خرج الرهن من يد المرتهن على أي وجه كان بطل الرهن. إلا أن أبا حنيفة يقول: إن عاد إلى الراهن بوديعة أو عارية لم يبطل. وإذا رهن عبدا ثم أعتقه، فأرجح الأقوال عند الشافعي: أنه ينفذ من الموسر. ويلزمه قيمته يوم عتقه رهنا. وإن كان معسرا لم ينفذ.
وهذا هو المشهور عند مالك. وقال مالك أيضا: إن طرأ له مال، أو قضى المرتهن ما عليه بعد العتق نفذ. وقال أبو حنيفة: يعتق في اليسار والاعسار، ويسعى العبد المرهون في قيمته للمرتهن في عسر سيده. وقال أحمد: ينفذ عتقه على كل حال.
فصل: وإن رهن شيئا على مائة، ثم أقرضه مائة أخرى. وأراد جعل الرهن على الدينين جميعا، لم يجز على الراجح من مذهب الشافعي، إذ الرهن لازم بالحق الأول، وهو قول أبي حنيفة وأحمد. وقال مالك: بالجواز. وهل يصح الرهن على الحق قبل وجوبه؟ قال أبو حنيفة: يصح. وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يصح.
وإذا شرط الراهن في الرهن أن يبيعه عند حلول الحق وعدم نفعه. جاز عند أبي حنيفة ومالك وأحمد، وقال الشافعي: لا يجوز للمرتهن أن يبيع المرهون بنفسه، بل يبيعه الراهن أو وكيله بإذن المرتهن. فإن أبى ألزمه الحاكم قضاء الدين أو بيع المرهون.
والرفع إلى الحاكم مستحب عند مالك. فإن لم يفعل وباعه المرتهن جاز. وإذا وكل الراهن عدلا في بيع المرهون عند الحلول، ووضع الرهن في يده كانت الوكالة صحيحة عند الشافعي وأحمد. وللراهن فسخها وعزله، كغيره من الوكلاء. وقال أبو حنيفة ومالك: ليس له فسخ ذلك.
وإذا تراضيا على وضعه عند عدل، وشرط الراهن أن يبيعه العدل عند الحلول فباعه العدل، فتلف الثمن قبل قبض المرتهن. فهو عند أبي حنيفة من ضمان المرتهن. كما لو كان في يده. وقال مالك: إن تلف الرهن في يد العدل، فهو من ضمان الراهن، بخلاف كونه في يد المرتهن، فإنه يضمن. وقال الشافعي وأحمد: يكون والحالة هذه من ضمان الراهن مطلقا. إلا أن يتعدى المرتهن، فإن يده يد أمانة.
وإذا باع العدل الرهن، وقبض الراهن الثمن، ثم خرج المبيع مستحقا. فلا عهدة على العدل في البيع. وهو على المرتهن، لأنه بيع له. وقال القاضي عبد الوهاب: لا ضمان عندنا على الوكيل، ولا على الوصي، ولا على الأب فيما يبيعه من مال ولده.
وهو قول الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: العهدة على العدل، يغرم للمشتري ثم يرجع على موكله. وكذا يقول في الأب والوصي. ويوافق مالكا في الحاكم وأمين الحكم، فيقول: لا عهدة عليهما. ولكن الرجوع على من باع عليه إن كان مفلسا أو مليئا. وإذا