والوجه الاستحباب. فروع: الأول لو اجتمعت أسباب الاستحباب فالأقرب الاكتفاء بغسل واحد عنها. الثاني لا يرفع هذه الأغسال الحدث خلافا للسيد المرتضى وقد تقدم. الثالث ما يستحب للمكان والفعل تقدم غسليهما وما يستحب للوقت يغتسل بعد دخوله. الرابع ما كان للفعل يستحب أن يوقع الفعل عليه فلو أحدث استحب إعادته وما كان للوقت كفاه وإن أحدث. الخامس لو نوى بالغسل الواحد الواجب والمندوب فالوجه عدم إجزائه عنهما معا لاستحالة وقوعه على معنى ما نواه والترجيح من غير مرجح وهو مذهب أبي سهل الصعلوك من الشافعية وقال الشيخ وابن أبي عقيل بالاجزاء وهو أصح وجهي الشافعية. السادس لا عوض لهذه الأغسال المندوبة فلا يجزي الوضوء ولا التيمم وإن كان الماء متعذرا بل يسقط الفعل لان المأمور به الغسل وشئ منهما لا يصدق عليه اسم الغسل فلا يتحقق الاجزاء وقال الشيخ ان التيمم قد يكون بدلا من غسل الاحرام عند فقد الماء. السابع كيفية هذه الأغسال مثل غسل الجنابة فلو نذر غسل الجمعة وجب فيه الترتيب. الثامن لو نوى غسل الجنابة خاصة في يوم الجمعة لم يحصل له فضل غسل الجمعة إن لم نقل بالتداخل ولو نوى غسل الجمعة خاصة لم يحصل غسل الجنابة قطعا وهل يصح غسل الجمعة الأقوى ذلك وللشافعية قولان هذا أحدهما لأنه نوى نية الغسلة فصح له والثاني لا يصح لأنه نوى التنظيف ومع الجنابة لا نظافة. مسألة: وليس على المجنون والمغمى عليه إذا أفاق الغسل لا وجوبا ولا استحبابا خلافا للحنابلة في الاستحباب. لنا: الاجماع على أنه لا يجب ولان زوال العقل في نفسه ليس بموجب للغسل والانزال مشكوك فيه فلا يزول عن اليقين بالشك والاستحباب حكم شرعي ويفتقر إلى دليل ولم يقم ولو وجد منهما الانزال وجب الغسل بعد الإفاقة لوجود السبب. مسألة: قال بعض الحنفية يستحب للصبي إذا أدرك الغسل ولا يعرف نصا ولا شك ان الاستحباب حكم شرعي فيقف على الدليل. - - - - - الفصل الرابع في التيمم، وهو في اللغة القصد قال الله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) وفعل في الشرع إلى مسح الوجه واليدين بالتراب على وجه التقرب وحده أنه طهارة ترابية مقرونة بالنية وهو جائز بالنص والاجماع والنظر فيه يتعلق بشروطه وما به يكون التيمم وكيفيته وأحكامه فها هنا أربعة مباحث، الأول في الشروط، مسألة: إنما يبيح التيمم عن العجز عن استعمال الماء فللعجز أسباب أحدها فقد الماء سفرا طويلا كان أو قصيرا وهو مذهب علمائنا أجمع وهو قول أكثر أهل العلم خلافا للشافعي في أحد الموقفين فإنه اشترط سفر الطويل في إباحة التيمم. لنا:
قوله تعالى: (فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا) أدل بمطلقه على إباحة التيمم في كل سفر وما رواه الجمهور عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله قال إن الصعيد الطيب طهور للمسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليس يشربه فإن ذلك خير قال الترمذي وهو حديث حسن صحيح وذلك عام في قصير السفر وطويله ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح الأرض وليصل إذا وجد الماء فليغتسل وقد أجزاءه صلاته التي صلاها وذلك عام في كل فاقد و لان السفر القصير يكثر فيكثر عدم الماء فيه فيحتاج معه إلى التيمم فسقط به الأرض كالسفر الطويل. فرعان، الأول لا فرق بين السفر إذا كان طاعة أو معصية لان التيمم واجب على الفاقد مطلقا فلا يجوز تركه ولأنه رخصة لا يخص بالسفر فساغ في سفر المعصية ولا إعادة عليه لأنها وقعت مأمورا بها فوجب الآخر. الثاني لو خرج من بلده إلى الأرض من ضياعه لحاجة كالزرع والحصاد والاحتطاب وأشباهها ولم يستصحب الماء للوضوء فحضرت الصلاة ولا ماء معه ولم يمكنه الرجوع إلا مع فوات حاجته الضرورية يساغ له التيمم لأنه في محل الضرورة. مسألة: لو فقد الماء حضر أبان انقطع الماء عنه أو حبس وجب عليه التيمم والصلاة وهو مذهب علمائنا أجمع وبه قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وحكاه الطحاوي عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة أولا لا يصلي وهو قول أحمد في رواية وقال زفر لا يصلي أصلا قولا واحدا. لنا: ما رواه الجمهور عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين وهي عامة وما روي عنه (ع) أنه قال: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت وذلك عام في السفر والحضر ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث ابن سنان فإنه عام في الفاقد سفرا وحضرا وما رواه في الصحيح عن محمد بن عمران وجميل عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله تعالى جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا والمشابهة يستلزم التساوي في كل الاحكام وخرجت عنه صورة وجود الماء فيبقى الباقي على العموم وطهوريته الماء غير مشروطة بالسفر فكذا التراب احتج أبو حنيفة بأن الله تعالى شرط السفر لجواز التيمم فلا يجوز لغيره تحقيقا بالمعنى الشرط والجواب المنع من اشتراط السفر والآية لا تدل عليه لأنه تعالى ذكر أمورا في الأغلب هي أعذار كالمرض والسفر إذا خرج الوصف فخرج الأغلب لا يدل على نفي الحكم عما عداه إجماعا ولو سلمنا لكنه إنما يدل من حيث دليل الخطاب وأبو حنيفة لا يقول به فكيف استجاز ها هنا وان يعمل به هل ذلك إلا مناقضة. فروع: الأول لو صلى بهذا التيمم لا يجب عليه الإعادة وبه قال مالك والمزني وقال الشافعي يعيد لان الإقامة إذا قارنت ابتداء الصلاة منعت من الاحتساب بالصلاة في حق المتيمم فكذا إذا طرأت لان الصلاة لا ينتقض حكمها الثالث مسافر