من زرعها. والبذر من مالك الأرض. والمخابرة: مثلها، إلا أن البذر من العامل. وقيل:
هما بمعنى واحد. والصحيح الأول. وبه قال الجمهور، وهو ظاهر نص الشافعي.
وأما قول صاحب البيان: إن أكثر الأصحاب قالوا: هما بمعنى واحد. فمردود لا يعتبر. وقد يقال: المخابرة اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها. والمزارعة: اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها. والمعنى: لا يختلف. وهي مختلف فيها بين العلماء.
قال النووي: المختار جواز المزارعة والمخابرة، والمعروف من مذهب الشافعي بطلانها. قال صاحب البحر الصغير: وأرى جواز المزارعة والمساقاة في جميع الأراضي والأشجار المثمرة، والمعاطاة في المحقرات، لعموم البلوى في البلدان، وصيانة الخلق عن العصيان. فمن كتبها على مذهب من يرى ذلك فليعرض بذكر حكم الحاكم بصحتها وإجازتها، ليخرج من الخلاف كما تقدم ذكره آنفا.
وصورة المزارعة على أصل من يقول بصحتها: أقر فلان أنه تسلم من فلان جميع القطعة الأرض الفلانية - ويذكر حدودها وحقوقها - على أن يعمرها بنفسه وأعوانه ودوابه، ويزرع فيها كذا وكذا في سنة كذا، أو ليزرع فيها ما يحب ويختار من المزروعات الصيفية والشتوية على العادة في مثل ذلك. ويقوم بسقي ما يزرع فيها، وبما يصلحه وينميه إلى حين بلوغه واستكمال منفعته. ومهما رزق الله تعالى في ذلك وأعطاه بكرمه من غلة الزرع المذكور، أخرج منه ما يجب عليه فيه الصدقة. وكان الباقي بينهما، لفلان بحق أرضه كذا، ولفلان بحق بذره وعمله كذا. ورضي فلان المالك للأرض المذكورة بذلك بمخاطبته إياه واتفاقهما وتراضيهما على ذلك. ويؤرخ.
وصورة أخرى في المزارعة: أقر فلان أنه تسلم من فلان جميع الأرض السليخة الكائنة بمكان كذا. المعروفة بكذا - وتوصف وتحدد - ليزرعها من عنده - أو يقول: من ماله وصلب حاله - حنطة أو غيرها من أصناف الحبوب والمزروعات في سنة كذا، تسلما شرعيا، ومهما لحق ذلك من حرث وحصاد ورجاد ودرس ودراوة وغير ذلك من بداءة الزرع وإلى نهاية استغلاله يكون على فلان العامل المذكور. فإذا صار حبا صافيا كان لفلان كذا ولفلان كذا، حسبما اتفقا وتراضيا على ذلك. ويؤرخ.
فائدة: ربما اشترط الناس في المساقاة أو المزارعة ما يفسد عقدها، من عمل