الأول واجب وكذا الثاني لان حرف الصلة لا بد له من متعلق عامل فيه ولا يصح تعلقه يعني الوجوب والعطف يقتضي التشريك وما رواه في الحسن عن عبد الله بن المغيرة عن الرضا (ع) قال سألته عن الغسل الجمعة قال: واجب على كل ذكر وأنثى من عبد أو حر وما رواه في الصحيح عن محمد بن عبد الله قال سألت الرضا (ع) عن غسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى من عبد أو حر والجواب عن الأول: أنها داله على تأكد الاستحباب والايجاب لما بيناه جمعا بين الأدلة ولأنه ذكر في سياقه والسواك وإن مس طيبا كذا رواه مسلم والسواك ومس الطيب ليسا بواجبين فكذا الغسل وعن الرواية الأولى من أحاديثنا ابني بابويه أنها ضعيفة السند فإن سماعة وعثمان بن عيسى الراوي عنه واقفيان فلا تعويل على هذه الرواية ويحتمل أنه أراد بالوجوب شدة الاستحباب لما بيناه من الأحاديث وهو الجواب عن باقي الروايات وقوله ان الامر للوجوب مسلم إلا أنه غير مراد ها هنا لما بيناه من الدليل ولأنه لو كان للوجوب لكانت الأغسال التي عددها واجبة وليس كذلك وقوله حرف الصلة لا بد من عامل يتعلق به ولا يصح تعلقه يعني الوجوب ممنوع بل يتعلق بما يدل عليه قرينة الحال وهو عموم الثبوت والاستقرار وهذا لا ينافي في الوجوب لدليل زائد. فروع: الأول وقته للمختار من طلوع الفجر إلى الزوال وهو قول مجاهد والحسن والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق وقال الأوزاعي يجزيه قبل الفجر وعن مالك أنه لا يجزيه الغسل إلا أن يتعقبه الرواح. لنا: أن النبي صلى الله عليه وآله قال من اغتسل يوم الجمعة واليوم من طلوع الفجر وكذا من طريق الخاصة قول أبي عبد الله (ع) اغتسل يوم الجمعة وأما ان انتهى وقته الزوال فإن الغسلة إنما هي لحضور المسجد للصلة لما رواه الجمهور عن عائشة قالت كانت الناس يروحون إلى الجمعة بهيئتهم فتظهر لهم رائحة فقيل لهم لو اغتسلتم رواه مسلم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن محمد بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال كانت الأنصار تعمل في نواضحها وأموالها فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى الناس بأرواح آباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السنة وروي عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار وقال يقضيه في آخر النهار فإن لم تجد فيقضيه يوم السبت والقضاء إنما يكون بعد فوات الوقت. الثاني والغسل مستحب لليوم خلافا لأبي يوسف فلو أحدث بعد الغسل لم يبطل غسله وكفاه الوضوء وهو قول المجاهد والحسن ومالك والأوزاعي والشافعي واستحب طاوس والثوري وقتادة ويحيى بن أبي كثير إعادة الغسل. لنا: انه اغتسل يوم الجمعة فأتي بالمجزي والامر لا يقتضي التكرار ولان الغسل للتنظيف وقد حصل والحدث لا يضاده ولأنه غسل فلا يؤثر الحدث في إبطاله كالجنابة ويؤيده ما رواه الشيخ عن بكير بن أعين قال سألت أبا عبد الله (ع) في أي الليالي أغتسل في شهر رمضان قال في تسع عشرة وفي إحدى وعشرين وفي ثلاث وعشرين والغسل أول الليل فإن نام يعيد الغسل قال هو مثل غسل الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك. الثالث لو فاته يوم الجمعة قبل الزوال قضاه بعده ولو فاته يوم الجمعة أصلا قضاه يوم السبت. لنا: أنه عبادة مؤقتة فات وقتها واستحب قضاؤها كغيرها من مؤقتات العبادات ويؤيده رواية سماعة بن مهران وقد تقدمت وما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال يغتسل ما بينه وبين الليل فإن فاته اغتسل يوم السبت ولو فاته يوم السبت لم يستحب قضاؤه لان الأصل عدمه وقد سلم عن معارضة النص الدال على خلافه بخلاف السبت. الرابع لو غلب على ظنه يوم الخميس فقدان الماء في الجمعة استحب له تقديم يوم الخميس لأنه طاعة في نفسه فلا يؤثر فيها الوقت ولما رواه الشيخ عن محمد بن الحسن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال قال لأصحابه أنكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة وما رواه عن أحمد بن محمد عن الحسين بن موسى بن جعفر عن أمه وعن أم أحمد ابني موسى بن جعفر (ع) قالتا كنا مع أبي الحسن (ع) بالبادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلوا لغد يوم الجمعة. تذنيب: لو اغتسل يوم الخميس ثم وجد الماء يوم الجمعة استحب له الإعادة لان البدل إنما يجزي تعذر المبدل وغسل الخميس هنا بدل أما لو وجد بعد الزوال فإن الأقرب عدم الإعادة لفوات الوقت والقضاء كالتقديم في البدلية أجزء لو خاف الفوات يوم الجمعة دون السبب أحتمل استحباب التقديم للعموم ولان فيه منازعة إلى فعل الطاعة وعدمه لان القضاء ولى من التقديم كما في صلاة الليل للشاب والمسافر. الخامس لا بد فيه من النية لأنه عبادة محضة فافتقرت إلى النية كتجديد الوضوء والأقرب أنه لا بد من ذكر السبب ونية الندب والتقرب. السادس يستحب فيه الدعاء لما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال وإذا اغتسلت للجمعة فقل: " اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني وتبطل به عملي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ". السابع هو مستحب للرجال والنساء الحاضرين والمسافرين العبيد والأحرار سواء في ذلك وقال أحمد لا يستحب لمن لا يأتي الجمعة فليس على النساء غسل وعلى قياسهن الصبيان والمسافر والمريض وكان ابن عمر وعلقمة لا يغتسلان للسفر وكان طلحة يغتسل وبالاغتسال في السفر قال مجاهد وطاوس. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال غسل الجمعة واجب على كل محتلم وقد بينا أن الوجوب المعني به ها هنا الاستحباب المؤكد وهو عام في الذكور والإناث العبيد والأحرار المسافرين
(١٢٩)