في القوم يكونون في السفر فيموت منهم ميت ومعهم جنب ومعهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهما أيهما يبدأ به قال: يغتسل الجنب ويترك الميت وروى محمد بن علي عن بعض أصحابنا قال قلت الجنب والميت متفقان في مكان ولا يكون الماء إلا بقدر ما يكفي أحدهما أيهما أولى أن يغتسل بالماء؟ قال: يتيمم الجنب ويغسل الميت ووجد هذه الرواية أن غسله خاتمة طهارته فيستحب إكمالها والحي قد يجد الماء فيغتسل وأيضا القصد في غسل الميت التنظيف ولا يحصل بالتيمم وفي الحي الدخول في الصلاة وهو حاصل به ووجه الأولى أنه سعيد بالغسل مع وجود الماء والميت قد سقط عنه الفرض بالموت ولان الطهارة في حق الحي يعيد (متعين فيفعل) فغسل الطاعات على الوجه الأكمل بخلاف الميت. [الثاني] لو اجتمع محدث وجنب قال الشيخ بالتخيير وهو أحد قولي الشافعي وقال أيضا يخص به الجنب وفي رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء إلا ما يكفي الجنب لغسله بتوضئهم هو الأفضل أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضون؟ فقال: هم يتوضون ويتيمم الجنب وفي الطريق وهب بن حفص وفيه قول.
[الثالث] لو اجتمع ميت وهو جنب فعلى قول الشيخ ينبغي التخيير ولو قيل يخص به الحي والميت عملا بأقوى الدليلين السابقين كان وجها.
[الرابع] لو وجده في مكان مباح وهو للاحياء لان الميت غير واجد. [الخامس] لو كان للميت ماء ففضل منه فضله فهو لوارثه فإن لم يكن حاضرا جاز للحي أن يقومه ويستعمله لان في تركه إتلافا له وقال بعض الجمهور وليس له أخذه لان مالكه لم يأذن فيه إلا أن يخاف العطش فيأخذه بشرط الضمان. [السادس] لو تغلب المرجوح على غيره أساء وأجزأه لان الآخر ليس بمالك وإنما الترجيح لشدة حاجته. [السابع] لو اجتمع ميت ومن على جسده نجاسة احتمل تقديم الميت لما تقدم والآخر لوجود البدل في طهارة الميت بخلاف غسل الجناسة ولو اجتمع من على يديه نجاسة مع جنب أو محدث أو حائض فهو أولى لعدم البدل بخلافهم ولو اجتمع حائض وجنب احتمل تقديم الحائض لغلظ الحيض والتساوي وكذا الحائض والمحدث.
* مسألة: ول شاهد المأموم المتوضئ الماء في أثناء الصلاة ولم يشاهده إمامه المتيمم لا يفسد صلاته وهو قول زفر خلافا لأبي حنيفة وصاحبيه فإنهم قالوا يفسد صلاته أما صلاة الامام فتصح على القولين. لنا: انه لو شاهد الامام لم تبطل صلاته لما بيناه فالأولى في المتوضئ ذلك ولو قلنا بمذهب الشيخ من إبطال الصلاة بالمشاهدة قبل الركوع فالوجه أيضا ذلك لان التيمم إنما يبطل برؤية المتيمم الماء لا برؤية غيره والامام لم ير الماء والمأموم الذي رآه ليس بمتيمم احتجوا بأن الامام صار واجدا للماء فيما يرجع إلى المقتدي فيبطل تيمم الامام فيما يرجع إليه ففسدت صلاته فيما يرجع إليه فيفسد صلاته لأنها بناء على صلاته والجواب: المنع عن كونه واجدا وقوله انه واجد بالنسبة إلى المأموم ضعيف لأنه ليس من المضاف حتى يكون ثابتا بالنسبة إلى شخص دون غيره. * مسألة: ولو ظن فناء مائة فتيمم وصلى فلم