أصحاب الرأي وقال أحمد يتوضأ إن كان جنبا ويتيمم وإن كان محدثا تيمم وقال الشافعي يستعمل الجنب والمحدث الماء ثم تيمم وبه قال عطا والحسن بن صالح وحكي عن الحسن البصري أنه قال يغسل الجنب وجهه ويديه وبه قال عطا وزاد عليه إذا وجد من الماء يغسل به وجهه غسله ومسح كفيه بالتراب. لنا: قوله تعالى: (فلم تجدوا ماءا فتيمموا) وأراد به ما هو مطهر كلم حتى يحصل المعاندة بين الأول والثاني ولا شك أن هذا لا يطهره فلا يلزمه استعماله ولان الآية إنما سبقت له وإنما الماء المحلل للصلاة ماء مقدور وحديث أبي ذر دال عليه أيضا لان قوله (ع) الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين إنما أراد به وإن لم يجد الماء الطهور أي الذي تحصل به الطهارة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في رجل جنب في سفر ومعه ما قدره ما يتوضأ به قال تيمم ولا يتوضأ وما رواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) مثله وما رواه عن الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يجنب ومعه من الماء بقدرها يكفيه لوضوء الصلاة يتوضأ بالماء أو يتيمم قال يتيمم وما رواه ابن يعقوب في الحسن عن الحلبي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض ويصلي فلانه ما لا يطهر فلا يلزمه استعماله كالمستعمل ولأنه عدم الماء المفيد للطهارة المحللة للصلاة فساغ التيمم كما لو كان عنده ماء نجس أو ما يحتاج إليه للعطش وهذا لان الغسل بالماء إنما وجب لأداء الصلاة لإزالته فإذا لم يعده صار كالعدم احتجوا بقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) ولان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم ولأنه وجد ما يمكنه استعماله في بعض جسده فلزمه كما لو كان أكثر بدنه صحيحا وبعضه جريحا لأنه قدر على بعض الشرط لزمه كالسترة وإزالة النجاسة ولأنه يكفيه مسح بعض وجهه يديه بالتراب فغسل جميعها أولى والجواب عن الأول: ما بينا من دلالة الآية لنا وعن الثاني: أنه (ع) إنما أشار بذلك إلى فعل يقبل الشدة والزيادة والنقصان والطهارة ليست كذلك نعم عدد مراتبها قابل بخلاف ذاتها على أنه ليس ها هنا ما يدل على العموم في هذه الصيغة وعن الثالث بالفرق بين الأكثر وصورة النزاع على أنا نمنع الحكم في الأصل وسيأتي وعن الرابع: ان ستر كل واحد من العورتين وإزالة النجاسة عن كل جزء شرط بخلاف الطهارة التي إنما هي شرع لمجموع أجزائها وفيه بحث فأن القائل أن يقول إن غسل كل عضو أيضا شرط لاشتراطه في تحقق المجموع ويمكن الجواب بأن الغسل مطلقا ليس بشرط بل الغسل بصفة الطهورية وهو إنما يحل مع انضمام العضو الآخر إليه على تلك الصفة ولا يدور لأنه ينتقض بالطهارة الصغرى مع أنه أظهر أقوالهم فيها التيمم من غير طهارة البعض. فروع:
الأول قالوا وإذا قلنا بصرف استعماله في بعض أعضاء الطهارتين وجب استعماله في بعض أعضاء الطهارتين وجب استعماله قبل التيمم لتحقق الاعواز المشرطة. الثاني لو تيمم فاقد الماء ثم وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته لم ينتقض تيممه عندنا وهو أحد قولي الشافعي والآخر ينتقض فيستعمل الماء في بعض أعضاء الطهارة ثم يتيمم. الثالث لو وجد من الماء ما لا يكفيه للطهارة فقد التراب فكالفاقد للمطهرين ولو فقد الماء ووجد التراب ما يكفيه لمسح وجهه فكذلك. السبب الثاني: أن يخاف على نفسه أو ماله لصا أو سبعا أو عدوا أو حربيا أو التخلف عن الرفقة وما أشبهه فهو كالعادم لا نفرق فيه خلافا لأنه غير واجد إذ المراد بالوجدان ما يمكن الاستعمال لاستحالة الامر بما لا يطاق ويؤيده ما رواه الشيخ عن يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال لا أمره أن يضر نفسه فتعرض له اللص أو السبع وما رواه في الصحيح عن داود البرقي قال قلت لأبي عبد الله (ع) أكون في السفر و يحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال ان الماء قريب منا فاطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتصلي فيأكلك السبع. فروع: الأول لو كان الماء بمجمع الفساق فخافت المرأة على نفسها منهم كانت بمنزلة العادم لما في الامر بالمضي إلى الماء من التعرض للزنا وهتك عرضها وربما أفضى ذلك إلى قتلها مع أنه قد أبيح لها التيمم عند الخوف على قليل الماء فعند الخوف على النفس الأولى. الثاني لو خاف على ماله ساغ له التيمم فكان عذرا لأنه في محل الضرورة وذلك أيضا مفهوم من قوله (ع) فيبرز له لص أو سبع. الثالث لو خاف على أهله ان مضى إلى الماء وتركهم من لص أو سبع أو خوف شديد فهو كالعادم للضرورة. الرابع لو كان يخاف جنبا لا من سبب موجب للخوف فهل يعذر أم لا؟ فيه نظر ينشأ انه بمنزلة الخائف بسبب. السبب الثالث: ان يحتاج إلى الماء لعطشه في الحال أو لتوقعه في ثاني الحال وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أن المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش حفظ ماء للشرب و يتمم، منهم علي (ع) وابن عباس والحسن وعطا ومجاهد وطاوس وقتادة والضحاك والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وعلمائنا أجمع لا نعرف فيه خلافا لأنه خائف على نفسه من استعمال الماء فأبيح له التيمم كالمريض ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه إلا ماء قليل يخاف إن هو اغتسل أن يعطش قال إن خاف عطشا فلا يهرق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فإن الصعيد أحب إلي وما رواه في الموثق عن سماعة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال يتيمم بالصعيد ويستغني فإن الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد وما رواه عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله