وعن الثاني: أنه قياس طردي لا معنى تحته ثم إن النفاس والحيض اختلفا في كثير من الاحكام وليس يشبهه في أن المخالفة في هذا الحكم أولى من مخالفته في سائر الأحكام ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام عن النفساء قال تدع ما دامت ترى الدم العبيط وهذا دل على المنع من الترك وقت عدم الرؤية للدم وعن الثالث أن الموجب خروج المني تكون منه. مسألة: ولو خرج الدم قبل الولادة لم يكن نفاسا إجماعا كما أنه لو خرج بعد الولادة كان نفاسا إجماعا أما ما يخرج مع الولادة فقد صرح الشيخ في الخلاف والمبسوط انه نفاس وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي العباس بن العاص من أصحابي الشافعي وقال السيد المرتضى النفاس هو الدم الذي يراه المرأة عقيب الولادة وهو اختيار بعض الشافعية ومذهب أبي حنيفة واستدل الشيخ في الخلاف بأن اللفظ يتناول فتحمل على عموم ما ورد في هذا الباب أما ما تراه مع الطلق قبل الولادة فليس بنفاس لما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين وترى الصفرة أو دما قال تصلي ما لم تلد فإن عليها الوجع ففاتها صلاة لم تقدر أن تصليها فعليها قضاء تلك الصلاة ويؤيدها الأصل من شغل الذمة بالعبادة بعد التكليف وروى الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل يعني إذا رأت المرأة الدم وهي حامل لا تدع الصلاة إلا أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطلق ورأت الدم تركت الصلاة. فروع: الأول لو وضعت شيئا تبين فيه خلق الانسان فرأت الدم فهو نفاس إجماعا ولو كان مضغة فهو كالولد لأنه دم جاء عقيب حمل لأنه بدؤ خلق آدمي وكان نفاسا كم لو تبين فيها خلق آدمي وهو أحد الوجهين عند أحمد وفي الوجه الآخر ليس بنفاس وهو اختيار الحنفية لأنه لم يتبين فيها خلق آدمي فأشبهت النطفة ولعل بين الامرين فرقا أما الخلقة والنطفة فلا يتعين معهما الحمل فيكون حكم الدم الحاصل بعدها حكم الدم الحاصل أما حيض أو استحاضة. الثاني لو خرج بعض الولد كانت نفاسا عندنا خلافا لبعض الحنيفة والوجه فيه ما تقدم. الثالث الدم الخارج قبل الولادة قال الشيخ في الخلاف ليس بحيض معولا على الاجماع على أن الحامل المستبين حملها لا تحيض ونحن لما نازعنا في ذلك سقط هذا الكلام عندنا وللشافعي قولان أحدهما أنه حيض والثاني انه استحاضة لاستحالة تعاقب النفاس والحيض من غير طهر صحيح بينهما ونحن ننازع في هذا. الرابع الدم المتخلل بين الولدين التوأمين نفاس وهو قول مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف وأصح وجهي الشافعي وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابه وإحدى الروايتين عن أحمد وقال بعض الشافعية ومحمد وزفر انه ليس بنفاس وهو الوجه الضعيف للشافعي والرواية الأخرى لأحمد. لنا: ان النفاس أما أن يكون مشتقا من تنفس الرحم أو من خروج النفس الذي هو الدم أو من النفس الذي هو الاسم للدم وعلى كل تقدير فالدم الحاصل عقيب الولد الأول يصدق عليه المعنى للمشتق منه فيصدق عليه اسم المشتق لوجوب الاطراد في الاشتقاق احتج محمد بأن المرأة حامل ما دام في بطنها ولد آخر ودم الحامل ليس بحيض فلا يكون نفاسا في الحكم سواء لان العدة تنقضي بالولد الآخر فكذلك النفاس لأنها حكمان متعلقان بالولادة والجواب عن الأول: بالمنع من كون الحامل لا تحيض وقد سلف سلمنا لكن الحامل إنما لم تحض لانسداد دم الرحم وكان الخارج غير دم الرحم أما ها هنا فبالولد الأول انفتح فم الرحم فكان الخارج دمه وعن الثاني: بالفرق فإن العدة تنقضي بوضع الحمل والحمل اسم لجميع ما في البطن على أنا نمنع توقف الانقضاء على الولد الثاني وسيأتي البحث فيه إن شاء الله وقد ظهر ما تقدم ان ابتداء النفاس من الأول وعدد أيامه من الثاني وهو أحد وجوه الشافعي والوجه الثاني له أن المعتبر بأول النفاس وآخره بالأول وبه قال أبو يوسف وأبو حنيفة أيضا حتى قالوا لو كان بين الولدين أكثر مدة النفاس وهي أربعون أو ستون على الخلاف لم يكن ما يوجد من الدم بعد الثاني نفاسا والوجه الثالث لأنه يعتبر ذلك بالثاني وبه قال محمد والزفر والحق ما قلناه من أنه يعتبر أوله بالأول وآخره بالثاني. مسألة: ولا حد لأقل النفاس وهو مذهب علمائنا أجمع وبه قال الشافعي والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة والثوري وقال محمد بن الحسن وأبو ثور أقله ساعة وقال أبو عبيدة أقله خمسة وعشرون يوما وقال أبو يوسف فيما روي عنه أقله أحد عشر يوما وروي عن أحمد أقله يوم وحكي عن الثوري أن أقله ثلاثة أيام لأنها أقل الحيض وقال المزني أربعة أيام بناء على أصول منها ان أقل الحيض يوم وليلة وإن أكثره خمسة عشر يوما وإن أكثر النفاس أربعة أضعاف أكثر الحيض فيكون أقله أربعة أضعاف أقل الحيض. لنا: ما رواه الجمهور عن علي عليه السلام أنه قال لا يحل للنفساء إذا رأت الطهر إلا أن تصلي وما رواه ان امرأة ولدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم تر دما فسميت ذات العفوف ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسن بن علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام في النفساء كم يجب عليها الصلاة قال تدع ما دامت ترى الدم العبيط وهذا يدل على الانقطاع وإن أقل عدد أوقات الدم قبله فوجب الصلاة ولان اليسير دم وجد عقيب سببه وهو الولادة فيكون نفاسا كالكثير فعلى هذا لو رأته لحظة ثم انقطع حكم لها بالنفاس تلك اللحظة. مسألة: وفي حد كثرته خلاف بين علمائنا قال الشيخ وعلي بن بابويه انه لا يزيد عن أكثر من الحيض وهو أحد قولي المفيد والقول الآخر أكثره ثمانية عشر يوما وهو اختيار السيد المرتضى وابن الجنيد وأبي جعفر محمد بن بابويه وسلار وقال ابن أبي عقيل أيامها
(١٢٣)