يجزيه إن أخل بالطلب وإلا أجزأه ولو كان الماء معلقا في عنقه وعلى ظهره فنسيه فإن طلب أجزأه وإلا فلا ولو كان معلقا على رحله فإن طلب ولم يجد لخفائه سقط عنه الإعادة وإلا فلا وقالت الخفية إن كان راكبا والماء مقدم الرحل جاز وإن كان مؤخره لم يجز وإن كان سابقا فبالعكس والوجه تعلق الحكم بالطلب. * مسألة: ولو وجد خمسة متيممون ماء يكفي أحدهم في المباح انتقض تيممهم جميعا لوجود الدليل الدال على انتقاض التيمم بوجود الماء وهو صادق في حق كل واحد منهم ولو كان ملكا لواحد فقال لهم ليستعمله من شاء منكم فكذلك أيضا أما لو وهبهم أو أباحهم على الجميع لم ينتقض تيمم واحد منهم ولو أذن الواحد منهم انتقض تيممه خاصة ولو مر المتيمم على الماء ولم يعلم به لم ينتقض تيممه. * مسألة: ولو اغتسل الجنب فبقي على جسده لمعة لم يصبها الماء ولم يعلم ثم أراق ماؤه وفقد تيمم لبقاء الجنابة فلو أحدث بعد التيمم ثم وجد الماء وكان يكفيه للمعة فعلى قولنا من أن المحدث في أثناء الغسل يعيد وإن المحدث عقيب تيمم الجنابة يعيد التيمم ولا يتوضأ ولا اعتبار بذلك إلا أن يكون الماء كافيا للفعل وإنما يتفرع هذا على قول السيد المرتضى المخالف في الأصلين فإنه على قوله يمكن أن يقال لا اعتداد به أيضا لان الواجب عليه الوضوء في الأصلين ولو وجد ماء يكفيهما غسل اللمعة وتوضأ ولو كان يكفي الوضوء خاصة توضأ به بدلا عن التيمم لا من حيث تجدد الحدث لأنه لا يكون حكمه حكم الجنب إذا تيمم ثم أحدث ووجد ما يكفيه لوضوئه ولو وجد ما يكفي أحدهما فالأقرب على قوله صرفه للوضوء لأنه غير متمكن من الدخول في الصلاة بغسله لوجود الحدث الأصغر أما لو وجد ماء للمعة ولم يحدث صرفه إليها قولا واحدا ولو وجد من الماء ما يكفي وضؤه أو غسل ثوبه على البدل صرفه في غسل الثوب لما قلنا ولا نعرف بين تقديم التيمم وتأخيره إلا عند من يقول بالتضييق من أصحابنا ولو رأى شرابا فظنه ماء فانصرف ليتوضأ به ثم ظهر فساد ظنه لم يبطل تيممه. * مسألة: ولو لم يجد الماء إلا في المسجد وكان جنبا فالأقرب أنه يجوز له الدخول ولا حد من الماء والاغتسال خارجا ولو لم يكن معه ما يغرف به فالأقرب جواز اغتساله فيه ولم أقف فيه على نص الأصحاب ولو نسي الماء في رحله فإن كان قد أخل بالطلب وجب عليه الإعادة لأنه أخل بشرط وإن لم يكن أخل بالطلب صحت صلاته وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه لا إعادة عليه والصحيح عنه وجوب الإعادة وبه قال أحمد وأبو يوسف وقال أبو حنيفة: لا إعادة عليه و عن مالك روايتان لأنه مع النسيان غير قادر على استعماله لان النسيان حال بينه وبين الماء فكان فرضه التيمم كالعادم والمعتمد التفصيل. * مسألة:
روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) أنه سئل عن الرجل هل يقيم بالبلاد وبه الأشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي وصلاح الإبل قال لا وفي التحريم إشكال فالأقرب الحمل على الكراهية. [المقصد الخامس]، في الطهارة من النجاسات وأحكامها و