عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن رجل كان في أرض يتخوف إن هو اغتسل أن يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع؟ قال:
يغتسل وإن أصابه ما أصابه قال وذكر أنه كان وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة وهو في مكان بارد وكانت ليلة شديدة الريح باردة فدعوت الغلمة فقلت له احملوني فاغسلوني فقالوا إنا نخاف عليك فقلت ليس بد فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا علي الماء فغسلوني وما رواه في الصحيح محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل تصيبه الجنابة في أرض باردة ولا يجد الماء وخشي أن يكون الماء جامدا فقال يغتسل على ما كان حدثه رجل أنه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد فقال اغتسل على ما كان فإنه لا بد من الغسل وذكر أبو عبد الله (ع) انه اضطر إليه وهو مريض فأتوه به مسخنا فاغتسل وقال لا بد من الغسل وهذه الروايات وإن كانت صحيحة السند إلا أن مضمونها مشكل إذ هو معارض لعموم قوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله لا ضرر ولا ضرار ومعارض أيضا بقول أبي عبد الله (ع) لا آمره أن يضر بنفسه وهو يدل بمفهومه على صورة النزاع. فروع: الأول المريض والجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء كالصداع والحمى الحار لا يجوز له التيمم نص عليه الشيخ وهو مذهب أكثر الجمهور وخلافا لمالك وداود فإنهما أباحا التيمم للمريض مطلقا.
لنا: انه واجد لا يستضر فوجب عليه الاستعمال كالصحيح احتجا بقوله تعالى: (وإن كنتم مرضى) وذلك مطلق والجواب انها مشروطة بعدم الماء فلا يتناول صورة النزاع وأيضا فلا بد من إضمار الضرورة وهي إنما تحصل عند الضرر. الثاني لو خاف من شدة البرد وأمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه ما من الضرر مثل أن يغسل عضوا شيئا ستره وجب عليه ذلك وإن لم يقدر تيمم وصلى وهو قول أكثر أهل العلم وقال الحسن وعطا يغتسل وإن مات وهو قول ابن مسعود. لنا: في المسألة الأولى من الاستدلال وما رواه الجمهور عن عمرو بن العاص قال احتلمت ليلة باردة في غزوة وذات السلاسل فأشفقت إذا اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني عن الاغتسال وقلت إني سمعت الله عز وجل يقول: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقل شيئا فسكوته صلى الله عليه وآله يدل على الرضى وأما وجوب التسخين فلان الواجب استعمال الماء مع التمكن وهو حاصل مع التسخين وما لا يتم الواجب إلا به مقدورا وكان مقدورا واجب. الثالث لو خاف الشين باستعمال الماء جاز له التيمم قال علماؤنا وقال الشافعي ليس له التيمم. لنا: قوله (ع): لا ضرر ولا ضرار وقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). مسألة: لو أمكن الجريح غسل بعض جسده أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له التيمم قال الشيخ في الخلاف ولا يغسل الأعضاء الصحيحة أصلا فإن غسلها ثم يتيمم أحوط وقال أبو حنيفة ومالك ان أكثر بدنه أو أكثر أعضائه صحيحا غسله ولا يتيمم عليه وإن كان أكثره جريحا تيمم ولا غسل عليه وقال الشافعي وأحمد يجب عليه غسل ما أمكنه وتيمم الباقي. لنا: إن كمال الطهارة متعذرة للضرر وبالبعض لا تحصل الاجزاء والجميع بين البدل والمبدل منه غير واجب كالصيام والاطعام في الكفارة وما تقدم من الأحاديث الدالة على جواز استعمال التيمم للجروح احتج الموجب بما رواه جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا شجة في وجهه ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما يجد لك رخصة وأنت قادر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا يسألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ثم يغسل سائر جسده ومثله عن ابن عباس ولان كل جزء من الجسد يجب تطهيره بشئ مع استواء الاجزاء في الصحة والمرض فكذا مع الاختلاف والجواب عن الأول: يحتمل أن يكون قوله ويعصب عطف على أن يتيمم ونحن نقول بموجبه لأنه يجوز أن يعصب على الجراح خرقة ويغسل جسده ويمسح على تلك الخرقة وحاصله حصول الاكتفاء بالتيمم والتعصب والمسح وغسل سائر الجسد على معنى إن كل واحد منهما كان ويحتمل أن يكون عطفا على لفظ يتيمم ويكون " الواو " بمعنى " أو " ولا استبعاد في ذلك وعن الثاني: ان الطهارة إنما تجب على كل جزء مع حصول طهارة بقية الاجزاء إذ الطهارة إنما تحصل بالمجموع ولا اعتبار لكل واحد من الأعضاء بإنفراده قال الشيخ وإنما قلنا باستحباب الجمع بنودي الصلاة بالاجماع علمه في ذلك ضرر.
فروع: الأول لو كان الجرح مما يتمكن من شده وغسل باقي العضو ومسح الخرقة التي عليه الماء وجب ولا يتيمم وإن لم يتمكن من ذلك تيمم. الثاني ان علم أن الماء يضره وظن ذلك وجب التيمم وإن لم يظن ذلك وجب الرجوع فيه إلى القول العارف المسلم ولا يكفيه قول الذمي وإن كان عارفا ويكفيه قول العارف الفاسق والمراهق لحصول الظن بالضرر.
الثالث لو كان الجرح في غير الأعضاء وخاف من استعمال الماء في الأعضاء سقط الوضوء ووجب التيمم كالمريض. الرابع إذا كان الصحيح لا يمكن غسله لا بالوصول إلى الجريح كان حكمه حكمه في جواز المسح عليه. الخامس لا فرق بين تقديم التيمم على استعمال الماء في العضو الصحيح وبين تأخيره عنه إجماعا لان التيمم للعجز وهو موجود في كل حال بخلاف التيمم إذا كان لقلة الماء مع وجود بعض الماء