غريم المرض. فيبدأ باستيفاء دينه. فإن فضل شئ صرف إلى غريم المرض وإن لم يفضل شئ فلا شئ له. ولو أقر في مرض موته لوارث، فعند أبي حنيفة وأحمد: لا يقبل إقرار المريض لوارث أصلا. وقال مالك: إن كان لا يتهم ثبت وإلا فلا. مثاله: أن يكون له بنت وابن أخ. فإن أقر لابن أخيه لم يتهم. وإن أقر لابنته اتهم. والراجح من قولي الشافعي: أن الاقرار للوارث صحيح ومقبول.
ولو مات رجل عن ابنين. وأقر أحدهما بثالث، وأنكر الآخر، لم يثبت نسبه الاتفاق، ولكنه يشارك المقر فيما في يده مناصفة عند أبي حنيفة. وقال مالك وأحمد:
يدفع إليه ثلث ما في يده، لأنه قدر ما يصيبه من الإرث لو أقر به الأخ الآخر، وقامت بذلك بينة. وقال الشافعي: لا يصح الاقرار أصلا، ولا يأخذ شيئا من الميراث لعدم ثبوت نسبه.
ولو أقر بعض الورثة بدين على الميت ولم يصدقه الباقون. قال أبو حنيفة: يلزم المقر منهم بالدين جميع الدين. وقال مالك وأحمد: يلزمه من الدين بقدر حصته من ميراثه. وهو أشهر قولي الشافعي. والقول الآخر: كمذهب أبي حنيفة.
فصل: ومن أقر لانسان بمال، ولم يذكر مبلغه. قال بعض أصحاب مالك: يقال له: سم ما شئت مما يتمول. فإن قال: قيراط أو حبة. قبل منه، وحلف أنه لا يستحق أكثر من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة والشافعي، لان الحبة مال. وقال بعض أصحاب مالك: يلزمه مائتا درهم، إن كان من أهل الورق. وعشرون دينارا إن كان من أهل الذهب، وهو أول نصاب الزكاة. وقال القاضي عبد الوهاب: وليس لمالك في ذلك نص. وعندي: أنه يجب على مذهبه ربع دينار. فإن كان من أهل الورق فثلاثة دراهم.
ولو قال: له على مال عظيم أو خطير. قال ابن هبيرة في الافصاح: لم يوجد عن أبي حنيفة نص مقطوع به في هذه المسألة، إلا أن صاحباه قالا: يلزمه مائتا درهم، إن كان من أهل الورق، أو عشرون دينارا إن كان من أهل الذهب. وقال الشافعي وأحمد:
يقبل تفسيره بأقل ما يتمول، حتى بفلس واحد، ولا فرق عندهما بين قوله: على مال، أو مال عظيم. قال القاضي عبد الوهاب: وليس لمالك نص في المسألة أيضا. وكان الأزهري بقول الشافعي. والذي يقوى في نفسي: قول أبي حنيفة.
ولو قال: له علي دراهم كثيرة. قال الشافعي وأحمد: يلزمه ثلاثة دراهم. وبه قال محمد بن عبد الحكم المالكي، إذ لا نص فيها لمالك. وقال أبو حنيفة: يلزمه عشرة دراهم. وقال صاحباه: يلزمه مائتا درهم. واختاره القاضي عبد الوهاب المالكي.