مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٠٢
تنبيه: لو علم السيد موضع العبد الهارب وأمكنه رده قال الزركشي: يتجه أن يجب لأن التسليم واجب عليه، ولو قتل العبد الجاني أجنبي قتلا يوجب مالا بأن قتله خطأ، أو شبه عمد، أو يوجب قصاصا وعفا السيد على مال تعلقت جناياته بقيمته لأنها بدله، فإذا أخذت سلمها السيد أو بدلها من سائر أمواله. فإن لم يعف السيد بل اقتص وهو جائز له. قال البغوي: لزمه الفداء للمجني عليه وأقراه وهذا كما قال شيخي مفرع على القول بأن الواجب القصاص أو الدية. أما إذا فرعنا على الأصح من أن الواجب القصاص فلا يلزمه شئ كالمرهون إذا قتل واقتص السيد (ولو اختار) السيد (الفداء فالأصح) وفي الروضة الصحيح وهو أولى (أن له الرجوع) عنه (و) أن عليه (تسليمه) حينئذ ليباع في الجناية لأنه وعد ولا أثر له، واليأس لم يحصل من بيعه. والثاني يلزمه الفداء عملا بالتزامه.
تنبيه: فهم من قوله: وتسليمه بقاء العبد، فإن مات أو قتل فلا رجوع له قطعا، ومحل الرجوع إذا كان باقيا كما قال البلقيني إذا لم تنقص قيمته بعد اختياره الفداء، فإن نقصت لم يمكن من الرجوع ويلزمه الفداء قطعا، لأنه فوت باختياره ذلك القدر من قيمته، فإن قال: أنا أسلمه وأغرم النقص قبل، وما إذا لم يحصل بتأخير بيعه تأخير يضر بالمجني عليه بالتأخير، فإن حصل وللسيد مال غيره فليس له الرجوع قطعا للضرر الحاصل للمجني عليه بالتأخير، ولو باعه بإذن المجني عليه بشرط الفداء لزمه الفداء وشمل كلامه الاختيار الفعلي كأن وطئ الأمة الجانية وليس مرادا فإن الصحيح أنه ليس باختبار، وقوله: وتسليمه منصوب عطفا على اسم أن، والمعنى وأن عليه تسليمه كما قدرته في كلامه، ولا يصح رفعه عطفا على ضمير خبر أن لأن التسليم عليه لا له. (ويفدي) بفتح أوله السيد وجوبا (أم ولده) الجانية حتما (بالأقل) من قيمتها والأرش قطعا، لأنه بالاستيلاد منع من بيعها مع بقاء الرق فيها فأشبه ما إذا جنى القن فلم يسلمه للبيع. وقال الإمام: السيد بالاستيلاد مستمتع بحقه متصرف في ملكه، فجعله ملتزما للفداء بجناية تحدث من بعد فيه غموض، ولكنه متفق عليه بين الأصحاب (وقيل) في جناية أم ولده، (القولان) السابقان في جناية القن، ولعل مأخذه جواز بيع أم الولد.
تنبيه: محل وجوب فدائها على السيد إذا امتنع بيعها كما اقتضاه التعليل السابق، فلو كانت تباع لكونه استولدها وهي مرهونة وهو معسر فإنه يقدم حق المجني عليه على حق المرتهن، وتباع وتعتبر قيمتها يوم الجناية على الأصح اعتبارا بوقت لزوم فدائها ووقت الحاجة إلى بيعها الممنوع بالاحبال، وقيل يوم الاستيلاد لأنه السبب في منع البيع. وشمل كلامه الأمة التي استولدها سيدها بعد الجناية وهو ظاهر، لكن الظاهر هنا كما قال شيخنا أن العبرة بقيمة يوم الاحبال إلا أن يمنع بيعها حال الجناية فتعتبر قيمتها حينئذ (وجناياتها) حكمها (كواحدة في الأظهر) فيلزمه للكل فداء واحد، لأن الاستيلاد منزل منزلة الاتلاف، وإتلاف الشئ لا يوجب إلا قيمة واحدة، كما لو جنى عبده جنايات ثم قتله أو أعتقه، فلو كانت قيمتها ألفا وجنت جنايتين وأرش كل منهما ألف فلكل منهما خمسمائة، فإن كان الأول قبض ألفا استرد منه الثاني نصفه، أو أرش الثانية خمسمائة استرد منه ثلثه، أو أرش الثانية ألف والأولى خمسمائة استرد منه ثلثها ومن السيد خمسمائة تمام القيمة ليصير معه ثلثا الألف، ومع الأول ثلثه كديون الميت إذا قسمت تركته عليها ثم حدث عليه دين آخر كأن حفر بئرا عدوانا فهلك بها شئ فيزاحم المستحق الغرماء ويسترد منهم حصته واستثنى البلقيني من ذلك أم الولد التي تباع بأن استولدها وهي مرهونة وهو معسر إذا جنت جناية تتعلق برقبتها، فإن حق المجني عليه يقدم على المرتهن فلا تكون جناياتها كواحدة، لأنه يمكنه بيعها، بل هي كالقن يجني جناية بعد أخرى فيأتي فيها التفصيل المار.
والثاني يفديها في كل جناية بالأقل من قيمتها وأرش تلك الجناية.
تنبيه: محل الخلاف أن يكون أرش الجناية الأولى كالقيمة أو أكثر أو أقل، والباقي من القيمة لا يفي بالجناية الثانية، فإن كان أرش الأولى دون القيمة وفداها به، وكان الباقي من قيمتها يفي الجناية الثانية فداها بأرشها قطعا.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548