفراغ، وعن الثاني: بالفرق بين الطهارتين فإن طهارة الحدث أكد إذ لا يعفى عن سرها بخلاف هذه. فروع: [الأول] لو دخل في الصلاة ولم يعلم ثم تجدد له بسبق النجاسة على الصلاة في أثنائها فيه روايتان، إحديهما: يعيد الصلاة من رأس وهي رواية زرارة في الصحيح قلت إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة قال: تنقض الصلاة وتعيد وفي هذه الرواية نظر ان زرارة لم يسندها إلى إمام وإن كان الغالب على الظن ذلك وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال: إن رأيت المني قبل أو بعد ما يدخل الصلاة فعليك إعادة الصلاة ثم قال يعيد كلام وكذلك البول وهذه الرواية مناسبة للقائلين بوجوب الإعادة بعد الفراغ في الوقت. الثانية:
الاتمام روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع قال: إن كان دخل في صلاته فليمض وفي الاستدلال بهذه الرواية نظر إذ يمكن أن يكون الإصابة مع يبوستها وهو الأظهر إذ الأصل عدم الرطوبة ويؤيده تتمة الحديث وهو قوله وإن لم يكن دخل صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون فيه أثر فيغسله وروى الشيخ عن الحسن عن محمد بن مسلم قال قلت الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة قال: إن رأيت وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل فإن لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك وإلا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم من ذلك فليس بشئ رأيته أو لم يره. الحديث وفيه نظر إذ محمد بن مسلم لم يسندها إلى إمام وبنحو هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية والمبسوط فإنه قال: إن كان عليه غيره طرحه وأتم وإلا طرحه وأخذ ما يستر عورته إن كان بالقرب منه بشئ ويتم إن لم يكن بالقرب شئ ولا عنده غيره تناوله قطع الصلاة وأخذ ما يستر به عورته واستأنف الصلاة قاله في المبسوط ولو لم يملك ظاهرا أصلا تتم صلاته من قعود إيماء وهو الحق عندي إذا عرفت هذا فكل موضع يجب إعادة الصلاة إنما يجب إعادة صلاة واحدة سواء كانت النجاسة رطبة أو يابسة وسواء كانت في الصيف أو الشتاء وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إن كانت رطبة أعاد صلاة واحدة وكذا إن كانت يابسة في الصيف وإن كانت يابسة في الشتاء أعاد خمس صلاة. [الثاني] لو صلى ثم رأى النجاسة وشك هل كانت عليه في الصلاة أم لا فالصلاة صحيحة لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم عملا بالأصلين الصحة وعدم النجاسة. [الثالث] لو سقطت عليه نجاسة ثم زالت عنه وهو لا يعلم ثم علم استمر على صلاته على ما اخترناه وعلى القولين الآخر ينبغي القول بالاستيناف ولو رأيها قبل زوالها ويمكن من إزالتها أزالها إن لم يحتج إلى فعل كثير. [الرابع] لو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللحم صحت صلاته وكذا غير المأكول لان النبي صلى الله عليه وآله حمل أمامة بنت أبي العاص وركب الحسن والحسين (ع) ظهره صلى الله عليه وآله وهو ساجد نقله الجمهور كافة ولان النجاسة في المحمول في معدنه كالحامل أما لو حمل قارورة مشدودة الرأس فيها نجاسة فقال الشيخ في المبسوط انه تبطل صلاته واختار ابن إدريس وهو قول أكثر الجمهور وقواه في الخلاف وقال فيه وليس لأصحابنا نص معين والذي يقتضيه المذهب أنه لا تبطل الصلاة قال ابن أبي هريرة من الشافعية قياسا على الحيوان الطاهر ثم استدل بأن قواطع الصلاة معلومة بالشرع ولا شرع يدل عليه ثم قال ولو قلنا بالبطلان كان قويا للاحتياط والاجماع فإن خلاف أبي هريرة لا اعتداد به وفي ادعاء الاجماع نظر إلا أن يكون المراد به إجماع الجمهور إذ قد ذكر أنه ليس لأصحابنا فيه نص و ذلك غير حجة عندنا وعندهم ولو قبل بالصحة من حيث أن الصلاة لا تتم فيه منفردا كان وجها هذا ان قلنا بتعميم جواز الدخول مع نجاسة ما لا يتم الصلاة فيها منفردا وإلا فالأقوى ما ذكره الشيخ في المبسوط وإن كان لم يعمه عليه عند دليل وقول الجمهور انه حامل نجاسة فتبطل صلاته كما لو كانت على ثوبه ضعيف إذ الثوب شرط الدخول به طهارته فإن احتج في هذا المقام برواية محمد بن مسلم في الثوبين إذا كان أحدهما نجس يطرحه فالجواب:
أنها مرسلة والفرق بين الثوب وصورة النزاع ظاهر. [الخامس] لو جبر عظمه بعظم حيوان طاهر فقد أجمع أهل العلم على جوازه أما عظم الميتة فعندنا أنه كذلك بناء على طهارته وقد سلف أما عظم الكلب والخنزير فيجب عليه نقله ما لم يحصل له ضربه فيسقط عنه وجوب الإزالة وتصح صلاته فيه وهو قول أكثر أهل العلم وقيل يجب قلعه ما لم يخف التلف. لنا: قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ولأنها نجاسة باطنة يستضر بإزالتها فأشبهت الدم المبثوث في الجسد ولو انقلعت منه فأنبتها الحرارة الدم لم يلزمه قلعها سواء استضر أو لم يستضر لأنها طاهرة عندنا أما الشافعي فقال إن لم يستضر وجبت الإزالة وإن استضر ضررا لا يخاف معه تلفه ولا تلف بعض أعضائه فكذلك فإن لم يفعل جبره السلطان على قلعه فإن مات ولم يقلع لم يقلع بعد موته لأنه صار ميتا كله وقال أبو بكر الصيرفي الأولى قلعه لئلا يلقى الله بمعصية وهو ضعيف لان المعصية لو تثبت لم تزل بالنزع ولا معصية في بقائه والمعنى الموجب للنزع ما عليه من التكليف وقد زال بالموت أما لو خاف التلف أو تلف عضو فقال أبو إسحاق لا يجب قلعه وقيل يجب وأبو حنيفة قال: لا يجب قلعه في المسألتين الاخرتين وهذا كله بناء على الطهارة والنجاسة وقد مضى.
[السادس] يكره للمرأة أن تصل شعرها شعر غيرها رجلا كان أو امرأة ولا بأس أن تصل شعر حيوان طاهر ولا يجوز أن تصل شعر نجس