فعلم أن الواجب هو مطلق الغسل المشتمل على إزالة المانع الثاني يستحب غسل الاناء لموت الجرد سبعا وأقله ثلاث مرات وكذا الفأرة وقال الشيخ في النهاية يغسل لموت الفأرة سبعا وجعله في المبسوط والجمل رواية واحتج على ما ذكر في النهاية بما رواه عن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: اغسل الاناء الذي يصيب فيه الجرد ميتا سبع مرات والرواية ضعيفة السند فالأولى الاستحباب عملا بالاحتياط. الثالث: يغسل من باقي النجاسات مره واحدة وجوبا ويستحب الثلاث للاحتياط وقال الشيخ في الخلاف يغسل الاناء من سائر النجاسات سوى الولوغ ثلاث مرات قال في المبسوط وجعل المرة رواية واختاره ابن الجنيد وقال أبو حنيفة الواجب ما يغلب على الظن معه حصول الطهارة ولأحمد قولان، أحدهما: مثل ما قلنا وهو قول الشافعي والثاني: سبع مرات أو ثمان مرات وبه قال ابن عمر كالولوغ. لنا: ثبت وجوب إزالة النجاسة بالغسل ولم يثبت العدد فالأصل عدمه واستحباب الثلاث الاحتياط أيضا وروى الجمهور عن ابن عمر قال كانت الصلاة خمس والغسل من الجنابة سبع مرات والغسل من البول سبع مرات فلم يزل النبي صلى الله عليه وآله يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا والغسل من البول مرة والغسل من الجنابة مرة رواه أحمد وأبو داود وما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا أصاب أحديكن الدم من الحيضة فليقرصه ثم لتنضحه ثم ليصل فيه ولم يقدر عدد وما رواه أبو داود ان امرأة ركبت ردف النبي صلى الله عليه وآله على ناقته فلما نزلت إذا على حقينيه؟؟ شئ من دمها فأمرها النبي صلى الله عليه وآله أن يجعل في الماء ملحا ثم يغسل به الدم ولم يأمرها بعدد ومن طريق الخاصة رواية عمار في إطلاق الغسل وقد تقدمت ولان الأصل براءة الذمة احتج الشيخ بالاحتياط فإنه مع الغسل ثلاث مرات يعلم الطهارة إجماعا منا ومن الشافعي وما زاد عليه يحتاج إلى دليل وبرواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الكوز والاناء يكون قذرا كيف يغسل وكم يغسل قال: يغسل ثلاث مرات تصيب فيه ماء آخر فتحرك فيه ثم يفرغ ثم تصيب فيه ماء آخر ثم يفرغ وقد طهر وقال في قدح وإناء يشرب فيه الخمر قال: تغسله ثلاث مرات وسئل أيجزيه أن يصب فيه الماء قال: لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات واحتج أحمد بالقياس على نجاسة الولوغ وبما روي عن ابن عمر أنه قال أمرنا بغسل الأنجاس سبعا فينصرف إلى أمر النبي صلى الله عليه وآله والجواب عن الأول: أن الاحتياط لا يقتضي الايجاب وهو معارض ببراءة الذمة وكان الاستحباب أشبه وقد توهم بعض الناس أن الشيخ استدل هنا بالاجماع واستبعده من روايته للمرة والشيخ لم يستدل بالاجماع هنا كما يرى بالاحتياط ولا ريب فيه وعن الثاني ان رواية عمار لا يعول عليها ومع كونها منافية للأصل غير سليمة عن الطعن وعن الثالث: ببطلان القياس هنا إذ القياس لا يجري في المقدرات لكونها غير معقولة المعنى والقياس فرع يعقل (ما) المعنى وهو معارض للنص فلا يكون مقبولا ومعارض أيضا بقياس مثله فإنا نقول أنها نجاسة غير الكلب فلا يجب فيها العدد كنجاسة الأرض ومما يدل على بطلان قول أحمد خاصة ما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا قام أحدكم من تور فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يداه أمر بغسلها ثلاثا ليرتفع وهم النجاسة وذلك إنما يكون فما ترفع حقيقتها والبخاري روى هذا الحديث أيضا إلا قوله ثلاثا فكان الاطلاق يجري فيه بالمرة الواحدة ويسوق البحث. * مسألة: أواني المشركين طاهرة ما لم يعلم ملاقاتهم بها برطوبة أو ملاقاة نجاسة عملا بالأصل فلا يزول إلا مع تيقن السبب سواء كانوا أهل الكتاب أو لا خلافا للجمهور. لنا: ما رواه الجمهور عن ابن تغلبة قلت يا رسول الله إنا بأرض أهل الكتاب أفنأكل من آنيتهم فقال: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها فلو كان ما يباشرونه طاهرا لما جاز التأخير عن وقت الحاجة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن آنية أهل الذمة والمجوس فقال: لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم يشربون عليها ولأنهم أنجاس لما سبق فينجس ما يباشرونه احتجوا بأنه (ع) توضأ من مزادة مشركة وتوضأ عمر من حرة نصرانية والجواب: أنه ليس في الخبرين دلالة على مباشرتهم ولو سلم منعنا صحة السند ولم سلم عارضناه برواية أبي تغلبة وأيضا فما نقلنا قول وما نقلوه فعل فقولنا أولى وحديث عمر لا حجة فيه إذ يجوز أن يكون رأيا له. فرع: لو جهل مباشرتهم لها كان استعمالها مكروها لاحتمال النجاسة ولان الاحتياط مطلوبان في باب الطهارة. * مسألة: ويطهر بالغسل من الخمر ما كان متخذا من الجواهر الصلبة التي لا تشرب أجزاء الخمر كالرصاص والصفر والحجر والخزف المطلي إجماعا أما ما كان من الخشب والخزف غير المفضور (المطلى) والقرع فالأقرب أنه مكروه و هو اختيار الشيخ وقال ابن الجنيد: لا يطهر بالغسل وهو قول أحمد. لنا: ان الواجب إزالة النجاسات والاستطهار بالغسل وقد حصل فلا يجب طلب غير المعلوم احتج ابن الجنيد بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن الظروف فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدبا والمزفت والختم والنقير قلت وما ذاك قال: الدبا القرع، والمزفت الدنان، والختم الجرار الزرق، (الخضر) والنقير خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها ولان الآنية تشرب أجزاء الخمر فلا تطهر البتة. والجواب: أن النهي يحتمل أن يكون نهي تنزيه عملا بإطلاق الامر بغسل الآنية وقد حصل وما ذكره من شرب الآنية الاجزاء فضعيف لوصول الماء إلى ما وصلت إليه أجزاء الخمر. فروع:
[الأول] لا يجب إزالة الرائحة مع زوال العين وذهب الشافعية إلى الوجوب. لنا: الأصل عدم التكليف احتجوا بأن بقاء الرائحة يدل على بقاء العين لاستحالة انتقال الأغراض والجواب: المنع والغرض لم ينتقل بل انفعل الاناء لمجاورة الملاقي. [الثاني] لو كان في إناء بول