مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٠
إجراء الخلاف للمعنى، واحتمل أن لا يجري، لأن أصلها معلوم. قال: ولم أر من تعرض لذلك اه‍. وإجراء الخلاف أوجه. (و) رابعها ما تضمنه قوله (إنما تسمع) الدعوى (من مكلف) أي بالغ عاقل حالة الدعوى، فلا تسمع دعوى صبي ولا مجنون، ولا يضر كونه صبيا، أو مجنونا، أو أجنبيا حالة القتل إذا كان بصفة الكمال عند الدعوى، لأنه قد يعلم الحال بالتسامع، ويمكنه أن يحلف في مظنة الحلف إذا عرف ما يحلف عليه بإقرار الجاني أو سماع كلام من يثق به، كما لو اشترى عينا وقبضها فادعى رجل ملكها فله أن يحلف أنه لا يلزمه التسليم إليه اعتمادا على قول البائع.
أفهم اشتراطه التكليف أن السكران المتعدي بسكره لا تصح دعواه، فإنه عنده ليس بمكلف كما مر في الطلاق، وإلا لاستثناه كما استثناه في الطلاق. ويجاب بأنه سكت عنه لما علم من هناك، وأنه لا يشترط في المدعي الرشد فتصح دعوى السفيه كما صرح به في المحرر، لكن لا يقول في الدعوى: واستحق تسليم ذلك، بل يقول تسليمه إلى ولي (ملتزم) فلا تسمع من حربي لأنه لا يستحق قصاصا ولا غيره قال في المهمات: وما ذكره الشيخان من أن دعوى الحربي لا تسمع ذهول عن قواعد مذكورة في السير، فقد نصوا هنا على أن الحربي لو دخل بأمان وأودع عندنا مالا ثم عاد للاستيطان لم ينقض الأمان فيه على الصحيح، وذكر مسائل من ذلك، ولهذا قال الزركشي: إن الصواب حذف قيد الالتزام. ويجاب عن قول صاحب المهمات بأن ما هنا في حربي لا أمان له وما في السير في حربي له أمان، فلا مخالفة، وعن قول الزركشي بأن المراد بالملتزم من له أمان فيدخل المعاهدة فإنه لا توقف في سماع دعواه بماله الذي استحقه على مسلم أو ذمي أو مستأمن مثله، ولا في دعواه دم مورثه الذمي أو المستأمن. وخامسها أن تكون الدعوى (على) مدعى عليه (مثله) أي المدعى عليه في كونه مكلفا فلا تصح الدعوى على صبي ومجنون، بل أن توجه على الصبي أو المجنون حق مالي ادعى مستحقه على وليهما، فإن لم يكن ولي حاضر فالدعوى عليهما كالدعوى على الغائب فلا تسمع، إلا أن يكون هناك بينة ويحتاج معها إلى يمين الاستظهار كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب القضاء على الغائب، فعلم من ذلك أن لا تنافي بين البابين، فما هنا محله عند حضور وليهما، وما هناك عند غيبته.
تنبيه: دخل في المكلف المحجور عليه بالسفه والفلس والرق، فتسمع الدعوى عليهم فيما يصح إقرارهم به فتسمع الدعوى على المحجور عليه بالسفه بالقتل، ثم إن كان هنا لوث سمعت مطلقا سواء أكان عمدا أم خطأ أم شبه عمد وإن لم يكن لوث فإن ادعى ما يوجب القصاص سمعت، لأن إقراره مقبول، وكذلك حد القذف فإن أقر أمضى حكمه، وإن نكل حلف المدعى واقتص، وإن ادعى خطأ أو شبه عمد لم تسمع، إذ لا يقبل إقراره بالاتلاف وتسمع على كل من المحجور عليه بفلس أو رق فيما يقبل إقراره فيه، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير ذلك في الدعاوى وأما كونه ملتزما فليس في المحرر والشرحين والروضة هنا تعرض له، وإنما فيها اشتراط التكليف خاصة. لكن إذا شرط الالتزام في المدعي، ففي المدعى عليه أولى. قال الزركشي: والظاهر أنه ليس بشرط هنا أيضا كما سبق انتهى. ويجاب عنه بما مر فتصح الدعوى على المستأمن وأما الحربي فإن لم يلزمه المدعى به لاتلافه في حال حرابته لم يسمع وإن أتلفه في حال التزامه، سمعت وهو إذ ذاك ليس بحربي. (و) سادسها أن لا تتناقض دعوى المدعى وحينئذ (لو ادعى) على شخص (انفراده بالقتل ثم ادعى على آخر) أنه شريكه أو منفرد (لم تسمع) الدعوى (الثانية) لما فيه من تكذيب الأولى ومناقضتها وسواء أقسم على الأولى ومضى الحكم فيه أم لا.
تنبيه: قد يفهم كلامه بقاء الدعوى الأولى بحالها وفيها تفصيل، وهو أنه إن كان قبل الحكم بها لم يمكن من العود إليها كما جزم به في الروضة وأصلها لأن الثانية تكذبها. وإن كان بعده مكن من العود إليها إلا أن يصرح بأنه ليس بقاتل. ومحل عدم سماع الثانية ما إذا لم يصدقه الثاني فإن صدقه فهو مؤاخذة بإقراره وتسمع الدعوى عليه على الأصح في أصل الروضة لأن الحق لا يعدوهما. (أو) ادعى (عمدا ووصفه بغيره) من خطأ أو شبه عمد وعكسه
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548