يجب عليها قبولها لأنه لا ضرورة به إلى ذلك.
وضرب: يجب عليه قبولها، وهو أن يأتي رجل بمال ليودعه في مكان عند رجل، وليس هناك من يصلح لحفظها إلا هو. ويعلم أنه إن لم يقبل ذلك منه هلك المال.
فيجب عليه القبول، لقوله عليه الصلاة والسلام: حرمة مال المؤمن كحرمة دمه ولو خاف على دمه، وقدر على الدفع عنه، ولوجب عليه ذلك. وكذلك ماله. فإن لم يقبلها أثم، لما ذكرناه. ولا يضمن المال إذا تلف، لأنه لم يوجد منه تعد، فهو كما لو قدر على الدفع عن نفس غيره ولم يدفع عنه حتى قتل.
وضرب: يكره له قبولها، وهو من يعلم من حال نفسه العجز عن حفظ الوديعة، أو لا يأمن من نفسه الخيانة، فلا يغرر بمال غيره، ويعرض نفسه للضمان. فإن قبلها لم يجب عليه الضمان إلا بالتعدي.
ويعتبر في المودع والمودع ما يعتبر في الموكل والوكيل.
ولا بد من صيغة من المودع بأن يقول: استودعتك هذا المال، أو استحفظتك إياه، أو استنبتك في حفظه. والأظهر: أنه لا يعتبر القبول باللفظ، ويكفي القبض ولو أودعه صبي أو مجنون مالا لم يقبله. فإن قبل ضمن.
ولو أودع مالا عند صبي، فتلف عنده لم يضمنه. ولو أتلفه، فالأظهر: أنه يضمن، والسفيه كالصبي في إيداعه.
وترتفع الوديعة بموت المودع والمودع، وبالجنون والاغماء.
وللمودع أن يستردها متى شاء. وللمودع كذلك.
والأصل في الوديعة: الأمانة. وقد تصير مضمونة بعوارض.
منها: أن يودع غيره بغير إذن المالك من غير عذر. فيضمن.
ومنها: إذا أودع القاضي على وجه أنه لا يضمن.
وإذا لم تزل يده عن الوديعة فلا بأس بالاستعانة بغيره، بأن يدفعها إليه ليحملها إلى الحرز، أو ليضعها في الخزانة المشتركة بينهما. وإذا أراد سفرا فليردها إلى المودع أو وكيله. فإن لم يظفر بهما دفعها إلى القاضي. فإن لم يجده فإلى أمين.
فإن دفنها في موضع وسافر ضمن، إلا أن يعلم بها أمين يسكن ذلك الموضع، فلا