في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال: يدفن ولا يباع احتج المخالف بما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الزبير عن جده قال سألت أبا عبد الله (ع) عن البئر يقع فيها الفأرة وغيرها من الدواب فيموت فيفجر من مائها أيؤكل ذلك الخبز قال إذا أصابه النار فلا بأس أكله وعن ابن أبي عمير عمن رواه عن أبي عبد الله (ع) في عجين عجن وخبز ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة قال: لا بأس أكلت النار ما فيه.
والجواب عن الرواية الأولى: بضعف سندها فإن في طريقها أحمد بن الحسين الميثمي وهو واقفي والرواية الثانية: مرسلة، وإن كانت مراسيل بن أبي عمير معمولة بها إلا أنها معارضة بالأصل فلا يكون مقبولة ولان النار لم تحله بل خففه وزالت عنه بعض الرطوبة فالنجاسة موجودة أما ما تضمنه للرواية من البيع ففيه نظر والأقرب أنه لا يباع لرواية ابن أبي عمير فإن استدل بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا وما أحسبه الا حفص بن البختري قال قيل لأبي عبد الله (ع) عن العجين يعجن في الماء النجس كيف يصنع به قال قال: يباع ممن يستحيل أكل الميتة والجواب: انها معارضة لما قدمناه ويمكن أن يحمل على البيع على غير أهل الذمة وإن لم يكن نتفا في الحقيقة ويجوز إطعامه الحيوان المأكول اللحم خلافا لأحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال للقوم الذين اختبروا من آبار الذين مسخوا علقوا النواضح وقال مالك والشافعي يطعم البهائم وقال ابن المنذر لا تطعم شيئا لان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن لحوم الميتة يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستنضح به الناس فقال: لا هو حرام. والجواب: النهي وقع عن الميتة وليس محل النزاع ولا شبهه. [العاشر] الصابون إذا انتقع في الماء النجس والسمسم والحنطة إذا انتقعا كان حكمها حكم العجين وقال أبو يوسف: الحنطة والسمسم والخشبة إذا تنجست بالماء واللحم إذا كان مرقه نجسا يطهر بأن يغسل ثلثا ويترك حتى يجف في كل مرة فيكون ذلك كالعصر وهو الأقوى عندي لأنه قد ثبت ذلك في اللحم مع جريان أجزاء الماء النجسة فيه فكذا ما ذكرناه.
فرع: لا بأس أن يطعم العجين النجس الدواب إذ لا تحريم في حقها والمحرم عن المكلف يناولها ولم يحصل ولان فيه نفعا فكان سائغا وخالف فيه بعض الجمهور وهو باطل لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: للقوم الذين اختبروا من آبار الذين مسخوا علقوا النواضح و يجوز أن يطعم لما يؤكل في الحال خلافا لأحمد وكذا ما يجلب لبنه وقت أكله عملا بالاطلاق. [الحادي عشر] الدهن النجس لا يطهر بالغسل نعم لو صب في كر ماء ومازجت أجزاء الماء أجزاء واستظهر على ذلك بالبصر بل بحيث يعلم وصول أجزاء الماء إلى جميع أجزائه طهر. [الثاني عشر] طين الطريق ما لم يعلم فيه نجاسة بناء على الأصل نعم يستحب إزالته بعد ثلاثة أيام وللشافعي قولان، أحدهما: وجوب الإزالة لعدم انفكاكه من النجاسة. والثاني: الاستحباب وكذا البحث في الميازيب الجارية من المطر وغيره الأصل فيه الطهارة ما لم يعلم نجاسته وللشافعي قولان، أحدهما:
الوجوب لعدم انفكاك السطوح من النجاسات. [الثالث عشر] دخان الأعيان النجسة طاهر عندنا لخروجها عن المسمى خلافا لأحمد أما البخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صيقل ويقاطر فإنه نجس إلا أن يعلم بكونه من الهوى كالقطرات الموجودة على طرف إناء في أسفله جمد نجس فإنها طاهرة. * مسألة: وإذا كان حصول النجاسة في الثوب أو البدن معلوما وجب غسل ما أصابه وإن كان مشكوكا يستحب نضحه بالماء لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم (ع) في رجل يبول بالليل فيحسب أن البول أصابه ولا يستيقن فهل يجزيه أن يصب على ذكره إذا بال ولا يتنشف قال يغسل ما استبان أنه أصابه وينضح ما يشك فيه من جسده وثيابه ويتنشف قبل أن يتوضأ فروي في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) فإنه ظن أنه أصابه مني ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء وإن كان استقين أنه فقد أصابه ولم ير مكانه فليغسل ثوبه كله فإنه أحسن. * مسألة: وروي استحباب النضح في مواضع آخر منها: في المذي رواه الشيخ في الحسن عن الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) وفي الصحيح عن محمد عن أحدهما (ع). ومنها: في الكلب إذا أصاب الثوب يابسين وقد تقدم. ومنها: في الخنزير إذا أصاب الثوب كذلك. ومنها: في الفأرة إذا لاقت الثوب وهي رطبة ولم تر الموضع رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع). ومنها: في بول الدواب والبغال والحمير إذا شك في إصابتها الثوب رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع). ومنها: في الثوب يصيبه عرق الجنب رواه الشيخ علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله (ع).
ومنها: في بول البعير والشاة رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) وروى الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) سألته عن الرجل إذا قص أظفاره بالحديد وأخذ من شعره أو حلق قفاه فعليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلي والأقرب أنه على الاستحباب * مسألة: وإذا علم بموضع النجاسة وجب غسله وإذا أشتبه وجب غسل كل ما يحتمل أصابه النجاسة له فإذا لم يعلم جهتها من الثوب أو البدن وجب غسل الجميع منهما وإن علمها في إحدى جهتها وجب غسل تلك الجهة كلها وهو قول علمائنا أجمع وبه قال النخعي والشافعي ومالك وأحمد وقال عطا والحكم والحماد إذا خفيت النجاسة في الثوب نضحه كله وقال ابن سيرين يتحرى مكان النجاسة فيغسله. لنا: قوله تعالى: (وثيابك فطهر) ومع تطهير أحد المواضع المشكوك فيها لا يحصل الامتثال ولأنه متيقن للمانع بين الدخول في الصلاة فلم يبيح إلا بيقين الزوال كالمتيقن للحدث إذا شك في الطهارة وإما النضح فلا يزيل النجاسة فلا يكون مجزيا ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد عن أحدهما (ع) وقال في المني الذي يصيب الثوب قال