عنه. وعنه رواية أخرى: أن على الجاني ما نقص. وقال أبو حنيفة: إن جنى على ثوب حتى أتلف أكثر منافعه، لزمه قيمته، ويسلم الثوب إليه. فإن أذهب نصف قيمته، أو دونها. فله أرش ما نقص.
وإن جنى على حيوان ينتفع بلحمه وظهره كبعير وغيره. فإنه إذا قلع إحدى عينيه لزمه دفع نصف قيمته. وفي العينين جميع القيمة، ويرد على الجاني بعينه إن كان مالكه قاض أو عدله. وقال في غير هذا الجنس: ما نقص. وقال الشافعي وأحمد: في جميع ذلك ما نقص.
ومن جنى على شئ غصبه بعد غصبه جناية، لزم مالكه عند مالك أخذه مع ما نقصه الغاصب، أو يدفعه إلى الغاصب، ويلزمه بقيمته يوم الغصب. والشافعي يقول:
لصاحبه أرش ما نقص، وهو قول أحمد. ومن جنى على عبد غيره. فقطع يديه أو رجليه. فإن كان أبطل غرض سيده منه، فلسيده أن يسلمه إلى الجاني، ويعتق على الجاني إن كان قد تعمد ذلك. ويأخذ السيد قيمته من الجاني أو يمسكه، ولا شئ له.
هذا هو الراجح من مذهب مالك. وفي رواية عنه: أنه ليس له إلا ما نقص، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: له أن يسلمه ويأخذ قيمته أو يمسكه ولا شئ له.
وقال الشافعي: له أن يمسكه، ويأخذ جميع قيمته من الجاني، تنزيلا على أن قيمة العبد كديته.
ومن مثل بعبد، فقطع أنفه أو يده، أو قلع سنه، عتق عليه عند مالك. واختلف قوله: هل يعتق بنفس الجناية، أو يحكم الحاكم؟ وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: لا يعتق عليه بالمثلة. ومن غصب جارية على صفة. فزادت عنده زيادة، كسمن، أو تعلم صنعة حتى علت قيمتها، ثم نقصت القيمة بهزال، أو نسيان للصنعة: كان لسيدها أخذها بلا أرش ولا زيادة. وهذا قول مالك وأبي حنيفة وأصحابه. وقال الشافعي وأحمد: له أخذها وأرش نقص تلك الزيادة التي كانت حدثت عند الغاصب. والزيادة المنفصلة - كالولد إذا حدث بعد الغصب - فهي غير مضمونة عند مالك وأبي حنيفة. وقال الشافعي وأحمد: هي مضمونة على الغاصب بكل حال.
فصل: واختلف في منافع الغصب. فقال أبو حنيفة: هي غير مضمونة. وعن مالك روايتان، إحداهما: وجوب الضمان. والثانية: إسقاط الضمان، والثالثة: إن كانت دارا فسكنها الغاصب بنفسه لم يضمن، وإن أجرها لغيره ضمن. فعلى هذا: إذا كان المغصوب حيوانا فرده لا يضمن. وإن أنكره ضمن. وعنه رواية رابعة أن الغاصب إذا كان قصده المنفعة، كالذي يسخر دواب الناس. فإنه يوجب ضمان المنفعة عليه رواية واحدة.