مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٩٣
معناه: خرج من بيته باكرا، وعلى التشديد معناه: أتى بالصلاة أول وقتها. وابتكر: أي أدرك أول الخطبة، وقيل هما بمعنى، جمع بينهما تأكيدا، وقوله: مشى ولم يركب، قيل: هما بمعنى واحد جمع بينهما تأكيدا. قال شيخنا: والمختار أن قوله ولم يركب أفاد نفي توهم حمل المشي على المضي وإن كان راكبا، ونفي احتمال أن يريد المشي ولو في بعض الطريق. والسنة أن لا يركب فيها ولا في عيد ولا في جنازة ولا في عيادة مريض ذهابا كما قاله الرافعي وغيره، إلا لعذر فيركب. أما في الرجوع فهو مخير بين المشي والركوب، لأنه (ص) ركب في رجوعه من جنازة أبي الدحداح، رواه ابن حبان وغيره وصححوه.
(بسكينة) إذا لم يضق الوقت كما قيداه في الروضة وأصلها لحديث الصحيحين أنه (ص) قال: إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة وهذا ليس خاصا بالجمعة بل كل صلاة قصدها المصلي كذلك. فإن قيل: قال الله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) * فظاهره أن السعي مطلوب. أجيب بأن معناه: امضوا، لأن السعي يطلق على المضي والعدو، فبينت السنة المراد به. والسعي إليها ما لم يضق الوقت وإلى غيرها من سائر العبادات مكروه، كما قاله الماوردي، أما إذا ضاق الوقت فالأولى الاسراع، وقال المحب الطبري: يجب إذا لم يدرك الجمعة إلا به. وحكم الراكب في ذلك كالماشي فيسير الدابة بسكون ما لم يضق الوقت. ويسن أن يذهب في طريق طويل إن أمن الفوات وأن يرجع في آخر قصير كما في العيد. (و) يسن (أن يشتغل في طريقه وحضوره) قبل الخطبة (بقراءة أو ذكر) لقوله (ص): إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يحدث، وإن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه رواه الشيخان. وجه الدلالة منه أن شأن المصلي الاشتغال بالقراءة والذكر.
ولفظ الطريق مزيد على المحرر بل على سائر كتب المصنف والرافعي، والمختار كما قال المصنف في تبيانه أن القراءة في الطريق جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها فإن التهى عنها كرهت، وقال الأذرعي: ولعل الأحوط ترك القراءة فيها فقد كرهها بعض السلف فيه ولا سيما في مواضع الزحمة والغفلة كالأسواق. (ولا يتخطى) رقاب الناس، لأنه (ص) رأى رجلا يتخطى رقاب الناس، فقال له: اجلس فقد أذيت وأنيت أي تأخرت، رواه ابن حبان والحاكم وصححاه، أي فيكره له ذلك كما نص عليه في الام، وقيل: يحرم، واختاره في زوائد الروضة في الشهادات. ويستثنى من ذلك صور:
منها الامام إذا لم يبلغ المنبر أو المحراب إلا بالتخطي فلا يكره له لاضطراره إليه. ومنها ما إذا وجد في الصفوف التي بين يديه فرجة لم يبلغها إلا بالتخطي رجل أو رجلين فلا يكره له وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلاء فرجة، لكن يستحب إذا وجد غيرها أن لا يتخطى، فإن زاد في التخطي عليها ولو من صف واحد ورجا أن يتقدموا إلى الفرجة إذا أقيمت الصلاة كره لكثرة الأذى. ومنها الرجل العظيم في النفوس إذا ألف موضعا لا يكره له لقصة عثمان المشهورة وتخطيه ولم ينكر عليه، قاله القفال والمتولي، وينبغي كما قال الأذرعي أن محل هذا فيمن ظهر صلاحه وولايته فإن الناس يسرون يتخطيته ويتبركون به، فإن لم يكن معظما فلا يتخطى وإن ألف موضعا يصلي فيه كما قاله البندنيجي. ومنها ما إذا سبق العبيد والصبيان أو غير المستوطنين إلى الجامع، فإنه يجب على الكاملين إذا حضروا التخطي لسماع الخطبة إذا كانوا لا يسمعونها مع البعد. ومنها إذا جلس داخل الجامع على طريق الناس. ومنها ما إذا أذن له القوم في التخطي، ولا يكره لهم الاذن والرضا بإدخالهم الضرر على أنفسهم، لكن يكره لهم من جهة أخرى وهو أن الايثار بالقرب مكروه، كذا قاله ابن العماد، ويؤيده قولهم:
ويحرم أن يقيم أحدا ليجلس مكانه، ولكن يقول: تفسحوا وتوسعوا فإن قام الجالس باختياره وأجلس غيره فلا كراهة في جلوس غيره، وأما هو فإن انتقل إلى مكان أقرب إلى الامام أو مثله لم يكره وإلا كره إن لم يكن عذر لأن الايثار بالقرب مكروه. وأما قوله تعالى: * (ويؤثرون على أنفسهم) * فالمراد الايثار في حظوظ النفس وهذا هو الظاهر، وإن كان ظاهر كلام المجموع أن الكراهة لا تزول بالاذن. ومنها ما إذا كان الجالسون عبيدا له أو أولادا، ولهذا يجوز أن يبعث عبده ليأخذ له موضعا في الصف الأول فإذا حضر السيد تأخر العبد، قاله ابن العماد. ويجوز له أن يبعث من يقعد له في مكان ليقوم عنه إذا جاء هو، ولو فرش لاحد ثوب أو نحوه فلغيره تنحيته والصلاة مكانه لا الجلوس عليه بغير رضا صاحبه، ولا يرفعه
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532