دخل في طريقه إلى بعض البلاد فعدم الماء فإنه يصلي بالتيمم وهل يلزمه الإعادة؟ أما عندنا فلا يلزم إجماعا وأما الشافعي فوجهان هذا أحدهما لأنه مسافر فلهذا يباح له الفطر والقصر، والثاني: يعيد لان عدم الماء في دار الإقامة نادر ولا يدوم فيجب الإعادة كما وجب على الحائض قضاء الصوم لندوره وعدم دوامه. مسألة: لو وجد الماء بثمن مثله في موضعه وهو يقدر عليها مع استغنائه عنه وجب عليه شراؤه ولا نعرف فيه خلافا لأنه واجد لان القدرة على ثمن العين الكاملة كالقدرة على عينها في المنع من الانتقال إلى العين الناقصة كالرقبة أما لو وجد بزيادة عن ثمن مثله فإن كانت الزيادة يسيرة وجب عليه شراؤه وهو مذهب علمائنا وبه قال أحمد وأبو حنيفة ومالك وقال الشافعي لا يجب. لنا: انه قادر على ثمن العين فكان قادرا على العين فإن القدرة على الثمن كالقدرة على العين في المنع من الانتقال إلى البلد بدليل ما لو بيعت بثمن مثلها وكالرقبة في باب الظهار ولو وجدت بثمن زائد عن ثمن المثل زيادة كثيرة قال الشيخ يجب عليه مع المكنة ودفع الضرر وهو مذهب المرتضى واختاره مالك وقال ابن الجنيد لا يجب وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي ولأحمد وجهان والحق الأول.
لنا: قوله تعالى: (فلم تجدوا) وهذا واجد لما بينا أن وجدان الثمن كوجدان العين وما رواه الجمهور عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا وجد الماء فليمسه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ ابن يعقوب في الصحيح عن صفوان قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها يشتري ويتوضأ أو يتيمم قال لا بل يشتري قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت وما نشتري بذلك مال كثير وأيضا عندهم أن المريض يلزمه الغسل وضرر الشمس أعظم من ضرر المال فلما أسقطوا اعتبار الضرر ثم وجب سقوطه هنا احتج المخالف بقوله (ع) لا ضرر ولا إضرارا وزيادة الثمن ضرر ولأنه لو خاف لصا على ماله لو فارقه إلى الوضوء لساغ له التيمم فلا يجب صرفه هنا والجواب عن الأول: أنه ليس محل النزاع إذ البحث فيما لا ضرر به وأيضا فهو مخصوص بالثمن المساوي فإنه نوع ضرر ومع ذلك لم يلتفت إليه فكذا هنا يجامع ما يشتركان فيه من المصلحة الناشئة من تحصيل ثواب الطهارة وعن الثاني: بالفرق أما أولا فلوجود النص الدال على إباحة التيمم مع الخوف على المال ووجود النص الدال على وجود الشرى بالثمن الكثير وأما ثانيا:
فلانتقاضه بصورة المساوي وأما ثالثا: فللفرق بينهما فإن في صورة الخوف يسوغ له التيمم لان عوض المال هناك على اللص فلا يزيد عليه وفي صورة الشرى العوض فيه على الله تعالى فيجعل الثواب وهو زائد على المال فافترقا. فروع: الأول لا فرق بين أن تكون الزيادة مما يتغابن الناس بها أو لا عندنا وقالت الحنفية إن كانت الزيادة يتغابن الناس في مثلها لزمه شراؤها كالوكيل في الشراء يجوز أن يشتري بأزيد من ثمن المثل مما يتغابن الناس به وإن كانت مما يتغابن الناس بما لم يجز الشراء والحق عندنا وجوب الشراء مطلقا. الثاني لو بدل له ماء الطهارة وجب عليه قبوله لأنه قادر على استعماله ولا منة عليه في قبوله فكان الشرط مفقودا. الثالث لو وجد بثمن لا يقدر عليه فبذل له الثمن وجب عليه قبوله وهو اختيار الشيخ خلافا للشافعي. لنا: انه واجد فلا يجوز له التيمم احتجوا بأن المنة يلحقه بذلك فلا يلزمه القبول والجواب ان المنة غير معتبرة في نظر الشرع ولهذا أوجبوا قبول الماء قيمة مساو له في عدم المنة وثبوتها. الرابع لو كانت الزائدة كثيرة يجحف بماله سقط عنه وجوب الشراء ولا نعرف فيه مخالفا. الخامس إذا لم يكن معه الثمن فبذله بثمن في ذمته يقدر على أدائه في بلده وجب عليه قبوله خلافا لبعض الجمهور. لنا: انه قادر على أخذه لما لا ضرر عليه فيه فكان واجبا كما اشتراه بثمن مثله وكان واجدا احتج المخالف بأن بقاء الدين في ذمته ضرر لجواز تلف ماله قبل أدائه والجواب لا اعتبار بهذا التجويز مع غلبة الظن بإمكان الأداء. السادس ولو لم يبذل له وكان فاضلا عن حاجته لم يجز له المكابرة لعدم الضرورة إلى ذلك بوجود البدل وهو التيمم بخلاف الطعام في المجاعة. السابع لو كان عليه دين مستغرق وجب عليه الشراء في الذمة إن وجد البائع لأنه ممكن خلافا للشافعي. الثامن لو احتاج إلى الثمن للنفقة لم يجب عليه الشراء قولا واحدا. التاسع لو علم مع قومه ماء فعليه أن يطلبه منهم لأنه إذا بذلوه لزمه قبوله منهم وقد يبذلوه عند طلبه فلزمه ذلك فيحتمل عدم الوجوب وكذا لا يجب أن يستوهب الماء نعم لو وهب وجب القبول ويحتمل وجوب الاستيهاب لأنه مشروع في التحصيل فوجب كالطلب. العاشر لو امتنع من إيهاب الماء لم يصح صلاته بالتيمم ما دام الماء باقيا في يد الواهب المقيم على الهبة وللشافعية وجه آخر هو عدم الوجوب فيصح الصلاة به. الحادي عشر فلو فقد الثمن لكنه يمكنه الدين والتكسب والشراء وجب عليه ذلك خلافا للشافعية. لنا:
انه ممكن فيجب. الثاني عشر لو وجد ماء موجودا في الفلاة في حب أو كوز أو نحو ذلك للسابلة جاز له الوضوء منه ولم يسغ له التيمم خلافا لبعض الجمهور. لنا: انه واجد فلم يسغ له التيمم قالوا انه وضع للشرب لا غير ظنا فلا تباح الطهارة به قلنا إن غلب على ظنه وجب التيمم أما لو كان كثيرا فالكثرة إمارة على جواز الإباحة في الشرب والوضوء فلا خلاف في الجواز. مسألة: ولو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته وجب عليه التيمم سواء كان جنبا أو محدثا حدثا أصغر وهو مذهب علمائنا ولا يجب عليه استعمال الماء في الوضوء إذا كان جنبا ولا في غسل بعض أعضائه فيه وفي الحدث الأصغر وهو أحد قولي الشافعي والأوزاعي والزهري وحماد ومالك و