إن عرفت مكانه فاغسله وإن خفي عليك مكانه فاغسله كله وعن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المني يصيب الثوب فقال: إن عرفت مكانه فاغسله وإن خفي عليك مكانه فاغسله كله وعن سماعة قال سألته عن بول الصبي يصيب الثوب قال: فاغسله قلت فإن لم أجد مكانه قال فاغسل الثوب كله وفي الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) واستيقن أنه قد أصابه مني ولم ير مكانه فليغسل الثوب كله فإنه أحسن وعن يونس عمن رواه عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا أصاب ثوبك خمرا أو نبيذ مسكر فاغسله إن عرفت فإن لم تعرف موضعه فاغسله كله فإن صليت فيه فأعد صلاتك احتج المخالف بما رواه سهل بن أبي حنيف عن النبي صلى الله عليه وآله في المذي قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف بما أصاب ثوبي منه قال: يجزيك أن تأخذ كفا من ماء فينضح به حيث ترى أنه أصاب منه فأمر بالتحري والنضح. والجواب: أن المذي عندنا طاهر ويستحب نضحه فلا احتجاج به ولأنه حكم في نجاسة عينية عند القائلين بنجاسته والنجاسات قد تختلف في الاحكام فلا يتعدى إلى غيرها لا يقال قد روى الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت فإني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فاغسله قال يغسل من ثوبك الناحية التي يرى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك وهذا دليل التحري لأنا نقول أما أولا: فزرارة لم يسندها إلى إمام فلا احتجاج بها. وأما ثانيا: فإن الرواية ها هنا بمعنى العلم ويكون الواجب عليه غسل الناحية التي يعلم وصول النجاسة إليها بأجمعها وإن كانت النجاسة حصلت في جزؤ منها فيكون على يقين من الطهارة وهذا التعليل في الرواية يدل على ما ذكرناه. فروع: [الأول] لو تيقن حصول النجاسة غير المعفو عنها في أحد الثوبين وجهل اليقين وجب عليه غسلهما معا وهو قول علمائنا أجمع وقول أحمد وأبي ثور والمزني وابن الماجشون وجوب غسل واحد متيقن لقوله تعالى: (وثيابك فطهر) والنجاسة متيقنة ولا وجه للتخصيص إذ كل ثوب يحتمل أن يكون هو النجس فأما أن لا يجب غسل شئ منهما وهو باطل إجماعا أو يجب غسل الجميع وهو المطلوب. [الثاني] لا يجوز لها التحري فيهما بل يصلي في كل واحد منهما الصلاة المعينة لو لم يتمكن من غسلهما وهو قول أكثر علمائنا وذهب إليه أحمد وأبي الماجشون وحكى الشيخ في الخلاف عن بعض أصحابنا طرحها وان يصلى عريانا واختاره ابن دريس وبه قال أبو ثور والمزني وقال الشافعي وأبو حنيفة يتحرى فيهما فإن غلب ظنه على طهارة أحدهما صلى فيه وإلا نزعهما وصلى عريانا وأعاد. لنا: أنه أمكنه إذ الصلاة بيقين الطهارة من غير مشقة فيجب عليه كما اشتبه بتعيين الصلاة المنسية ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (ع) قال كتبت إليه أسأله عن رجل كان معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال: يصلي فيها احتج ابن إدريس بأن الواجب عليه عند افتتاح كل صلاة القطع بطهارة الثوب ولا يجوز الدخول مع الشك وهذا الشرط غير حاصل منها ولا يجوز أن تكون صلاته موقوفة على تطهر بعد فإن كون الصلاة واجبة وجهة يقع عليه الصلاة فلا يؤثر فيه ما بعده واحتج أبو ثور والمزني بالقياس على الأواني واحتج الشافعي وأبو حنيفة بالقياس عليهما أيضا وعلى القبلة. والجواب عن الأول: بالمنع من اشتراط القطع فإنه نفس النزاع إذ هو شرط مع القدرة لا قدرة مع الاشتباه قوله وجوب الصلاة وجه يقع عليه الصلاة فلا يؤثر فيه ما بعده وهو اليقين بالبراءة عقيب الصلاتين قلنا هذا بناء على اعتقادنا أنك تقول إحدى الصلاتين واجبة والأخرى غير واجبة فإذا فعلها حصل له التيقن بفعل الواجب ونحن لا نقول به بل الصلوتان معا واجبتان لكن أحدهما بالذات والأخرى لأجل الاشتباه كما في القبلة في الصلاة المنسية ثم يقول إن اشترطت القطع لعدم النجاسة فهو غير محقق وتكليف ما لا يطاق وإن اشترطت عدم الغسل بالنجاسة فهو ثابت عند الصلاة لكل واحد من الثوبين. وعن الثاني بالفرق بين الأواني والثياب آدب استعمال النجس ينجز وذلك يمنعه من صحة صلاته في الحال وفيما بعد ولان الثوب النجس قد يجوز الصلاة فيه بخلاف الماء النجس. وعن الثالث: بالمنع عن ثبوت الحكم في الأصل أما الأواني فقد بينا أنه لا يجوز التحري فيها وأما القبلة فكذلك لما يأتي وأيضا فالفرق قد يظهر بين الأواني وبين الثوبين وأما بين القبلة وبينهما فإن القبلة تكسر الاشتباه فيها بخلاف الثوبين فسقط اليقين فيها لمشقة ولان الاشتباه في الثوبين حصل بتفريطه إذا كان ينبغي له غسل النجس قبل الاشتباه أو تعليمه ولا يمكن ذلك في القبلة ولان الأدلة قائمة في القبلة كالنجوم والشمس والمغرب والمشرق فيصح الاجتهاد فيها ويقوى دليل الإصابة بحيث يضعف وهما الخط جدا بخلاف ثوبين وأيضا ينقص ما ذكروه بإجزاء الثوب الواحد قد بطل فيه حكم الأصل فلم يجز التحري. والجواب: أن البحث في الثوب كله حتى يبطل فيه حكم الأصل بل في أجزائه. [الثالث] لو تعدد الثياب النجسة صلى بعددها وزاد صلاة على ذلك العدد ولم يجز له التحري كالثوبين خلافا لبعض الحنابلة حيث فرق بينهما وهو غلط لأنه إذا صلى في عدد النجس بأجمعه فإن حصل له صلاة في طاهر برئت ذمته وإلا وجب عليه أن يصلي في آخر فيحصل له اليقين ولأنه إذا جاز له التحري بين متيقن النجاسة والطاهر كان جواز التحري بين مشتبه النجس والطاهر أولى. [الرابع] لو صلى الظهر في أحدهما ثم كررها في الآخر صحت له الظهر ولو صلى الظهر في ثوب ثم العصر في آخر ثم الظهر فيه ثم العصر في الأول صحت الظهر لا غير ووجب عليه إعادة العصر في الثاني.
[الخامس] لو نجس أحد الكمين واشتبها لم يجز له التحري وغسلهما معا لما سبق أو نزعه وصلى عريانا إن لم يجد ماء وثوبا آخر وبه قال أبو إسحاق