قال أبو حنيفة: الامام بالخيار بين أن يقرأ أهلها عليها ويضرب عليهم خراجا، وبين أن يصرفهم عنها، ويأتي بقوم آخرين ويضرب عليهم الخراج. وليس للامام أن يقفها على المسلمين أجمعين، ولا على غانميها.
وعن مالك روايتان. إحداهما: ليس للامام أن يقفها، بل تصير بنفس الظهور عليها وقفا على المسلمين.
والثانية: أن الامام مخير بين قسمها ووقفها لمصالح المسلمين.
وقال الشافعي: يجب على الامام قسمها بين جماعة الغانمين كسائر الأموال، إلا أن تطيب أنفسهم بوقفها على المسلمين، ويسقطوا حقوقهم فيها فيقفها.
وعن أحمد ثلاث روايات.
أظهرها: أن الامام يفعل ما يراه الأصلح من قسمها ووقفها.
والثانية: كمذهب الشافعي.
والثالثة: تصير وقفا بنفس الظهور.
فصل: واختلف الأئمة في الخراج المضروب على ما يفتح عنوة. فقال أبو حنيفة:
في جريب الحنطة قفيز ودرهمان. وفي جريب الشعير قفيز ودرهم. وقال الشافعي: في جريب الحنطة أربعة دراهم، وفي جريب الشعير درهمان. وقال أحمد في أظهر الروايات: الحنطة والشعير سواء. وفي جريب كل واحد منهما قفيز ودرهم. والقفيز المذكور: ثمانية أرطال بالحجازي وهو ستة عشر بالعراقي. وأما جريب النخل: فقال أبو حنيفة: فيه عشرة. واختلف أصحاب الشافعي فمنهم من قال: عشرة. ومنهم من قال:
ثمانية وقال أحمد: ثمانية. وأما جريب العنب، فقال أبو حنيفة وأحمد: عشرة. وقول أصحاب الشافعي في العنب كقولهم في النخل. وأما جريب الزيتون، فقال الشافعي وأحمد: فيه اثنا عشر درهما. وأبو حنيفة لم يوجد له نص في ذلك. وقال مالك: ليس في ذلك جميعه تقدير، بل المرجع فيه إلى ما تحمله الأرض من ذلك لاختلافها. فيجتهد الامام في تقدير ذلك، مستعينا عليه بأهل الخبرة.
فصل: قال ابن هبيرة في الافصاح: واختلافهم إنما هو راجع إلى اختلاف الروايات عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك على الصحيح. وإنما اختلف لاختلاف النواحي.