وقال الشافعي وأحمد، في أظهر روايتيه: هي مضمونة. وإذا غصب جارية ووطئها. فعليه الحد والرد عند الثلاثة. وقياس مذهب أبي حنيفة: أنه يحد ولا أرش عليه للوطئ. فإن أولدها وجب رد الولد، وهو رقيق للمغصوب منه. وأرش ما نقصته الولادة عند الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ومالك: إن جبر الولد النقص فلا أرش.
وإذا غصب دارا، أو عبدا، أو ثوبا، وبقي في يده مدة، ولم ينتفع به في سكن ولا كراء، ولا استخدام، ولا ركوب، ولا لبس، إلى أن أخذه من الغاصب، فلا أجرة عليه للمدة التي بقي فيها في يده ولم ينتفع به. هذا قول مالك وأبي حنيفة. وقال الشافعي وأحمد: عليه أجرة المدة التي كانت في يده أجرة المثل.
والعقار والأشجار تضمن بالغصب. فمتى غصب شيئا من ذلك. فتلف بسيل أو حريق أو غيره: لزمه قيمته يوم الغصب، عند مالك والشافعي، ومحمد بن الحسن. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن ما لا ينقل - كالعقار - لا يكون مغصوبا بإخراجه عن يد مالكه، إلا أن يجني الغاصب عليه ويتلف بسبب الجناية. فيضمنه بالاتلاف والجناية.
ومن غصب إسطوانه أو لبنة وبنى عليها لم يملكها الغصب عند مالك والشافعي وأحمد.
وعند أبي حنيفة يملكها، ويجب عليه قيمتها للضرر الحاصل على الباقي بهدم البناء وبسبب إخراجها.
واتفقوا على أن من غصب قطعة من ساج وأدخلها في سفينة. فطالبه بها مالكها، وهو في لجة البحر: أنه لا يجب عليه قلعها، إلا ما حكى عن الشافعي: أنها تقلع.
والأصح أن ذلك إذا لم يخف تلف نفس أو مال.
فصل: ومن غصب ذهبا أو فضة، فصاغ ذلك حليا، أو ضربه دنانير أو دراهم، أو نحاسا أو رصاصا أو حديدا، فاتخذ منه آنية أو سيوفا. فعند مالك: عليه في ذلك كله مثل ما غصب في وزنه وصفته وكذا لو غصب ساجة فعملها أبوابا، أو ترابا فعمله لبنا.
وكذلك الحنطة إذا طحنها وخبزها. وقال الشافعي: يرد ذلك كله على المغصوب منه.
فإن كان فيه نقص ألزم الغاصب بالنقص. ووافق أبو حنيفة مالكا إلا في الذهب والفضة إذا صاغهما. هكذا نقل في عيون المسائل.
وقال القاضي ابن رشد في المسائل: إذا غصب حنطة فطحنها، أو شاة فذبحها. أو ثوبا فقطعه. كان كل ذلك للمغصوب منه عند الشافعية والمالكية ولم يملكه الغاصب.
وكذلك إذا غصب بيضة فحطها تحت دجاجة، أو حبا فزرعه، أو نواة فغرسها. وعند الحنفية: تلزم القيمة.