(ع) الجنب يكون معه الماء القليل فإن هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم؟ فقال: بل يتيمم وكذلك إذا أراد الوضوء. فروع:
الأول لو خاف على رفيقه أو حيوان محترم أو بهايمه ساغ له التيمم لان المعنى المقتضي لإباحة التيمم وهو الضرورة الناشئة من خوف هلاك النفس موجود في ذلك كله وحرمة الرفيق والعبيد والإماء كحرمة نفسه، وحرمة بهائمه كحرمة ماله. الثاني لو وجد خائف العطش ماء طاهرا وماء نجسا يكفيه أحدهما لشربه يحفظ بالطاهر للشرب خلافا لبعض الجمهور فإنه أوجب التوضي بالطاهر واستيفاء النجس للشرب. لنا: ان رخصة التيمم أوسع من رخصة استعمال الماء النجس وأيضا فهو غير قادر على ما يجوز الوضوء به وعلى ما لا يجوز شربه سوى هذا الظاهر فجاز حبسه للشرب كما لو لم يكن معه سواه احتج المخالف بأنه وجد ماء طاهرا يستغني عن شربه فأشبه ما لو كان ماء كثير طاهر والجواب المنع متجه على الاستغناء عن الشرب إذ النجس لا يجوز شربه مع وجود الطاهر فأشبه ما لو لم يكن موجودا. الثالث لو وجدهما وهو عطشان شرب الطاهر وأراق النجس مع الاستغناء سواء كان في الوقت أو قبله خلافا لبعض الشافعية فإنه أوجب التطهر في الوقت وشرب النجس مع وجود الطاهر حرام فتعين الطاهر احتج بأن الطاهر مستحق للطهارة فهو كالمعدوم الجواب إنما يصير مستحقا لو لم يتعلق به وجوب الشرب لدفع الضرر وها هنا هو كذلك إذ شرب النجس حرام. الرابع لو وجد عطشانا يخاف تلفه وجب أن يسقيه الماء ويتيمم خلافا لبعض الجمهور. لنا: ان يسقيه يصدق عليه إحياء النفس فيدخل تحت قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) ولان حرمة الآدمي يقدم على الصلاة كما لو شاهد في الصلاة غريقا لزمه تركها وإنقاذه فلان تقدمها على الطهارة بالماء أولى ولان حفظ نفس الغير واجب لا عوض له الوضوء إن كان واجبا إلا أن التيمم يقوم مقامه. الخامس لو مات صاحب الماء ورفقاؤه عطاش تيمموه وشربوا الماء وغرموا ثمن المال لأجل الضرورة. السادس لو احتاج إلى ثمن ما معه من الماء جاز له بيعه والتيمم لان ما استقر فيه حاجة الانسان يجعل كالمعدوم شرعا. السابع لو لم يحتج إليه في يومه لكن في غيره فإن ظن فقدانه في الغد تيمم وحفظه وإن علم وجوده في الغد توضى له وإن ظن احتمل إلحاقه بالعالم وبالأول لان الأصل العدم. الثامن لو خاف على حيوان الغير التلف ففي وجوب سقيه إشكال فإن أوجبناها فالأقرب رجوعه على المالك بالثمن. السبب الرابع: المرض والجرح وما أشبهها وقد ذهب علماؤنا أجمع إلى أنه إذا خاف على نفسه من استعمال الماء فله التيمم وهو قول أكثر أهل العلم منهم ابن عباس ومجاهد وعكرمة وطاوس والنخعي وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي ولم يرخص عطا في التيمم إلا عند عدم الماء ونحوه عن الحسن في المجدور والمجنب قال لا بد من الغسلة.
لنا: قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وقوله: (ولا تقتلوا أنفسكم) وما رواه الجمهور في حديث ابن عباس وجابر في الذي أصابته الشجر وحديث عمرو بن العاص حين تيمم من خوف البرد ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم وغيره عن أبي عبد الله (ع) قال قيل له ان فلانا أصابه جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه ألا يسألوا الا تيمموه فإن شفاء العي السؤال قال الشيخ وابن يعقوب معا عقيب هذا الحديث وروي ذلك في الكسير والمبطون يتيمم ولا يغتسل وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن الجنب يكون به القرح قال لا بأس بأن لا يغتسل وتيمم وما رواه في الحسن عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد قال لا يغتسل وتيمم وما رواه في الموثق عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) في الرجل يكون به القروح في جسده فيصيبه الجنابة قال تيمم وما رواه في الصحيح عن أبي عمير عن بعض أصحابه قال يؤمم المجدور و الكسير بالتراب إذا أصابتهما الجنابة ولأنه يسوغ التيمم عند خوف العطش والسبع فكذا هنا إذ الخوف واحد واختلاف جهاته لا يوجب تغايره واحتج المخالف بأنه تعالى شرط في التيمم عدم الماء فلم يجز معه مطلقا والجواب أن المراد من الوجدان التمكن من الاستعمال لما قلناه.
مسألة: لا فرق في الخوف بين خوف التلف أو زيادة المرض أو تباطوا (تواطؤ) البرد والشين الفاحش أو الألم الذي لا يحتمله وهو على الاطلاق مذهب أكثر علمائنا وقال الشيخ (ره) إن كان الخائف قد تعمد الجنابة وجب عليه الغسل وإن لحقه يرد إلا أن يبلغ حدا يخاف على نفسه التلف وقال الشافعي في الامام لا يباح التيمم للخائف مطلقا إلا مع خوف التلف وهو إحدى الروايتين عن أحمد وحكاه ابن المنذر عن عطا والحسن البصري وله قول آخر أنه يجوز له التيمم وإن خاف ما ذكرناه وهو قول أصحاب الرأي والرواية الأخرى لأحمد. لنا: قوله تعالى:
(وإن كنتم مرضى) وذلك عام ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شئ من ماله أو ضررا في نفسه أو سبعا أو لصا أو لم يجد الماء إلا بالكثرة الضارة فلان يجوز ها هنا أولى ولان ترك القيام في الصلاة وتأخر الصيام وترك الاستقبال لا ينحصر في خوف التلف فكذا ها هنا وما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الرجل يصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه البرد قال لا يغتسل يتيمم ورواه في الحسن عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) احتج الشيخ بما رواه علي بن أحمد رفعه أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المجدور أصابته جنابة قال إن كان أجنب فهو فليغتسل وإن كان احتلم فليتيمم وما رواه في الصحيح عن سليمان بن خالد وأبي بصير و