في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ثم أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرا له ذلك فقال للذي لم يعد أصيبت السنة وإصابته السنة إنما هو بفعله كله فدل على أن من تيمم قبل الوقت لم يصب السنة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن أحدهما (ع) قال فليطلب ما دام في الوقت ولأنها طهارة ضرورية فلم يجز قبل الوقت كطهارة المستحاضة وأيضا هو قبل الوقت مستغن عن التيمم للفرض فأشبه ما لو تيمم عند وجود الماء فاحتج أبو حنيفة بأنها طهارة يبيح الصلاة فأبيح تقديمها على وقت الصلاة كسائر الطهارات والجواب الفرق بأن سائر الطهارات ليست ضرورية بخلافه والنقض بطهارة المستحاضة. * مسألة: ذهب أكثر علمائنا إلى أنه لا يجوز التيمم إلا في آخر الوقت واشترطوا التضييق ذهب إليه الشيخ في كتبه والسيد المرتضى والمفيد وأبو الصلاح وصاحب الوسيلة وابن إدريس ونقل عن ابن بابويه أنه يجوز التيمم في أول الوقت وروى الجمهور عن علي (ع) استحباب التأخير وهو قول عطا والحسن وابن سيرين والزهري والثوري و أصحاب الرأي وقال الشافعي في أحد قوليه التقديم أفضل إلا أن يكون واثقا بوجود الماء في الوقت وقال بعض الجمهور يستحب التأخير إن رجا وجود الماء وإلا استحب تقدمه وهو قول مالك ونقل عن أبي حنيفة هذا التفصيل ونقل عن مالك استحباب التيمم وسط الوقت مطلقا. لنا:
ما رواه الجمهور عن علي (ع) في الجنب ما يتلو بينه وبين آخر الوقت فإن وجد الماء وإلا تيمم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة عن أحدهما (ع) قال إذا لم يجد المسافر ماء فيطلب ما دام في الوقت فإذا أخاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت وما رواه عن زرارة عن أحدهما (ع) بهذه العبارة إلا أنه قال فليمسك عوض قوله فليطلب وما رواه في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد الماء وأردت التيمم فأخر التيمم إلى آخر الوقت فإن فاتك الماء لم يفتك الأرض ولأنها طهارة ضرورية فيتقدر بقدر الضرورة ولا ضرورة قبل التضييق ولأنه يمكن وصول الماء إليه فكان التأخير أولى فإنه قد استحب تأخيرها لادراك الجماعة فتأخرها لادراك الشرط أولى واحتج ابن بابويه بقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) ثم قال: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) ولا شك أن الأول خطاب في أول الوقت فكذا الثاني لوجوب الاشتراك بالعطف وبما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) فإن أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت قال: تمت صلاته والإعادة عليه ولو كان التضييق شرطا لوجبت عليه الإعادة ولأنه (ع) قال إنما هو بمنزلة الماء فيثبت له جميع أحكامه إلا ما خرج بالدليل وقال (ع) ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وقول ابن بابويه في غاية القوة فالأقرب عندي أن التأخير مستحب والتقديم جائز ولأنه لو وجب التأخير لرجاء حصول الطهارة لوجب على أصحاب الاعذار ذلك كالمستحاضة وصاحب السلس لوجود المقتضي والثاني باطل احتج الشافعي بأن الصلاة في أول الوقت مستحب فلا يترك مع تحققه لأمر مظنون والجواب ان انتظار أكمل الطهارتين مستحب فكان متحققا. [البحث الثاني] فيما به يكون التيمم، أصل: إنما يفيد الحصر بالنقل حكاه أبو علي الفارسي في السراريات؟؟ والاستعمال كما في قول الفرزدق فإنما يدافع عن أحزابهم أنا ومثلي وفي قول الأعشى وإنما العبرة للتكاثر وبأن لفظه " ان " للاثبات وما للنفي فمع التركيب يبقى الدلالتين وإلا لكان التركيب يخرج الشئ عن حقيقته وذلك باطل وإذا ثبت هذا فنقول ان كان للاثبات للمذكور والنفي لما عداه فهو المطلوب وإن توارد ألزم المحال وإن كان بالعكس فهو خرق الاجماع وقوله تعالى: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) محمول على المبالغة. * مسألة: قال علماؤنا لا يجوز التيمم إلا بالتراب والأرض وهو مذهب الشافعي وإسحاق وأبي يوسف وداود وأحمد وقال مالك وأبو حنيفة ويجوز بكل ما كان من جنس الأرض كالرماد والزرنيخ والجص والنورة والكحل وقال مالك يجوز بالثلج والملح. لنا: قوله تعالى: (تيمموا صعيدا طيبا) قال ابن دريد الصعيد هو التراب الخالص الذي لا يخالطه سنج ولا رمل ونقله في كتاب الخمرة عن أبي عبيدة معمر بن المثنى وقال ابن فارس والصعيد التراب قال وفي كتاب الحليل تيمم بالصعيد أي خذ من غباره والصعيد الأرض المستوية قال ابن عباس الصعيد التراب والطيب الطاهر وما رواه الجمهور عن علي (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أعطيت ما لم يعط نبيا من أنبياء الله جعل لي التراب طهورا وذكر الحديث رواه الشافعي في مسنده وروى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وآله قال جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولو كان غير التراب طهورا لذكره فيما من الله تعالى عليه ولم يكن للتخصيص معنى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ معه للصلاة قال لا إنما هو الماء والصعيد أتى و " إنما " للدلالة على الحصر وما رواه السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه عن علي (ع) قال أتيمم بالرماد فقال لا لأنه ليس يخرج من الأرض وإنما يخرج من الشجر وذكر أن الدالة على التعليل يوجب التعميم في الطرفين احتج أبو حنيفة بأن ما شابه من الأرض في النعومة والانسخاف يشبه التراب فيجوز التيمم والجواب ليس المقتضي لجواز التيمم هو الاسخاف مطلقا بل الأرض لا غير وأيضا فالطهارة اختصت بأعم المائعات وجودا وهو الماء فيخص بأعم الجامدات وجودا وهو التراب وأيضا لو جاز التيمم الشرعي بغير التراب وما يشبهه كالأرض لجاز أما مع الوجوب أو مع عدمه والأول منتف إجماعا والثاني: أيضا منتف لأنه لو كان كذلك لكان أعم منه ضرورة ثبوته مع الواجب ويلزم من عدم الأعم الأخص فثبت الوجوب